هل كان المرحوم العلامة المختار السوسي يعلم يوما بأنه سيرد بكتاباته حول اللغة العربية على دعاوى إلغاءها من المقررات الدراسية المغربية واستبدالها باللهجة العامية؟ ذاك ما حمله رده، رحمه الله، من خلال الاطلاع على مؤلفاته، على مبادرة نور الدين عيوش فيما كتبه من مؤلفات قيمة. هكذا إذن، تحدث المرحوم المختار السوسي كأنه يرد على عيوش وأمثاله، في الجزء الأول من كتابه الضخم «المعسول» ويقول: «اللغة العربية هي شعار المغرب وكنزه الموروث المحافظ عليه، كلغة رسمية». واعتبر المختار السوسي، والمعروف كذلك بوزير التاج، أن الدولة العثمانية التي حكمت جل المنطقة العربية، حاولت عولمة لغتها التركية في بلاد العرب عدا المغرب الذي ظل مستقلا، وقال في هذا الصدد: "حتى يوم عمَّمتْ تركيا لغتها في جميع أنحاء بلاد العرب منذ أوائل القرن العاشر الهجري". وتساءل الفقيه السوسي ووزير الأوقاف في أول حكومة مغربية بعد الاستقلال "ليت شعري لماذا كنا نحرص على الاستقلال إن لم تكن أهدافنا المحافظة على اللغة العربية التي استمات المغاربة كلهم، عربهم وبربرهم، في جعلها هي اللغة الوحيدة في البلاد". يذكر أن العلامة المختار السوسي ألقي عليه القبض من طرف القوات الاستعمارية الفرنسية، ووضع في معتقل أغبالو نكردوس (إقليمالرشيدية) مع إخوانه من كبار الوطنيين المغاربة، ثم أفرجوا عنه فيما بعد وقضى خمسة أعوام في إقامته الجبرية بسوس منافحا عن وحدة المغرب ضد "الظهير البربري" الذي أصدره الفرنسيون أيام الحماية، وعارضهم وجاهر في منطقته بالحركة الوطنية.