يبدو أن المواجهة بين حزب الأحرار و”البيجيدي” دخلت طورا جديدا، يتميز بالمواجهة بين وزراء الحزبين، فمن سيصمد من الطرفين إلى النهاية؟ المواجهة بدأها وزراء الأحرار طيلة أشهر، ركّزت من جهة على تقديم حزب الأحرار كمنافس جديد لحزب العدالة والتنمية، بعد ضمور وتراجع حزب الأصالة والمعاصرة الذي يعيش على وقع خلافات داخلية عاصفة، ومن جهة ثانية، ركّزت تصريحات وزراء الأحرار على الطعن في مشروعية “البيجيدي” والتشكيك في وطنيته. في هذا السياق، يمكن الإشارة إلى تصريحات الوزير رشيد الطالبي العلمي، الذي سبق وأن اتهم “البيجيدي” بالسعي إلى “تخريب البلد”. وحين تم الرد على العلمي من قبل الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية في بيان رسمي، تصدى عزيز أخنوش، رئيس الأحرار ووزير الفلاحة، بدوره لموقف “البيجيدي” ضد العلمي، منتقدا “محاولات الترهيب” التي قال عنها إن “لن تمنع مناضلي حزبه من إسماع صوتهم للمواطنين”. في حين تساءل محمد أوجار، وزير العدل وعضو المكتب السياسي لحزب الأحرار، في حينه “إذا كان هذا الأسلوب من أشكال الترهيب والوصاية يستهدف عضوا قياديا في حزب حليف، فماذا بقي للمواطن العادي الذي لا حول ولا قوة له؟”. تم تجاوز واقعة العلمي من الطرفين لاحقا، لكن دون اعتذار منه للحزب الذي يترأس الحكومة، كما طالب قياديون في “البيجيدي”، وتفرغ أخنوش ووزراء حزبه لحملة سياسية، إعلامية وحزبية في أكثر من جهة، تبشر بالفوز في انتخابات 2021، وهو الهدف الذي شدّد عليه أخنوش في كل خرجاته السياسية والإعلامية، ومنها حواره الأخير مع “جون أفريك”. وخلال مؤتمر ل”تجمعيي العالم” في إسبانيا قبل أسبوع، قال محمد أوجار عبارة لافتة للانتباه “إن عزيز أخنوش مفتاح لحل مشاكل المغرب الاجتماعية، وإن طموح الحزب هو أن يقود حكومة ما بعد انتخابات 2021”. عبارة “أخنوش مفتاح” أثارت ردود فعل واسعة من قبل قواعد حزب العدالة والتنمية والعاطفين عليه على صفحات “الفايسبوك”، الذين سخروا من العبارة، لكن يبدو أن تلك العبارة استفزت وزراء الحزب أيضا. ذلك أنه طيلة الفترة الماضية، التزم وزراء حزب العدالة والتنمية الصمت في الغالب، حتى نهاية الأسبوع الماضي. ففي ندوة للحوار الداخلي بجهة الدارالبيضاء-سطات، قال مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، إن حزبه “مازال وفيا لمنهجه في الخلق والابتكار في المشهد السياسي، حيث كانت مواقفه دوما ولازالت منذ تأسيسه مشرفة”. وأضاف الرميد في رد يهوّن من تصريحات وزراء الأحرار “ليس هناك حزب للأسف ينافسه، رغم أن البعض يقول إنه سيحتل الرتبة الأولى، فهذا حقه، لكن ما الذي سينقله من الرتبة الرابعة إلى الأولى؟ وماذا فعل العدالة والتنمية لكي ينزل من الرتبة الأولى؟” مشددا “على أن كل المعطيات، تؤكد أن العدالة والتنمية يعتبر الأول إذا احترمت الديمقراطية والتنافسية”. الرد الثاني جاء على لسان الحسن الداودي، وزير الحكامة والشؤون العامة وعضو الأمانة العامة ل”البيجيدي”، في لقاء حزبي بمدينة أكادير، اعتبر فيه أن “ترديد بعد قيادات الحزب المعروف”، في إشارة إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، بأنه “يسبق الأحداث وسيحتل الرتبة الأولى في الاستحقاقات الانتخابية سنة 2021، لن يكون ذلك إلا بعد حزب العدالة والتنمية الذي استطاع أن يكسب ثقة فئة كبيرة من المغاربة”. واعتبر الداودي أن “المقعد الأول محجوز للعدالة والتنمية، وأي سياسي يرغب في دخول غمار الانتخابات المقبلة، فعليه أن يعلم أنه سيكون بعد حزبنا”. واستطرد “أن المغاربة يفهمون ما بين السطور، ويفرقون بين أحزاب لديها قائد يتغير، لكن مسار الحزب يبقى قويا، وبين قائد يتجول بحزب في جيبه”. وأشار المتحدث إلى أن الأحزاب تقاس ب”إيمان منخرطيها بالنضال دون مقابل، وليس النضال الذي تربطه بعض الأحزاب بالمواقع والمناصب”. المواجهة بين وزراء الحزبين يبدو أنها “أسعدت” عبدالعزيز أفتاتي، عضو الأمانة العامة لحزب “البيجيدي”، الذي شدد على أن “مشاركة الوزراء في النقاش العمومي يعكس الوضع الطبيعي المطلوب، لأنهم يعرفون بعضهم جيدا سواء من حيث مستوى التدبير، أو من حيث المستوى السياسي”، وأضاف “قناعتي أن مساهمة الوزراء في النقاش مهم للرأي العام، لأن الداودي يعرف جيدا أخنوش، كما أن الرميد يعرف جيدا أوجار”. وواصل قائلا: “يجب أن نشجع هذا النقاش بين الوزراء، باش اللي خاصو يسكت، يجب أن يسكت”. مشددا أن “النقاش سيفرز من هو مؤهل للنقاش، ومن هم مجرد كراكيز”. وكان أفتاتي أول من أشعل المواجهة بين الأحرار و”البيجيدي”، بعد التحاقه بالأمانة العامة لحزبه، على خلفية التصريحات التي أدلى بها في تجمع حزبي بالفنيدق، استثمر فيها تقريرا برلمانيا حول أسعار “المحروقات”، لوصف أخنوش ب”مول المازوط”، وهو التصريح الذي ردّ عليه قيادي الأحرار والوزير رشيد الطالبي العلمي، من مراكش، حيث اتهم “البيجيدي” بأنه يسعى إلى “تخريب البلاد”.