قال المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، إن من حق قوات الأمن استعمال القوة لفض أي تجمع أو مظاهرة بالطريق العمومي، مشيرا إلى أنه ينبغي أن يكون "في الحدود الدنيا التي تجعل التناسب مضمونا، وهو ما يعني أن الاستعمال المفرط للقوة ممنوع منعا كليا ويعرض صاحبه للمساءلة القانونية كحالة تعريض مواطن للجرح أو لعاهة مستديمة لا مبرر لها باعتبار رد فعل هذا الأخير الذي ينبغي دائما أن يتسم بالسلمية حتى لا يعتبر عون القوة العمومية في حالة دفاع شرعي إذا كان هناك أي إفراط في استعمال القوة من قبله". وأضاف الرميد، أن "لا شيء يبرر العنف الذي يسلط على مواطن كان متجمهرا ولم يصر عليه بعد الإنذار القانوني، كما أنه يعتبر اعتداء إقدام عون القوة العمومية على رفس مواطن جالس أرضا أو ركله وهو في حالة مغادرة للمكان كما حصل في حادث السبت الأخير"، مؤكدا على أنه "لا شيء يبرر مواجهة القوات العمومية بردود الأفعال بالسب والتعنيف التي تعرض صاحبها للمساءلة القانونية".
وأوضح المتحدث، أن حرية التجمهر "ليست إحدى الحريات المكفولة دستوريا فحسب بل إنها حق أساسي للمواطنين"، معتبرا كذلك أن "كيفية تعامل الدولة مع ممارستها يعتبر مؤشرا حاسما لتحديد مستوى تطورها الحقوقي، فالدول القامعة لهذه الحرية تشهد على نفسها بالاستبداد والسلطوية، وفي المقابل فإن الدول التي ترعى ممارسة هذه الحرية وتصونها فإنها تعطي الدليل على تقدمها الديمقراطي".
وأشار وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن حرية التجمهر "ليست مطلقة تمارس بعشوائية وفوضوية بل إنها كأي حرية ينظمها القانون"، مردفا قوله "لذلك تعتبر كيفية ممارستها من قبل الناس دليلا على مستوى وعي المجتمع وتطور ثقافته الديمقراطية. وبناء عليه يمكن القول بأن أي تطور ديمقراطي إنما هو نتاج طبيعي للتفاعل الإيجابي للدولة والمجتمع".
وأبرز الرميد، أن التجمهر "لا يتطلب أي تصريح مسبق خلافا للتجمع والمظاهرة بالطريق العمومي، ولا يجوز منعه إلا إذا كان مسلحا (كحمل العصي أو الحجارة من قبل أشخاص لم يتم إبعادهم من قبل المتجمهرين أنفسهم)، أو أحاطت به معطيات تجعله مخلا بالأمن العمومي (كعرقلة السير في الطريق العمومي أو رفع شعارات تمس بشكل واضح ومباشر بالثوابت الجامعة أو فيها مخالفة صريحة للقوانين كان تشوبها دعوات للاعتداء على الغير أو الممتلكات أو التمييز بكافة أنواعه)".
وأضاف قائلا "إذا قدرت السلطة العمومية أن هناك ما يستوجب فض التجمهر وفق ما هو مقرر قانونا فيلزم احترام الإجراءات الشكلية الجوهرية اللازمة والمتمثلة في إقدام ممثل القوة العمومية الحامل بوضوح لشارات وظيفته على توجيه آمر للمتجمهرين بفض التجمهر بواسطة مكبر الصوت طبقا لما ينص عليه القانون حسب التفصيل والدقة الواردين به".
وأشار المتحدث، أنه سبق له في عدة مناسبات التأكيد على أهمية التوثيق السمعي البصري لهذا الإجراء "الذي من شأنه المساعدة على انضباط المعنيين سلطات عمومية ومتجمهرين بحكم الإحساس بالرقابة وإمكان المحاسبة، كما أنه يمكن أن يكون دليلا هاما يرجع إليه عند الحاجة ممن له حق النظر، ولا أدري المانع من اعتماده إلى حد الآن باعتباره ممارسة فضلى في انتظار تأطيره بمقتضى القانون".
واعتبر الرميد، أن "من واجب المتجمهرين الانصراف بعد قيام ممثل القوات العمومية بالإجراءات المشار إليها أعلاه وفي حالة الامتناع فإن الممتنع يعتبر مرتكبا لجنحة التجمهر المسلح أو التجمهر المخل بالأمن العمومي حسب الأحوال. وفي هذه الحالة يمكن للقوات العمومية استعمال القوة لفض التجمهر".
وأوضح أن "تقدير مدى إخلال تجمهر معين بالأمن العمومي يبقى من اختصاص المسؤولين عن الأمن العمومي، غير أنه يخضع للرقابة القضائية البعدية، ولرقابة المؤسسات الرقابية كالبرلمان، وتقييم مكونات المجتمع المدني والصحافة وغيرها مما يجعل كل سلطة تمارس صلاحياتها تحت مراقبة سلطات أخرى".