رغم دوره المتزايد في رسم توجهات إصلاح التعليم، إلى أن حصيلة سير المجلس الأعلى للتعليم أبانت خلال السنوات الثلاث الماضية عن اختلالات مثيرة، سواء في تنظيم العلاقة بين مكوناته، أو في قدرته على تنفيذ التزاماته، فمن أصل 26 من المشاريع تمت برمجتها منذ سنة 2015، لم ينفذ المجلس منها، في صيغته الجديدة، سوى ثلاثة. فقد كشف تقرير داخلي حول حصيلة المجلس لثلاث سنوات، حصلت "أخبار اليوم" على نسخة منه، أن المجلس في صيغته الجديدة، أي منذ أن تولى رئاسته المستشار الملكي، عمر عزيمان، تمكن من إنجاز عدد من الأعمال البارزة، تمثلت في إعداد تقرير تحليلي حول تقييم حصيلة تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين 2000-2013، وبلورة الرؤية الاستراتيجية 2015-2030، كما أنه أصدر خلال الفترة نفسها عددا من الآراء والتقارير بلغ عددها 9، منها الرأي الاستشاري حول القانون الإطار لإصلاح التعليم. لكن هذه الإنجازات أخفت حصيلة هزيلة، جعلت المجلس يؤكد في الوثيقة نفسها أن أداءه "يشهد تراجعا متصاعدا يسائل مردودية وإنتاجية المجلس وهيآته"، وقدم مؤشرات على تلك التراجعات منها "ضعف ملحوظ في تنفيذ الميزانية، بحيث لم تتجاوز 48 في المائة إلى غاية شتنبر 2017، و0 في المائة على مستوى الالتزام المالي بأي نفقة تخص مشاريع اللجان وأعمال الدراسة والبحث"، علاوة على بطئها في إنجاز برامج عمل المجلس طيلة السنوات 2015 و2016 و2017، يدل على ذلك "إصدار ثلاثة مشاريع فقط، من أصل 26 مشروعا مبرمجا، مع العلم أن تلك البرامج استنفذت الزمن المخصص لها في دجنبر 2017". وتوقف المجلس عند الفتور الواضح "في حضور ومشاركة أعضاء المجلس في اجتماعات وأشغال اللجان"، وسجل أن المعدل العام للحضور بالنسبة إلى أعضاء اللجان "يتأرجح بين 5 و9 على مستوى اللجان الدائمة، وبين 4 و5 على مستوى مجموعات العمل الخاصة". واعترف المجلس بوجود "صعوبات وعوائق في السير العام للمجلس، وفي منهجية عمل هيآته، وفي العلاقات فيما بينها"، مشيرا إلى وجود "تفاوت بارز في وتيرة اشتغال اللجان وفي إنتاجيتها". وفسّرت الوثيقة نفسها ضعف الحصيلة والخلل في سير أعماله، بكون منهجية عمله تتسم بنقص الدقة في تحديد المهام والأدوار، ما يفضي إلى تداخلها، وضعف التنسيق بين هيئات المجلس، ووجود صعوبات في العلاقة بين اللجان والبنيات التقنية، وضعف تتبع عمل اللجان الدائمة، ووجود التباس في تحديد الخبرات التي تحتاج إليها اللجان، ومحدودية المعايير التي يتم اعتمادها في انتقاء الخبرات، وآليات تتبع عملها، وهي عوامل تؤدي إلى ضعف الإنتاج، وبالتالي يحد من دور المكتب الذي يقلص من عدد اجتماعاته. ووضع المجلس خطة طريق لتجاوز هذه الاختلالات، حدد أهدافها في ضرورة تدقيق أدوار ومهام هيآت المجلس، ودعم عمل اللجان بالخبرات، وتقوية دور المجلس لمواكبة أعمال هيئات المجلس، وتعزيز آليات التنسيق والمواكبة، وكل هذه الأهداف وضع المجلس مقومات لتحقيقها منها ضمان التقائية هيآت المجلس، وتعزيز تبادل الخبرات والمعطيات والوثائق، واعتماد مبدأ الواقعية في الإنجاز والبرمجة واحترام آجال الإنجاز، فضلا عن توضيح مهام الهيآت المكونة للمجلس والعلاقات بينها تلافيا للتداخل والتنافس فيما بينها.