تتجلى أهم أسباب نهضة وتفوق اليابانيين في اهتمامهم بثقافتهم الأصيلة، عندما حافظوا عليها، وكيفوها مع الواقع المعاصر، زارعين حبها في نفوس أبنائهم، وجعلوا لغتهم الأم لغة التدريس في المدارس والجامعات. كما أن النهضة الصينية بدأت عندما أعلنها “ماوتسي تونج” ثورة ثقافية بالبلاد، في رجوع تام إلى الثقافة الصينية التقليدية، ونبذ ما سواها من قشور الغرب وثقافته. وهذا نفسه ما أكد عليه الدكتور المهدي المنجرة حين قال “لا توجد أي دولة في العالم انطلقت في المجال التكنولوجي دون الاعتماد على اللغة الأم”. وما تقدم دولة ايران اليوم، وبروزها كقوة اقليمية رائدة متفوقة في شتى المجالات إلا بتشبتها بثوابتها التاريخية الفارسية، لغة وحضارة، ففهمت سر تفوق أجدادها وسارت على نهجهم محققة معجزة أبهرت الغرب والشرق معا، باحثة عن نموذجها هي، لا عن نموذج مستورد صالح لبيئة ولشعب آخر. وهو التوجه الذي سارت عليه دولة ماليزيا، وهذا خير دليل على كون الإسلام بريء من التخلف الذي يعيشه معتنقوه، فهو لا يلغي الآخر، ولم ينادي قط بالتقليد الأعمى، وبتغليب لغة أو ثقافة على أخرى. وهذا نفسه ما فهمه أجدادنا الأوائل وآمنوا به، فعندما اعتنقوا الإسلام صاروا أكثر تشبثا به من العرب أنفسهم، بل ألفوا حوله المؤلفات باللغتين، مجتهدين في سبر أغواره، مؤسسين لأنفسهم مدرسة دينية خاصة بثقافتهم ومجتمعهم، موصلين راية الإسلام إلى الأقاصي، حاملين هم نشره والدعوة إليه شمالا وجنوبا، وهم في معزل عن عادات الشرق واجتهاداته الخاصة، فبنوا دولا وإمبراطوريات ما يزال التاريخ يذكرها، والبلاد تعيش على وقع بعض من أحداثها. وإذا كان معلوما أن كل حضارة تقاس قوتها بمدى انتشار لغتها وثقافتها، والأمر عندنا في المغرب أكثر وضوحا عندما نشاهد الصراع الثقافي المحموم بين المراكز الثقافية الفرنسية والاسبانية والانجليزية، لنشر ثقافتها ولغتها بمقابل رمزي أو مجاني في أحيان كثيرة. فما بالنا نتنكر لأنفسنا ونحقد على تراثنا وثقافتنا، خصوصا إذا تعلق الأمر بأمازيغية المغرب وثقافته وتاريخه؟ أليس من حق كل مغربي أن يسائل مسؤوليه ويحاسبهم عن هذا التهميش الممنهج والمقصود الذي تعرضت له ثقافة البلاد وهويته مند فجر الاستقلال، وما تزال، مع تحميلهم مسؤولية الأوضاع المزرية والمتدنية التي تشهدها مناطق بعينها؟ خصوصا وأن الذنب عظيم، كيف لا، فبعد أن كانت الغالبية الساحقة من سكان المغرب تتحدث الأمازيغية في فجر الاستقلال. انحدر هذا الرقم حسب الإحصاء الرسمي للسكان لسنة 2004 إلى 28 في المائة[1]، وذلك بسبب مبدأ التعريب الذي سرعان ما تحول إلى سياسة عامة تروم تعريب الهوية المغربية عبر تعريب المحيط وأسماء الأماكن والمواليد وكذا تعريب الذاكرة والتاريخ والشخصية الثقافية للمغرب2. إن جميع الدول الأمازيغية من الإمارات الصالحية والمدرارية والأوربية والبرغواطية إلى الإمبراطوريات الأمازيغية الكبرى كالمرابطين والموحدين إلى الدول الأقل انتشارا كالمرينيين والسعديين قد اعتمدوا لغة أقوامهم الأمازيغ سواء في بناء الدولة وتقويتها بالعصبية أو في إشاعة إيديولوجياتها السياسية، وهذا لم يمنع من وجود اللغة العربية في الأوساط الرسمية والدواوين والمراسلات3. وعليه فقد تمكن الأمازيغ من فك رموز سر النهضة وضبطوا سننها سائرين على قواعدها ومعالمها، ولم يرو التفوق في تبني لغة دون أخرى، بل حافظوا على خصوصية البلاد الثقافية. وهذا الفهم أتى من وعي حضاري سابق، فقد عرف الأمازيغ الحضارة منذ عصر الفراعنة، واحتكت الأمازيغية باللغات العريقة كالفرعونية واليونانية والسريانية والفينيقية واللاتينية. حيث يعود، على سبيل المثال، بناء مدينة تارودانت بسوس إلى عصر الرومان، وقد عرفت هذه المنطقة التعمير منذ القدم. إن الأمازيغية ليست وليدة اللحظة، ولا غجرية الطريقة، ولا استعمارية النشأة، وهي أرفع وأسمى من أن يخوض فيها كل من هب ودب حتى غدت علكة في جميع الأفواه، تتجادل حولها الأحزاب والهيئات، من أجل حاجات في نفس يعقوب يسعى لقضائها، وتطرح حولها أسئلة ساذجة من قبيل كونها لهجة أم ارتقت إلى رتبة لغة، فالأمر هنا لايعدو كونه تنكر للواقع، وسد للآذان عن الحق الصادع. وعموما فالأمازيغ يعرفون قدر أنفسهم، وليسوا في حاجة إلى اعتراف من أحد، فقد سطروا بطولاتهم ووضعوا بصماتهم بمداد من دم على صفحات التاريخ، لا أقدر لا أنا ولا أنت أن نمحوها، أو نحجب نورها بسياسات مبنية على الأمازيغوفوبيا المنبثقة من الصراع التاريخي بين الشلوح وأهل فاس. إنه مهما كانت جدوري ونسبي فعلي أن أفتخر بأصول بلادي الثقافية، تلك البلاد التي آوتني واحتضنتني بعدما طردت وجردت من أصلي. حيث كان من الواجب على العرب الأوائل السعي إلى حماية ثقافة شمال افريقيا من كل ما يتهددها، لا كما ورد في عريضة فاس وعريضة الرباط اللتين أصدرتهما الحركة الوطنية سنة 1930 احتجاجا على ظهير المحاكم العرفية المدعو “الظهير البربري” ضمن فقرة المطالب ما يلي” خامسا: احترام اللغة العربية لغة البلاد الدينية والرسمية، في الإدارات كلها بالآية الشريفة، وكذلك في سائر المحاكم، وعدم إعطاء أي لهجة من اللهجات البربرية أي صفة رسمية، ومن ذلك عدم كتابتها بالحروف اللاتينية”4 وفي سنة 1965، كتب أحد كبار الزعماء من التيار اليميني ما يلي «إنني أُوجّه قبل كلّ شيْءٍ اللوم على أجدادِنا من رجال العرب الذين حملوا رسالة الإسلام والعربية لهذا الوطن، فإنهم، عِوضاً عن أن يَنكبّوا على العمل لإكمال مهمّتهم التاريخية المقدسة، شغلوا أنفسهم بالتطاحن على الغنائم وعلى مقاعد الحكم، وخلّفوا في وطننا مشاكل اجتماعية لا يمكن أن نتجاهل مصدرها إذا كنّا نُريد أن نَبحث عن الداء ونلتمس له الدواء». ومِمّا يجدر الإخبار بِه أن الزعيم المعنيّ نَفْسه كان قد سبق له، أثناء أحد اجتماعات الهيئة التنفيذية لحزبه، سنة 1957، أن تساءل تساؤلاً غريبا إذ قال «...جلاءُ الجيوش الفرنسية، أيها الإخوة، واقع بالضرورة بعد بضع سنوات، وكذلك جلاء الجيوش الإسبانية، والجيوش الأمريكية. إنما مشكلنا المُزمِن هو مشكل البربر، فكيف جلاؤهم؟... »5 وكتب «مفكر مغربي» يساري من أنصار القومية العربية، مُبَيِّناً للخطّة التي ينبغي رسمُها من أجل تدارك مَا تأسّف لوجوده نظيره اليميني: «إن عملية التعريب الشاملة يجب أن تستهدف ليس فقط تصفية اللغة الفرنسية كلغة حضارة وثقافة وتخاطب وتعامل، بل أيضاً – وهذا من الأهمية بمكان – العمل على إماتة اللهجات المحلية البربرية منها أو العربية الدارجة... وتحريم استعمال أية لغة أو لهجة في المدرسة والإذاعة والتلفزة غير العربية الفصحى»6. كما قال منظر التعريب، الأستاذ علال الفاسي، مفسرا ضعف العربية بالمغرب وبطء انتشار التعريب بوجود الجبال قائلا “مشكلة العربية في بلادنا مزمنة، وأعني بذلك أن التعريب الذي بدأه أجدادنا لم يتم في هذا الوطن، فما يزال قسم من جبال المغرب لا يتكلم العربية ولا يتقن الكلام بها، وهذا على عكس ما انتهى إليه الأمر في كل من تونس وليبيا والبلاد المشرقية” ثم يضيف “وقد زاد في الطين بلة انعزال بعض الجبال التي وان احتفظت بارتباطها السياسي بالدولة فقد عاشت أجيالا حياة خاصة بها تتطور في دائرة العزلة وتنسى ما عرفته من العربية التي لا يبقى لها وجود في غير المسجد والكتاب القرآني وعلى ألسنة بعض الفقهاء”7 إن الحياة الخاصة التي أشار إليها علال الفاسي ما تزال آثارها باقية في بعض المناطق، حيث كان معظم الأمازيغ منظمين في اطار قبائل عبر كافة التراب الوطني ضمن ما يسمى ”بلاد السيبة”، غير أن قيام الملك عبد الحفيظ تحت حصار القبائل الأمازيغية لفاس العاصمة بتوقيع عقد الحماية عام 1912، الذي التزمت بموجبه فرنسا بالقيام ب”التهدئة” ونزع سلاح القبائل لصالح السلطة المخزنية قد أدى بعد حروب طاحنة امتدت على عشرين سنة إلى التفكيك التدريجي للبنيات القبلية التقليدية، والى هدم الأسس السوسيو ثقاقية للمجتمع الأمازيغي، مما فتح الباب على مصراعيه أمام مشروع تذويب الأمازيغيين في النظام الجديد، نظام الدولة الوطنية المركزية والموحدة على النمط الحديث، وقد تم ذلك خلال فترة الحماية في إطار مشروع يهدف إلى إحلال الثقافة واللغة الفرنسيتين محل اللغات المغربية، وأصبح بعد الاستقلال يتم في إطار مخطط يسعى إلى تعريب المغرب وخلق انسجام قسري تحت راية “العروبة والاسلام” التي ستصبح الشعار الرسمي لهوية الدولة المغربية. ولقد تم توقيع عقد الحماية في إطار تحالف واضح بين فرنسا والنظام المركزي والأرستقراطية المدينية وكبار الإقطاعيين والأعيان المحليين الذين سعوا إلى الاستفادة من الوضع الجديد بعد إضعاف القبائل، ونزع سلاحها.8 وما كادت سياسة المستعمر الفرنسي تتغير بعد ذهاب الماريشال ليوطي وتراجع المصالح الاقتصادية لأرستقراطية المدن، واتجاه سياسة فرنسا إلى تقوية البربر، لإضعاف العرش المغربي والسلطة المخزنية، بصدور ما يسمى بالظهير البربري، حتى تم ميلاد “الحركة الوطنية” المغربية بعد عشرين سنة من الاحتلال!!! فإلى وقت قريب، كانت القبائل الأمازيغية تعيش في أنظمة اجتماعية تنبعث كلها من روح جماعية، حيث يكون لكل قبيلة مجلسها المحلي السياسي المتكون من مختلف أسرها، وتخضع لمقاييس حية تنطلق من قواعد ديمقراطية سليمة في غالب أوجهها ومظاهرها، وأكبر شاهد على ذلك وجود مجموعات كبيرة من الألواح9 يوغل بعضها في القدم، وفيها إقرار العدل والمساواة في الحقوق والواجبات، ومن هذه الألواح ما هو أقدم من اكتشاف أمريكا بكثير10 وقد تأثر المرابطون ومن بعدهم الموحدون بنظام رئاسة الجماعة المعروف في سوس لبناء أسس إمبراطورياتهم، والتي لم تنهر إلا بعد استبداد الحكام بالسلطة فيها. ولا يَدّعِينَ أّحد أن الأمازيغية ليست إلا لهجات، قد فات الأوان لجمع شتاتها كما جُمع شتات اللهجات العربية إثر ظهور الإسلام. فَرَدُّنا عليه أن التاريخ لم ينته بعدُ، وأن اللغات كلها منشآت اجتماعية يُنشئها الناطقون بها، ثم يُهملونها أو يُنعشونها حسب الظروف التاريخية. إن اللغة النرويجية مثلا، لم تنشط إلا في بحر القرن التاسع عشر. أما الفلاماندية، في بلجيكا، فلم يُشرع في لمَّ شتات لهجاتها إلا في أواسط القرن العشرين؛ وهي اليوم لغةُ علم وتدريس في الجامعات يتفوق الناطقون بها شيئاً فَشيئًا على مُواطنيهم البلجيكيين الناطقين بالفرنسية.11 فالأمازيغ لم يشكوا يوما في لغتهم، خصوصا وأنها لغة الكتابة منذ القديم، فقد أشار العلامة المختار السوسي في كتابه “المعسول” إلى أن السكان الذين غطوا بساط جبال وسهول جزولة والذين حافظوا على الأخلاق، وشاركوا في جميع العلوم والفنون، كانت لغتهم لغة بربرية، وإلى الوقت الحاضر، وإلى ما شاء الله.12 ويضيف صاحب المعسول قائلا: “واللغة الشلحية13 قد دونت بها جميع العلوم والفنون المتداولة في ذلك الصقع من فقه، ومواريث، وحساب، وتوحيد، ونحو، ومواعظ، وأمداح وما إلى ذلك مما يسهل أن يحصل عليه الباحث متى أتى البيوت من أبوابها، كما أن التخاطب في المنزل وغيره، والدراسة والتربية في المدارس وغيرها، والخطب الحماسية وغيرها بها تكون،” ومن المؤلفات 14التي كتبت باللغة الشلحية بمنطقة سوس نذكر: * مؤلف في العقيدة للإمام المهدي بن تومرت المتوفى سنة 524ه. وهو أفصح أهل زمانه في هذه اللغة، وما زال مؤلفه هذا يحفظ وينقل شفاهيا في جزولة. * ترجمة القرآن الكريم للإمام المهدي المذكور، لكنه مفقود. * ترجمة مختصر الشيخ خليل بن إسحاق في الفقه للهوزالي الشيخ محمد بن علي بن ابراهيم المعروف ب “أكبيل”، وهو علامة كبير، طائر الصيت، كان قلمه يجول في العربية والشلحية، توفي في وباء سنة 1162ه شهيدا. وكتابه هذا ألفه منظوما وسماه “الحوض”. * ترجمة “بردة” الشيخ البوصيري في المدح النبوي لعبد الله بن يحيى الحامدي سماه ” تلقيح الصدور بما يورث السرور”. * قصيدة “النبي صاحب البراق” وهي رجز شلحي في مدح النبي صلى الله عليه وسلم * “قصة فتح إفريقيا” بنظم شلحي، * “معجم عربي شلحي في اللغة” لمؤلف ماهر في اللغتين ممن كان في عصر ازدهار الأندلس، * رجز شلحي يسمى ” بحر الدموع في المواعظ والرقائق” لأكبيل المذكور. هذا ناهيك عن عدة قصائد ومتون تعليمية بالشلحة تحفظ عن ظهر القلب في صفوف النساء على الخصوص، وفيها كل التفاصيل المتعلقة بأمور الدين وبالمذهب المالكي، كما أن المغنين الأوائل بسوس يعتبرون فقهاء، لكونهم يبلغون الأحكام والعبادات إلى الأميين عن طريق الشعر والغناء، كفرائض الصلاة وسننها، وكأحكام الحج وأركانه، على غرار “قصيدة الحج” للرايس واهروش رحمه الله. وفي المناسبات الاجتماعية السوسية، تجد الأمداح النبوية، والأدعية الشعرية، و الموعظة الدينية تختلط فيها العربية بالأمازيغية، نص الحديث يتلى من أحد الكتب المعتبرة، وتليه الترجمة والشرح بلغة القوم بآذان صاغية، تمازج يكاد يزيل الفرق بين لغة ولغة. فلا تنكروا للغة بها أرضعوا، ولا فرطوا في لغة عنها أجدادهم دافعوا، ليس للإقصاء عندهم مكان، وللحق سماعون في كل زمان، يأخذون به دون تعصب ولا وضع للأصابع في الآذان. وما يزال الأمازيغ متشبتون بلغتهم الأم رغم الضيق والتهميش، مع كبير اهتمام بلغة نبيهم صلى الله عليه وسلم، فما يزال الدين مصانا والعلم محفوظا على قمم تلك الجبال الأمازيغية التي أنجبت في أحلك الظروف رجالا صنعوا مجدا مايزال التاريخ يذكره ويحن الى عودته، وقد صدق المؤرخ العالمي الكبير “بروديل” حين قال متحدثا عن جبال المتوسط: “الجبال هي مصنع الرجال في خدمة الآخرين”. ثم إن اللغة العربية بالنسبة إلينا، نحن الأمازيغ، غُنْمُُ وكنزُُ ثقافي ورثناه عن الذين خدموها من أجدادنا، عن الجزولي، وابن مُعْطي، وأجرّوم، والحسن اليوسي، وغيرهم، ولم نأخُذها عن عقبة بن نافع ولا موسى بن نصير، ولا يزيد أبي مسلم وأمثاله. وفاؤنا لمواقف أجدادنا من العربية هوَ خير ضمان لاستمرارنا في خدمتها والتعلق بها، لأنها هي مفتاح التفقه في الدين، وهي أمتن الروابط التي تربطنا بإخواننا العرب في المغرب والمشرق.15 ومكانتها بتامازغا ما تزال كما هي، فلو تخلى العرب أنفسهم عن العربية، لوجدتها مصونة في المدارس العتيقة بالمجالات الأمازيغية. فما هذا إلا غيض من فيض، يوضح فعلا مدى جدارة وأصالة هذه الحضارة المهمشة بشكل متعمد وعلني، ولا سبيل لتنمية البلاد، والمضي في مسلسل النهضة، دون الإنصات إلى التاريخ، وإنصاف التراث، وإعطاء كل ذي حق حقه، من أجل مصالحة حقيقية تشاركية غير مفروضة من جانب واحد. وهذه أبيات شعرية تعبر عن حزن دفين، وإحساس بالظلم يجب تداركه، مأخوذة من إحدى قصائد الرايسة، فاطمة تابعمرانت، وفيها تقول: نشيت ءاغروش تياكالغيت نغ ءييي لاحي فل أضرب أوأعلق أو حتى أختطف تمازيغت ءافا تازالغ ءاوال نغ ءاياني على الأمازيغية أدافع فهي لغتي نكي ءاد ءيزوارن ويدا ءيران ءايي ناكرني أنا الذي سبقت هؤلاء الذين يريدون اقصائي نكا يان د ءايتما كين كولو سرتي ياني أنا مع اخوتي شيء واحد، وكلهم بي متحدون غيكلي س عيشن ءيزان كاس ءوكان نعيشي عيشتنا اليوم كما عيشة الذباب ءيغ ءيترس ف ءومدوز ءيش تيرمت نس ءيروحي.. يقع على القمامات، يأكل ثم ينصرف... أما مُواطنونا المغاربة الذين يعتزّون بعروبتهم، كما نعتزّ نحن بأمازيغيّتنا، فنحن وإيّاهم ذات واحدة. لا ينبغي أن يفتخر مِنّا ولاَ منهم بالنسب أحدُُ، إنّما غايتنا هي التعبير عن عَزمنا على مقاومة الهيمنة الثقافية لإِقبار قسم جِدّ مهم من تراثنا الحضاري، والساعيةِ في القضاء على لُغتنا الأصلية وفي طمس معالم البُعد الأمازيغي لهويّتنا المغاربية. إننا نؤمن بأن التنوع غنىً، وأنّ الاِختلاف مشحذَة لِلْهِمَم16، وأن المغرب يتسع للجميع، ولن يفرط في أي من مكوناته، وإلا غدى شيئا آخر غير المغرب. ————— 1- نسجل هنا تحفظا وعدة علامات استفهام حول هذا الرقم. 2 – أحمد عصيد، سياسة تدبير الشأن الأمازيغي بالمغرب، المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات،2009، ص:20. 3 – أحمد عصيد، سياسة تدبير الشأن الأمازيغي بالمغرب، المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات،2009، ص:10 4 – أحمد عصيد، سياسة تدبير الشأن الأمازيغي بالمغرب، المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، 2009، ص: 17 5 - محمد شفيق، بيان بشأن ضرورة الاعتراف الرسمي بأمازيغية المغرب، 2000، ص ص: 19، 20 6 – محمد شفيق، بيان بشأن ضرورة الاعتراف الرسمي بأمازيغية المغرب، 2000، ص: 20 7 – أحمد عصيد، سياسة تدبير الشأن الأمازيغي بالمغرب، المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، 2009، ص: 10 8 – أحمد عصيد، سياسة تدبير الشأن الأمازيغي بالمغرب، المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات،2009، ص ص: 13- 14 9 – اللوح أو سجل الأعراف، ويقع تحرير هذا اللوح في اجتماع عام ينعقد اما بمدرسة القبيلة أو بموسم من مواسمها، يتضمن قانون القبيلة ودستورها. 10- راجع كتاب: ألواح جزولة والتشريع الاسلامي، للأستاذ امحمد العثماني رحمه الله 11- محمد شفيق، بيان بشأن ضرورة الاعتراف الرسمي بأمازيغية المغرب، 2000، ص: 35 12- المعسول. محمد المختار السوسي. 13 – لقد اعتبر الأستاذ محمد المختار السوسي أن لغات البربر تنقسم الى ثلاث وهي: اللغة الشلحية، اللغة الأمازيغية، اللغة الريفية. مع الاشارة الى أن السوسي من أشد المدافعين على اللغة العربية وهي عنده معيار التقسيم الطبقي في المجتمع السوسي، حيث تفصل بين النخبة والعوام. 14 – يذكر أنه تم غض الطرف عن النهب الذي تعرضت له جل المكتبات بسوس، أثناء فترة الاستعمار وفي العقود الأولى من الاستقلال، حيث تم نهب عدة مخطوطات نفيسة باللغتين، وهو ما أدى الى فقدان جزء هام من الذاكرة الوطنية. 15 - محمد شفيق، بيان بشأن ضرورة الاعتراف الرسمي بأمازيغية المغرب، 2000، ص: 34 16 – محمد شفيق، بيان بشأن ضرورة الاعتراف الرسمي بأمازيغية المغرب، 2000، ص: 37