/1 التمزيغيون والإيمان بالعرق الصافي: التمزيغيون لا يفرقون بين "العرق" و "الجماعة الإثنية"، بل يؤمنون بالعرق الصافي ألا وهو "العرق الأمازيغي" وعليه فإن حركات التمزيغ تعتبر كل من عاش في شمال إفريقيا أمازيغي الأصل في حين هذا الأصل مجهول. فالبربر حثما جماعة إثنية تتميز بلهجاتها المتشابهة ولها تاريخ وانتماء حضاري مشترك، وليس لهم عرق محدد نظرا لإختلاف المؤرخين في تحديد أصلهم وكذلك اختلاف النتائج المحصل عليها من الدراسات الجينية على البربر. أما الحديث عن عرق بربري يلزمه تحديد المراجع، فالبربر أوروبيون حسب المراجع الأوربية، وعرب حسب المراجع العربية، وحاميون حسب ابن خلدون ومجموعة من المؤرخين. /2 البربر والأصول الأوربية: فإذا بحثنا في الكتب الأوربية سنجد أنهم ينسبون البربر إليهم إذ ثمة معطيات عدة بنوا عليها أطروحة انتساب البربر إلى الجنس الوندالي الذي سبق له أن عاش بشمال أفريقيا. ويذهب البعض إلى أن البربر أحفاد "يافت" بن نوح عليه الصلاة والسلام انتقلوا من الهند مرورا بالشمال الأوربي قبل أن يستقروا في شمال إفريقيا. وقد دعمت هذه الأطروحة بالتشابه الحاصل بين اللهجات البربرية و اللغات الجرمانية الغربية وكذلك ببياض البشرة والملالمح الأوربية التي تتميز بها فئة لا بأس بها من البربر، ومن يعرف المغاربة سيعرف أنهم يشبهون اللهجة الريفية باللغة الهولندية. اللهجات البربرية واللغات الجرمانية: -نأخد على سبيل المثال كلمة UFOs التي تعني جسم غامض / غريب باللغة الألمانية، تقابلها Fos التي تعني "اليد" في اللفظ العامي لبعض اللهجات البربرية. " -يان / يوان (yan / yiwen)" وتعني الرقم واحد، تقابلها: "وان (one)" بالإنجليزية و وونو بالباسكية. -دادا (dada) تعني جدتي بأحد اللهجات البربرية، تقابلها داد (dad / dadi) التي تعني أبي بالعامية الإنجليزية. - الطائرة بالألمانية "Flugzeug" وبالبربرية "aguezder / aferfer". "ekf" -هي اعطي بلهجة الطوارق وتتشابه في طريقة النطق مع "give" بالإنجليزية و "giben" بالألمانية. -هناك تشابه واضح بين الإنجليزية كلغة والبربرية ككلام فيما يخص الضمائر الشخصية. "هي، هو": بالبربرية "it" التي تستعمل أيضا في اللغة الإنجليزية لغير العاقل. البربرية ككلام لأنها لا زالت تفتقر إلى معجم معترف به وإلى مرجع صرف وتحويل، بالإضافة إلى أن المفردات المستعملة تختلف من منطقة إلى أخرى. نأخد على سبيل المثال "وو / wu" التي تعني "من / من هو، من هي" يمكن استعمالها "وور / wur" في الكلام السوسي، كما في المثال التالي "وور / وو تيليد إديلي // wu / wur tellid idelli" عند من كنت البارحة. لكن الكلام الريفي شيئ آخر، بحيث تستعمل "و / u" عوض "وو، وور / wu، wur" في الكلام السوسي، على سبيل المثال "وو دين إڭين ورار" من يحتفل هناك. " -هناك": بالبربرية (dahin / dihin) بالألمانية .(dahin) Well -بالإنجليزية بمعنى ربما (probably) تقابلها (wohl) بالألمانية و (wullen) بالبربرية. يضيف الفرنسي "L. de Gèzeen" أن هناك صلة بين البربر و البسك داعما أطروحته بالروابط اللغوية بين البربرية والبَسْكِية وقد تعززت هذه الأطروحة سنة 1894 بعد أن أصدر المؤلف للساني الألماني "Von der Gabelentz" كتابا بعنوان "البسكية والبربرية." وفي سنة 1964 هبة رياح هذه الأطروحة من جديد بعد أن أصدر "HANS G. "MUkarovsky مقالات عن وجود لغة ما قبل البربرية المسماة بالموريتانية، انتقلت من صحراء الطوارق إلى بلاد البسك، مشيرا أيضا إلى أن هناك تشابه بين نظام الكتابة البسكية ونظام الكتابة الليبية القديمة. هذا من الناحية اللغوية، فيما يخص الصفات الوراثية فقد اعتمد "Antonio Arnaiz" الباحث الإسباني في علم المناعة في أبحاته على إبراز رصيد جيني مشترك بين البربر بمنطقة القبائل بالجزائر والبسكيين، وقد طرحت نتائج أبحاثه في مؤتمر حول الجينات البشرية في برشلونة {9، 10 نوفمبر 1995.{ وكانت النتائج كالتالي: بعد تحليل لنسخة الجين (الأليل (Alleles / عند سكان آيبيرية ومنطقة القبائل بالجزائر. ظهرت الصلة الوراثية والثقافية بين الباسك، القبائليين والإسبانيين. حافظ الشعب البرتغالي أيضا على درجة معينة من خصائص ثقافية وعرقية محددة منذ العصور القديمة. نتائج الدراسة الحالية لمستضد الكريات البيضاء البشرية (HLA) في الساكنة البرتغالية تبين أن لها خصائص مشتركة مع الباسك والاسبان من ريال مدريد. وتيرة عالية من الألائل أو النسخ المتنوعة لمستضد الكريات البيضاء البشرية تم العثور عليها كخصائص مشتركة: ) A29-B44-DR7} أوروبا الغربية( ) A2-B7-DR15 أوروبا الغربية ومنطقة القبائل( ) A1-B8-DR3 أوربا.{( الإسبان والقبائليين لديهم النمط الفرداني A33-B14-DR1 في وتيرة عالية نسبيا. وكذلك النمط الفرداني A30-B18-DR3 موجود في البسك، إسبانيا ومنطقة القبائل لكن لم يتم العثور عليه في البرتغال. أظهر البسك والقبائليين أنماط فردانية فريدة A11-B27-DR1 و A2-B35-DR11، والتي تبين درجة ربما أقل نسبيا من الإختلاط. ومن خلال هذه النتائج تبين أن شعوب البسك، إسبانيا ومنطقة القبائل متقاربين فيما بينهم بقدر ما هم منعزلين عن الشعوب الأخرى. /3 البربر والأصول العربية: فأما إذا اخترنا بالإضافة إلى المراجع الغربية أن نبحث في المراجع العربية التي تثبت عروبة البربر انطلاقا من الصلات التاريخية، الإجتماعية واللغوية، فسيبقى مصير البحث عن أصل العرق المسمى "بالأمازيغي" معلقا إلى حين أن تنفد إحدا المصادر. الهجرة العربية إلى شمال إفريقيا حسب المؤرخين العرب سبقت الفتح الإسلامي بقرون. فعروبة البربر قضية ليست وليدة اليوم بل قد أثيرت منذ عصر ما قبل الإسلام. وقد اهتم بها العديد من العلماء والنسابة العرب، نجد أغلبهم ركزوا على يمنية البربر أو انتسابهم إلى قبائل قحطان. في الجزء الأول من كتاب "الإكليل" للنسابة والمؤرخ "أبو محمد الهمدان" جاء في الصفحة 45 أن كنعان هو أحد أولاد عويلم بن سام وبأن موطن الكنعانيون الأصلي هو جنوب الجزيرة العربية، داعما ما اجتمع عليه المؤرخون العرب بأن قبائل البربر تنتسب إلى أمازيغ بن كنعان. قال ابن خلكان في معرض ذكر أصل الملثمين (الطوارق) "أصل هؤلاء القوم من حمير بن سبأ وهم أصحاب خيل وإبل وشاء ويسكنون الصحارى الجنوبية وينتقلون من ماء إلى ماء كالعرب وبيوتهم من الشعر والوبر"، وأضاف بن الأثير داعما نفس الأطروحة "الملثمين وهم عدة قبائل ينسبون إلى حمير أشهرها لمتونة زمها أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين وجدالة ولمطة وكان أول مسيرهم من اليمن أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه فسيرهم إلى الشام وانتقلوا إلى مصر ودخلوا المغرب مع موسى بن نصير وتوجهوا مع طارق غللا طنجة فأحبوا الانفراد فدخلوا الصحراء واستوطنونها إلى هذه الغاية". ويقول ليون الأفريقي في كتابه " وصف أفريقيا" " لم يختلف مؤرخونا كثيرا في أصل الأفارقة، فيرى البعض أنهم ينتمون إلى الفلسطينيين الذين هاجروا إلى أفريقيا حين طردهم الأشوريون، فأقاموا بها لجودتها وخصبها، ويزعم آخرون أن أصلهم راجع إلى السبئيين(أي الحميريين) الذين كانوا يعيشون في اليمن قبل أن يطردهم الأشوريون أو الإثيوبيون منها، بينما يدعي فريق ثالث أن الأفارقة كانوا يسكنون بعض جهات آسيا، فحاربتهم شعوب معادية لهم، وألجأتهم إلى الفرار إلى بلاد الإغريق الخالية آنذاك من السكان، ثم تبعهم أعداؤهم إليها، فاضطروا إلى عبور بحر المورة واستقروا بإفريقيا، بينما استوطن أعداؤهم بلاد الإغريق. كل هذا خاص بالأفارقة البيض القاطنين في بلاد البربر ونوميديا"... هذا وبالإضافة إلى التشابه في التقاليد والموسيقى الشعبية بين البربر وقبائل اليمن، بحيث أشارت دراسات أوروبية لعلماء في مجال الموسيقى إلى هذا التشابه، كانت أولها على يد "روبرت لخمان" سنة 1922م تم "هانس هلفرتس" (1933-1935م) مما يحتم افتراض وجود علاقة بين البربر وقبائل اليمن. كما لا يغيب على أحد منا تشابه أحياء مدن اليمن بالمناطق التي يسكنها البربر خصوصا في المغرب. ناهيك عما أورده "ابن بطوطة" في رحلته من تشابه بين قبائل ظفار وقبائل البربر. من الأطلس من اليمن يقول الدكتور عثمان سعدي: - 1 }عتز الشعراء البربر بأصلهم القحطاني اليماني الحميري، فقال الشاعر الحسن بن رشيق المسيلي، المتوفى سنة 463 ه، مادحا الأمير البربري ابن باديس الصنهاجي: "يا ابنَ الأعزة من أكابر حمير وسلالةَ الأملاك من قحطان". - 2 ويعتز الشاعر ابن خميس التلمساني المتوفى سنة 708 ه بأصله الحميري، فيقول: " إذا انتسبتُ فإنني من دَوحة يتفيّأ الإنسان برْد ظلالها، من حِمير من ذي رُعَينٍ من ذوي حَجْرٍ من العظماء من أقيالها". - 3 في بيتين يفتخر شاعر بربري طرقي بانتساب قبائل الطوارق البربر إلى حمير فيقول: "قوم لهم شرف العلى من حمير وإذا دُعوا لمتونة فهمُ همو، لِما حوَوا علياء كل فضيلة غلب الحياء عليهم فتلثموا{". قال "گرينييه" أن " اللغة العربية هي الوحيدة التي نفذت كثيرا إلى اللغات البربرية" ومنه فإن أقرب لغة إلى اللهجات البربرية هي اللغة العربية. وقد تم إثبات عروبة اللسان البربري أيضا، بحيث توصل الأستاذ محمد شفيق إلى تشابه كبير بين اللهجات البربرية واللغة العربية على مستوى أنماط التركيب الجملي والمقولات الصرفية، فالفعل البربري تابع لفاعله، دائما، من حيث التذكير والتأنيث والإفراد والجمع، سواء أكان الفاعل اسما ظاهرا أم كان ضميرا عائدا، أكان عاقلا أم غير عاقل. وفي هذا الموضوع ألف الباحث "محمد البومسهولي" كتابا "عروبة الأمازيغي بين الوهم والحقيقة" بين فيه عروبة الكثير من المفردات والأسماء والأرقام والأفعال في اللهجات البربرية المغربية مؤكدا بأن اللهجة البربرية عامة عبارة عن مفردات عربية صريحة فصيحة، أو مفردات مصرية قديمة أو عربية منسية، متروكة أو دخيلة وتارة غريبة تحتاج إلى وقت لإرجاعها إلى الأصل. كما صدر كتاب قيم للباحث العُماني "سعيد بن عبد الله الدارودي" أواخر سنة 2012 بعنوان "حول عروبة البربر" يثبت فيه عروبة البربر من خلال اللسان. بعض الأمثلة مما توصل إليه الباحثون عن علاقة اللهجات البربرية باليمنية: -1 اللهجة الشَّحْريَّة : إرْو: الولادة إيروت: الوِلادة يوتب: شمَّر الثوبَ عن ساقيه، أو الكُم من ذراعه إتُّوب: شَدَّ الإزار حول خصره، أو ربط الحزام حول وسطه. أكورات: الرئيس كيروت: الرئاسة، الزعامة، كار: شيخ القبيلة، الرئيس، الزعيم. إكوسّم: جَمَدَ الماءُ قِصِمْ: بَرَدَ، تطلق على الماء وغيره. تاغوفت: الربو، أي النفس العالي من عَلَّة في الرئة أغْتفتوت: الاختناق والضيق نَفَساً من الدُّخان، أو من الروائح الكريهة. أنّاف: التنحِّي نفا: النفور والإبتعاد تيشيت: القملة شينيت: القملة. إنغّل: انصَبَّ الماءُ إنْغِل: تصبَّبَ عَرَقاً. يوشكا: ذهب وجاء في البلاد إشِّيك: ذهب وجاء متسكعاً في البلاد، أو في الطرقات. أنفا: التلُّ، المكان المرتفع نُفْ: الشاهق الجبلي المرتفع. أمحروق: الغضبان حِرْق: السريع الغضب. أوركّت: سار على رجليه إريكت: سار بخطى وئيدة. أساكو: الغرارة سِكْتْ الغرارة. -2 لهجات ظفارية أخرى: إنفا: أفاد فلانا وأوصل إليه خيراً إنوفا: أفاد فلانا وأوصل إليه خيراً، (لهجة مهرية وحرسوسية( أفر: جناح الطائر فرفير: جناح الطائر، (لهجة حرسوسية( أورار: الشِّعْر، والإنشاد والتغني رِيوِي: الشعر، والإنشاد والتغني، (لهجة حَرْسوسية( أفردي: الأعور الأفرد: الأعور، (لهجة محوتية( دّاح: كذلك. داداح، الضرب في لغة الأطفال داح: الضرب في لغة الأطفال، (عاميِّة( إتفايَ: تثاءبَ تفوَّه: تثاءب، أسقطت الهاء في البربرية، (عاميِّة( تبحليست: التملق التبلحاس: التملق، (عاميِّة( -3 العاميَّة اليمنيَّة: تازّيت: الخنجر التوزة: غمد الخنجر. أكافالا: الإمساك بالهارب، الأسر الكَفْل: الإمساك بالهارب. أضو:الرائحة الضَّي: الرائحة الطيبة. تادّاغت: الإبط الدُغدُغ: الإبط (لهجة حضرمية( تاقلقولت: أم الرأس، الجمجمة القِلْقِلة: الرأس. أقرّو: الرأس القِرْقِرَة: الرأس. تاكركورت: الجمجمة الكُور: الرأس (لهجة حضرمية( أورد الباحث الجزائري الأستاذ بوزيان الدراجي مسألة كون أصول بعض من قبائل زناتة عربية دون الخوض فيها بما يجب معتبراً أن هذا النقاش لا بد من فتحه خاصة أن الدراسات اللغوية أثبتت أن لغة زناتة ذات أصول حامية سامية وأن اسم زناتة مستحدث. ومن مميزات زناتة لغتها المغايرة لكل لغات البربر، وطريقة عيشها التي تعتمد على رحلة الشتاء والصيف (الترحال والنجعة) و سكنى الخيام وتربية الإبل، والغارات وضرب الإتاوة والمغارم بل وأبعد من ذلك نظم الشعر بلغتهم، وقد حير هذا التشابه مع العرب قدماء المؤرخين إلى أن ضرب بن خلدون بفرضية كونهم عرب عاربة عرض الحائط قائلا أن وجودهم بأرض البربر قديم قدم البربر أنفسهم. /4 البربر والأصول الحامية: فحسب ابن خلدون الحق الذي لا ينبغي التعويل على غيره في شأن البربر أنهم من ولد كنعان بن حام بن نوح، وأن اسم أبيهم مازيغ وإخوتهم أركيش وفلسطين إخوانهم بنو كسلوحيم بن مصرايم بن حام. لقد قسم ابن خلدون شعوب البربر إلى إثنين "البرانس والبتر" وهذا اتفق عليه جميع المؤرخين، لكن لم يشر إلى كونهم من نفس الأب أو من أبوين مختلفين وهذا ما اختلف فيه غالبية النسابين. وهنا نلمس تناقضا صارخا بحيث يبقى نصف شعوب البربر مجهولي الأصل والهوية. }من حام بن نوح: "الحبشة، المصريين القدامى، البربر" أي الأفارقة ذوي البشرة السوداء/السمراء.{ تعزيز فرضية الأصل الحامي للبربر من خلال علم الوراثة: قام بهذه الدراسات الإثنية على البربر أكاديميون أغلبهم فرنسيون، في إطار مشروع إحياء القومية البربرية الذي لم تكن الكنيسة الكاثوليكية بعيدة عنها (ممثلة بأشهر الباحثين في المسألة البربرية الأب شارل دو فوكو، الذي لم يكن يخفي توجهاته التنصيرية)، بعد أن فشلت أولى محاولاتهم "الدراسات اللغوية والظهير البربري"، وذلك بمعيرة ألسنتهم بتوحيدها تحت لغة مشتركة. حصلت هذه الدراسات "الآديولوجية قبل أن تكون جينية" على نتائج تعزز أطروحة بن خلدون، بحيث اكتشفوا أن جينا مميزا يظهر ولو بنسبة ضئيلة في جل المناطق البربرية، وعليه فقد جزموا بأن هذا الجين "E-M81" هو المميز للبربر (وإن كان أكثر من 60% من الناطقين باللهجات البربرية لا يحملونه) ومن هنا نستنج أن تلك الدراسة كانت آيديولوجية بالدرجة الأولى تم شيئا آخر. E-M81} هو تحور من E-M35 ... إلى E الأكثر شيوعا في أفريقيا، وخلال نفس الدراسات توصلوا إلى حالات حيث حصلوا على تطابق بين الجين البربري ويهود الفلاشا "الإتيوبيين{." /5 وأخيرا، هل حقا هناك عرق أمازيغي ؟ حسب المعطيات التي لدينا البربر جماعة إثنية تختلف أصولهم من حامية "إفريقية" لسامية "عربية" لأوربية. وعليه فإن ما توصل إليه بن خلدون ليس إلا جزءا من الواقع. أما الحديث عن عرق "أمازيغي" بعد تحديد المراجع يلزمه تحديد الآيديولوجيا، آنذاك يمكنك اختيار أحد المراجع للإستناد عليها. لكن الصحيح في القول أن البربر جماعة إثنية تتميز بلهجاتها وثقافاتها المتشابهة. وقد أشار إلى هذا الباحث الفرنسي "Dr Ely Leblanc" بحيث كشف أنه من خلال تنوع النمط العرقي يمكن القول إن شعب البربر قد تألف من عناصر غير متجانسة، انضم بعضها إلى بعض في أزمنة تاريخية مختلفة وتفاوتت درجة تمازجها، لكن يبدو من الصعب تحديد الفرع الذي ينتسبون إليه ومن أين أتوا. ولا يمكن تقرير شيء مؤكد فيما يتعلق بالأصول الأجناسية واللسانية للبربر، ويجب الاكتفاء بالقول إن البربر اسم يطلق على أقدم السكان المعروفين عند بداية الأزمنة التاريخية في الشمال الأفريقي وكانت لهم علاقات بالفراعنة المصريين، أحيانا سلمية وأحيانا حربية. ويقول أيضا المؤرخ الفرنسي E.F. GAUTIER "ويلاحظ أنه لا يوجد كتاب واحد كُتِبَ بالبربرية، كما أنه لا توجد كتابة حقيقية لها، بل لا توجد لغة بربرية منظمة". /6 لمذا بربر وليس أمازيغ ؟ يقول "محمد المختار العرباوي" في مجلة الآداب المصرية: {البربر وهو اسم عربي قديم، ليس خاصا بسكان شمال إفريقيا وحدهم بل كان يطلق أيضا علي جماعات بالعراق وشرق إفريقيا ولا علاقة له البتة بكلمة varvaras اليونانية ولا كلمة Barbarus اللاتينية. وكلمة البربر ذات الطابع البدوي الصحراوي، اكتسبت قيمتها التاريخية منذ مجيء العرب المسلمين حيث صارت منذ ذلك الزمن علما متميزا يطلقه الناس جميعا علي سكان شمال أفريقيا، بعيدا تماما عن معاني الاستنقاص الموجودة في اللغتين اليونانية واللاتينية{. في القرآن الكريم يأتي الفعل "بربر" بمعنى "تكلم كثيرا" وأيضا في اللهجات البربرية يأتي الفعل "إبربر" بمعنى امتدَّ ظل النبات. وفوق ذلك فكلمة "بربر" تستحضر معها تاريخ الأمجاد الإسلامية عكس البدعة المصطنعة لا مدلول تاريخي لها "الأمازيغ". ولهذا لا نفهم سبب تحفظ البعض من هذه التسمية بل هي هويتنا البربرية التي نعتز بها كمغاربة. فالغريب هو أن من يتحفظون عن تسمية "البربر" لا يجدون مشكلا في مناداتهم بالفرنسية ."Bérbére" ومع ذلك اختاروا لهم اسما ولم يطلعونا على السبب. فلنعتبر أن "البربر" اسما قدحيا، ما السبب في اختيار تسمية "الأمازيغ" ؟ إذا كان السبب في اختيار تسمية أمازيغ كونها تحمل معاني نبيلة للتخلص والتخلي عما لقب به الأجداد عبر التاريخ، فهذا تبرؤ من الأصل وخجل من الإنتماء إليه، وكذلك تبني هوية أخرى غير هوية الأجداد (فقد سمعنا المؤرخين يتكلمون عن البربر لا الأمازيغ)، ومن هنا فعلى الفرنسيين أن يغيروا اسمهم كون الأخير اسما قدحيا وهو مشتق من اللآتينية "فرنجة" ويعني "همجي" أو غير مهذب. هناك العديد من الشعوب الذين يحملون ألقابا مستبشعة، ومع ذلك ظلوا متمسكين بها، فأغلبية الشعوب لم تختر لها لقبا وإلا لسموا العرب أنفسهم "الغاليين" والفرنسيين ..."Les Héros" بل هي ألقاب عرفت بها من قبل شعوب أخرى. }فالمغرب اسمه Maroc بالفرنسية Morocco بالإنجليزية وFas بالتركية "وتعني مدينة فاس{..." وقد يقول البعض (ممن يكذبون ويصدقون كذبهم) أن اسم "أمازيغ" الذي يعني "الحر النبيل" متداول عند البربر وهم يعرفون به أنفسهم. لكن نفس هذا الإسم يعني الأسود في لهجات بربرية مختلفة وقد ينطق أماهيغ أو أماشيغ أو أماجيغ أو أمازيغيون. أما السبب الثاني وفيه نوع من الطرافة، وهو أنهم سموا بأمازيغ نسبة لأبيهم مازيغ بن كنعان. لكن دعات التمزيغ الذين لا يكفون عن الحديث عن التهميش والإقصاء نسوا أن هذا الإسم يقصي نصف شعوب البربر. حسب ابن خلدون "يعود نسب البربر إلى جدين عظيمين هما: برنس، والأبتر" فالبرانس يعود نسبهم إلى مازيغ بن كنعان أما البتر من بنو قيس بن عيلان، وعليه فإن اسم أمازيغ لا يصح أن يطلق إلا على البرانس. كمغاربة نعتز بهويتنا البربرية وكعرب نفخر بالبداوة، لا نقبل صنع أمجاد خيالية. كما نرفض جملة وتفصيلا أن يتم فبركة هوية لنا داخل مختبر "المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية" أو "الجامعة البربرية بباريز". المراجع التي بني عليها المقال : 1- البربر والأصول الأوربية: [Relatedness among Basques, Portuguese, Spaniards, and Algerians studied by HLA allelic frequencies and haplotypes] [L. de Gèzeen, Basques Et Berberes.] [Michael Morvan, Les origines linguistiques du basque.] [Von der Gabelentz، البسكية والبربرية.] [HECTOR IGLESIAS, LA PARENTE DE LA LANGUE BERBÈRE ET DU BASQUE.] [HANS G. MUkarovsky, Die Grundlagen des Ful und das Mauretanische.] 2- البربر والأصول العربية: [أبو محمد الهمدان، الإكليل.] [البربر عرب قدامي ص167.] [ابن خلكان، أصل الملثمين.] [سير أعلام النبلاء.] [ليون الأفريقي، وصف أفريقيا.] [محمد البومسهولي، عروبة الأمازيغ بين الوهم والحقيقة.] [قراءة في رحلة ابن بطوطة لظفار.] [أصول اللغة الليبية القديمة، عبد العزيز سعيد الصويعي.] [تكلم اللهجة المهرية، محمد بن مسلم بن دبلان المهري.] [سِفر العرب الأمازيغ، علي فهمي خشيم.] [محمد البومسهولي، عروبة الأمازيغي بين الوهم والحقيقة.] [سعيد بن عبد الله الدارودي، حول عروبة البربر.] 3- البربر والأصول الحامية: [تاريخ ابن خلدون الكتاب الثالث في ذكر أخبار البربر.] 4- وأخيرا، هل حقا هناك عرق أمازيغي ؟ [E.F. Gautier: Consideration sur l'Histoire du Maghreb. Revue Africaine. Vol. 68 1927] [دراسات Dr Ely Leblanc.]