يبدو أن تحركات رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، في عدد من الجهات استطاعت أن تجر حزب العدالة والتنمية إلى سباق انتخابي مبكر على مسافة ثلاث سنوات من انتخابات 2021، الذي حوّل الندوات الجهوية للحوار الداخلي إلى فرصة للتعبئة الداخلية، بل برمجة حملة تواصلية واسعة سيتم الإعلان عنها مباشرة بعد قافلة المصباح التي دأب الفريقان البرلمانيان للحزب على تنظيمها سنويا والمقررة أيام 29-30-31 مارس الجاري. أحمد البوز، أستاذ العلوم السياسية، يرى أن “البيجيدي”، ربما، يحمل طموحات الأحرار في الفوز بانتخابات 2021 على محمل الجد، خصوصا في ظل تراجع قوة حزب الأصالة والمعاصرة الذي يعيش على وقع الخلافات بين قياداته”، وأضاف البوز أن “لا شك أن قيادة حزب العدالة والتنمية تشعر بأن المواجهة الانتخابية سنة 2021 ستكون مع الأحرار، الذي شرع بالفعل في استقطاب الأعيان”. تؤكد تصريحات قيادة “البيجيدي” هذا التحليل، ففي افتتاح الندوة الجهوية للحوار الداخلي بالدارالبيضاء، أول أمس، قال مصطفى الرميد، في سياق إبراز قوة “البيجيدي” بأنه حزب ب”دون منافس حقيقي”، وفي إشارة إلى الأحرار أردف الرميد بالقول: “البعض يقول إنه سيحتل الرتبة الأولى، وهذا حقه، لكن كيف سينتقل من الرتبة الرابعة إلى الرتبة الأولى”، متسائلا في الوقت نفسه “ماذا فعل حزبنا لكي ينزل من الرتبة الأولى” وأكد أن كل المعطيات تؤكد أن “البيجيدي” سيظل “القوة الأولى إذا احترمت الديمقراطية والتنافسية”. تشير تصريحات الرميد إلى وجود شعور مسبق لدى قيادة “البيجيدي” بأن التنافس قد يكون شرسا، وبحسب البوز، فإن “المواجهة الانتخابية بين الأحرار والبيجيدي، ربما، تكون أقوى من 2016″، لأن الأحرار يزعم إمكانية الفوز بانتخابات 2021، في الوقت الذي يشعر “البيجيدي” أن “صورته لدى المواطنين قد خُدشت”، وأن “عناصر القوة التي كانت لديه في 2016 لم تعد كما كانت بالقوة نفسها”. يمكن تلمس المخاوف ذاتها في تصريحات الحسن الداودي، عضو الأمانة العامة للحزب، ففي افتتاحه الملتقى السنوي الأول بجهة سوس ماسة، قال إن نضالية “البيجيدي” “تقاس بنضالية أعضائه، فهو ليس حزب الصراع على المناصب”، وأضاف “ليس هناك حزب منافس للعدالة والتنمية حاليا، كما يدعي البعض، وسيحقق المرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة”. ومضى الداودي نحو تدقيق عناصر قوة حزبه بالقول “إضافة إلى ديمقراطيته الداخلية، فإن العدالة والتنمية يتميز بحرية التعبير التي جعلته تنظيما يتجاوز كل الإشكالات التي يخرج منها أكثر وحدة وتماسكا”. وحين تطرق الرميد من جهته إلى الخلاف الذي عاشه الحزب بعد إعفاء أمينه العام السابق، عبدالإله بنكيران، أكد أنه “بعد الاختلاف، التأم الشمل، وازدادت اللحمة قوة ومتانة، فبالقدر الذي نعمق فيه الحوار بيننا تزداد اللحمة والقوة”. وفي ردّ آخر على تصريحات أخنوش، قال سليمان العمراني، نائب الأمين العام ل”البيجيدي” في افتتاح ندوة جهوية للحوار الداخلي في خريبكة، أول أمس، إن “البعض يعيد إنتاج أطروحات أثبتت فشلها، بطريقة نَصِفُها كما وصفها إينشتاين بالحُمق، لأنهم ينطلقون من المقدمة نفسها وينتظرون نتائج مخالفة”. وأضاف العمراني “أصحاب تلك الأطروحات “مشاو للحايط”. لكن، ورغم ذلك، وحتى لا يُقال إن “البيجيدي” شرع في مواجهة انتخابية مبكرة مع حزب التجمع الوطني للأحرار، قررت قيادته إلغاء جلسة افتتاحية في مدينة الداخلة للإعلان عن انطلاقة قافلة المصباح، وتعويضها بمهرجان ختامي في مدينة الدارالبيضاء سيكون انطلاقة لحملة تواصلية ستضم بدورها مهرجانات وندوات، الهدف الرئيس منها “تحسين صورة الحزب” التي تضررت بفعل وقائع عديدة، منها “المسار الذي اختارته القيادة الحالية الذي لم يكن مقنعا لقواعد الحزب ولا لقاعدته الانتخابية”، يقول مسؤول قيادي، وهي الصورة التي “يستغلها خصومه جيدا”.