بعد أن التهمت النيران أكثر من 200 هكتار من الغطاء الغابوي، بسبب الحريق الذي عرفته غابة مديونة والسلوقية بطنجة منذ السبت الماضي إلى غاية يوم الثلاثاء، يتطلع مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بالمدينة، إلى إطلاق مبادرة ميدانية لتشجير المنطقة، بتعاون بين جميع المؤسسات والفعاليات المحلية، "كدليل على إرادة أبناء المدينة وتشبثهم بغابتها وذلك وفاء لتعاقد مبدئي يجعل من غابات طنجة خط أحمر". مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة، وفي بيان له توصلت "الرأي" بنسخة منه، أوضح أنه وبعد تتبعه عن قرب وبشكل مستمر طيلة الأيام الماضية ظروف وتطورات الحريق، فقد سجل "خلال اللحظات الأولى استصغار السلطات للحريق في بدايته وعدم ايلائه الأهمية المطلوبة، إذ كان من الممكن محاصرته والقضاء عليه في الساعات الأولى من مساء الجمعة أو خلال صبيحة يوم السبت، خاصة أن الغابة قريبة من المصادر اللوجستيكية للإطفاء".
وأضاف المرصد، أنه "مع توالي الساعات وتمدد المساحات التي شملتها النيران لوحظ غياب المواكبة الكافية والاكتفاء بالإمكانيات المحلية المحدودة والضعيفة، مع منع المواطنين من تقديم المساعدة التطوعية"، معلنا أسفه عن "عدم مسارعة الهيئات المنتخبة وولاية طنجة ومندوبية المياه والغابات إلى الخروج بمواقف رسمية حازمة وواضحة وقاطعة عبر اتخاذ ما يناسب من إجراءات لوقف النيران والمبادرة إلى طمأنة الساكنة حول مستقبل هذه الغابة".
وأعلن مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية، "تقديره الكبير للمجهودات الجبارة للفرق الميدانية التي تعمل على امتداد ساعات الليل والنهار وتسابق الزمن في ظروف جوية صعبة وقلة الوسائل المادية"، معبرا في الوقت ذاته عن "استياءه الكبير من تعاطي الإدارات العمومية من ولاية ومندوبية المياه والغابات ومحاربة التصحر والوقاية المدنية مع هذه الكارثة والتي لم تعرها الاهتمام الكبير في لحظاتها الأولى وعدم مواكبة الحريق بما يلزم من إجراءات، كما يستهجن صمتها المطبق ورفضها تقديم المعلومات الضرورية بهذا الخصوص".
ودعا مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة، ومقاطعة المدينة، والمجلس الجماعي، "كل في مجال اختصاصه إلى تحمل مسؤوليته الكاملة في هذا الخصوص"، مجددا طلبه الذي تقدم به في مذكرته بخصوص مشروع تصميم التهيئة الحالي، "وذلك بالتنصيص على منطقة مديونة والسلوقية والرميلات كمنطقة خضراء ومحمية طبيعية".
وطالب المرصد "بالتزام واضح ومعلن بضرورة إعادة التشجير الشامل للمنطقة المنكوبة في أقرب الآجال مع ضرورة نزع الملكية من الخواص وتحفيظ الغابة كملك للدولة المغربية"، مبديا الحاجة إلى "ضرورة الإسراع بإخراج المخطط الجهوي للمناخ وتضمين جزء منه لتناول مسألة حماية الغابات من الحرائق ضمن وسائل التكيف والملائمة".
وأوضح مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة، أن "الغابات الحضرية للمدينة كانت على امتداد سنوات طويلة مجالا مستباحا لوحوش العقار ولوبياتها الوسيطة، والتي لا تزال إلى اليوم تتربص بما تبقى من هذا المجال الغابوي"، معربا عن تخوفه "من أن تكون الحرائق الجارية هو فصل جديد من فصول الإجهاز على غابات المدينة".