أرقام صادمة تلك التي كشفها وزير التعليم العالي والبحث العلمي، سعيد أمزازي، يوم أمس أمام لجنة التعليم بمجلس النواب، تفصح في جانب منها عن جوانب في أزمة الجامعة المغربية، لكنها تشير إلى توجه الوزير الجديد نحو تعميم خيار التعاقد ليشمل الجامعات كذلك. من بين الأرقام المثيرة التي كشفها الوزير لأول مرة أن 25 في المائة من الطلاب الجدد في كليات الاستقطاب المفتوح، أي الحقوق والآداب والعلوم، لا يجتازون امتحانات الأسدس الأولى من السنة الجامعية الأولى في مسارهم الدراسي، وأن 43 في المائة من الطلاب يغادرون الجامعات دون الحصول على أي شهادة جامعية، سواء كان دبلوم الدراسات العامة (Deug) أو شهادة الإجازة. وأرجع الوزير هذا «الهدر المهول»، حسب وصفه، إلى ثلاثة أسباب رئيسة؛ الأول، انعدام التوجيه في ولوج كليات الاستقطاب المفتوح، فالطالب بعد حصوله على شهادة البكالوريا يُسجل في أي شعبة يشاء دون أي توجيه، أما السبب الثاني فهو المستوى العلمي المنخفض والذي يحول دون إنهاء الطالب سنوات الدراسة بالجامعة، فضلا عن سبب ثالث يتعلق بتدني المستوى اللغوي، ذلك أن 70 في المائة من الطلاب الذين يختارون شعبا تتطلب اللغة الفرنسية، مثل الاقتصاد أو العلوم، مستواهم في اللغة وفق الإطار الأوروبي المرجعي الموحد لا يتعدى مستوى مبتدئ (A1). الوزير أمزازي طالب بإحداث آلية للتوجيه التربوي للحاصلين على شهادة البكالوريا، حيث «لا يمكن أن نسمح لأي طالب بالتسجيل في أي شعبة يشاء، بل بناء على شروط محددة»، كما دعا إلى حوار من أجل حلّ مشكلة «لغة التدريس» بين التعليم الثانوي والتعليم العالي، وأوضح أن الطلبة الذين يسجلون في الجامعات ثم لا يجتازون امتحانات الأسدس الأول يفعلون ذلك من أجل الحصول على المنحة فقط، وليس بغرض الدراسة، كما أن الذين يواجهون مشكل اللغة الفرنسية يختارون التسجيل في شعب لا تتطلب تلك اللغة، ما يؤدي إلى الاكتظاظ، خصوصا في كليات الحقوق. القضية الثانية التي قد تعمق أزمة الجامعة تتعلق بتقاعد الأساتذة الجامعيين، فقد قدمّ الوزير أرقاما مثيرة، منها أن سنة 2019، على سبيل المثال، ستعرف إحالة 1378 أستاذا جامعيا على التقاعد، مؤكدا أن وزارة التعليم العالي طلبت 1400 منصب مالي من وزارة المالية من أجل تعويض المحالين على التقاعد، «لكننا لا نظن أنهم سيمنحوننا هذا الرقم». واعتبر أمزازي أن مشكلة التقاعد سترتفع أكثر في السنوات المقبلة، لأن هناك 6600 أستاذ جامعي لديهم أقدمية 30 سنة في التدريس الجامعي، وبإمكانهم طلب المغادرة في أي وقت، دون أن يكون للوزارة الوصية أي خيار آخر. وتساءل الوزير عما إذا كانت الحكومة قادرة اليوم على تعويض الأعداد الهائلة من الأساتذة المقبلين على التقاعد خلال السنوات القليلة المقبلة، مؤكدا: «نحن مهددون بكل معنى الكلمة»، قبل أن يكشف أن الوزارة بصدد التفكير في اللجوء إلى خيار التعاقد، على غرار ما جرى العمل به في قطاع التربية الوطنية..