للمرة الثالثة على التوالي، أمضى أهالي مدينة جرادة، ليلة بيضاء، بعد حادث مقتل "شهيدي الفحم"، اللذين قضيا نحبهما غرقا واختناقا، بعدما غمر الماء بئرا عشوائيا يستخرج منه الفحم الحجري. وشهدت المدينة طيلة ليلة أمس الأحد، حسب ما عاينه "اليوم24″، حركة دؤوبة من وإلى حي السمارة، حيث ترقد جثامين "شهيدي الفحم" في مستودع الأموات. واختار أهالي المدينة الاعتصام، لوأد أي محاولة لدفن الضحيتين سرا، كما كان سيتم مساء أول أمس السبت. ورغم الانخفاض الكبير في درجة الحرارة التي قاربت الصفر، إلا أن العشرات من شباب المدينة لم يبرحوا مكانهم من أمام مستودع الأموات، ناصبين خيمة اعتصامهم، للمطالبة بكرامة الشهداء، عبر توفير مراسيم دفن تليق بهم، وبكرامتهم هم كذلك، بتوفير حياة تضمن حقوقهم. ويقول المعتصمون، إن توالي احتجاجاتهم خلال الأسبوع الجاري، بدءا من انتفاضتهم ضد غلاء فواتير الماء والكهرباء، إلى احتجاجهم على وفاة شابين من المدينة غرقا في بئر الفحم، جر عليهم إنزالا أمنيا لم يعرفوه من قبل، حيث تزايدت الحواجز الأمنية المحيطة بالمدينة. ولم تعد مطالب المحتجين المعتصمين في جرادة مقتصرة على تعويض أسر الضحايا، بل تجاوزت موضوعهم لرفع شعارات مرتبطة بتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة، وإنصاف مدينة يقولون إنها كانت إلى وقت قريب تساهم ي30 في المائة من اقتصاد المغرب، ليجد أبناءها اليوم أنفسهم، بعد إقفال مناجم الفحم الحجري، عرضة للموت جوعا، أو الموت اختناقا بفعل تلوث المدينة، أو الموت خنقا في أحد المناجم التي تستغل بشكل غير قانوني.