بإحساس عال، يشدو المعلم أحمد باقبو رائد الموسيقى الكناوية "معلم المعالمية". رغم كبر سنه، وتعرضه لوعكة صحية مؤخرا، كانت قد حجبته لبعض الوقت، إلا أن إسمه كنار على علم في أوساط رواد ومحبي موسيقى كناوة. يعتبر المعلم أحمد باقبو "معلم" فرقة كناوة بمدينة مراكش، واحدا من الوجوه الرئيسية لمهرجان كناوة بالصويرة، وهو أحد أعمدة هذا اللون الموسيقي ومؤسسيه. على عكس نجوم "كناوة" الذين لمعوا في منصات العروض، وألهبوا جماهير واسعة، أحمد باقبو لا يصعد المنصات، هو ملك الليالي الكناوية دون منازع. يدعوه عشاق "الحال" ليحل بينهم ويداوي جراحهم بلونه الغنائي الخاص. في لقاء ل"اليوم 24″ مع "معلم المعلمية" كما يدعوه كناوة أنفسهم، غنى احمد باقبو بإحساس عال لا تخلفه الجوارح، كلمات من عمق التراث الكناوي "من السودان جابونا، أه وباعونا"، كلمات تلخص قصة لون غنائي اختار مدينة الصويرة لينبعث نحو العالم، حيث يحكى أن موسيقى كناوة دخلت المغرب مع "العبيد" الذين استقدمهم سلاطين المغرب وكان معظمهم من السودان على عهد السلطان أحمد السعدي. يقول أحمد باقبو إن الموسيقى الكناوية دخلت المغرب قديما وإن لباس كناوة وشكل رقصاتهم له بعد افريقي ومرتبط بالمكون الزنجي في تاريخ افريقيا، إلا أن المغاربة طوروه ونظموه "هما دخلوا واحنا طورنا". يعتقد أحمد باقبو، كما كبار معلمي كناوة وروادها أن "تكناويت" حالة عشق خاصة تصيب ممارسيها، وأنها لهفة طبيعية تزرع فيه من الصغر ويسمونها "حالا"، ويعتقدون أن "الحال" يظهر في صاحبه "لي فيه الحال يبان". في هذا السياق، قال المعلم باقبو ل"اليوم 24 " إن المعلم الكناوي يولد لذلك "معلم يتزاد معلم من كرش مو". وعن صفات المعلم وكيف يصبح "مالكا لسر كناوة" قال باقبو إن المعلم يكون أصيلا، ويحمل إحساسا عاليا في جوارحه "ماشي غي ينوض وكون معلم". وروى باقبو مراحل تطور الكناوي والمسيرة التي يقطعها مبتدئا من السخرة إلى حمل القراقب، وتدرجه في عشق اللون الموسيقي. وأضاف باقبو أن كناوة تحتاج الموهبة، وأن من عشقها يأخذ "الإفادة والبركة". وكانت أهازيج كناوة تعبير عن المعاناة وتضرعا لله لتخفيفها. ويحكى أن صوت القراقب هو تجسيد لإيقاع السلاسل التي كان يربط بها "العبيد قديما"، وأن طريقة تردد إيقاع القراقب في كناوة مستوحى من إيقاع الاحتجاج الجماعي الذي كان يقوده المكبلون بالسلاسل بطريقة جماعية، لهذا ارتبطت موسيقى كناوة بالموجات الثورية واقتبست إيقاعاتها من جديد في موجة الموسيقى الشبابية التغييرية. أحمد باقبو يعترف أن "الفزيون" طورت الموسيقى الكناوية، ويقول "نحن سلمنا المشعل للشباب" و يضيف "كناوة زيانت وتعاطى لها الشباب".