للفنانين كتاب مفتوح مع الكرة والرياضة والعشق الحالم للنجوم والأندية والأبطال· للفنانين علاقة مع الرياضة وأدواتها اللوجستيكية، وعلاقة مع الذات الناعمة برشاقة التمرين الرياضي، وللفنانين أيضا لغة رياضية منسجمة مع ثقافة الفن وحواره الخاص بين الكلمة واللحن والصوت الجذاب، لكن رغم كل هذه العلائق أثارني موضوع الوجه الآخر >للرياضية<· في ميوله الفكري وبنك معلوماته واختياره حسا جديدا للإعتراف الكبير بالفنان المغربي أيا كانت نجميته العالية في تثبيت الحب العذري لمدينته وفريقه ومنتخب بلاده، وما أثارني بالصدفة أن الفنان محمد الغاوي وهو يتحدث بلسان الرياضي، يحيلك على حب استراتيجي غير حاضر في الحوارات الفنية مطلقا إلا بالنثفة والسؤال العابر، علما أن الإختصاص الإعلامي بالمغرب قليل جدا ومجرد من حس غزو عقل أي فنان كان مطربا أو مسرحيا أو ممثلا·· وعندما يغير الفنان الغاوي وغيره من الفنانين الذين تعلقوا بالرياضة بكل فروعها نغمة الحوار الفني بما هو رياضي، ستتأكد أن الذوق الرفيع لأي مجال بمثابة طبق شهي في كبريات الإحتفالات·· والغاوي عندما تحدث بقلب سلا، وعادات سلا وحبه لمدينته وأجيالها ونجومها وروادها، إنما احتفل بمدينته وبطريقته الخاصة بكل ألوان المتعة والفضاء الذي تربى خلاله بلغة وطقوس الرياضة قبل أن يكون فنانا· حقا شكل محمد الغاوي الإستثناء لأنه أيضا تحدث بلسان كل الفنانين السلاويين وفناني كل هذه الأرض العزيزة، وشكل الإضافة لصوت تعلق برياضييه كما تعلق الرياضيون أساسا بفنانيهم، وشكل أخيرا نموذجا حيا لحوار مطلق يميل إلى نبذ الشغب وينزع نحو التسامح الرياضي والروح العالية، ويميل في الإتجاه الآخر لثقافة البحث عن الهوية والموهبة الضائعة في الكرة على غير ما تشهده الساحة الفنية من التضاد لمفهوم الإنسياب الكبير للمواهب والأصوات·· ما قاله الغاوي في الوجه الآخر، هو وجه آخر في نظري لعمله الفنان الذي يدخل الملاعب بأذن مقفولة بالقطن دون أن يسمع ما لا يمكن أن يسمعه، هو وجه آخر لمحاصرة ومعاينة أي لاعب ونجم ومدرب ومسير عله ينتفع بقوة ما يراه من متغيرات على أرض الواقع·· والغاوي عندما تعلق بفريقه السلاوي ولازال حتى اليوم، إنما يؤرخ لجيل ينفتح على الصورة الخفية لأي فنان سواء كان بيضاويا أو رياضيا أو سلاويا أو مراكشيا، وكل الأصول الأخرى من جنس وثقافة الفنانين، ويفرخ في الإتجاه المعاكس حوار انفراديا للذات الشخصية في منبتها وعشقها الآخر·· هذا هو الغاوي·· المكتنز لأسلوبه الغنائي المحبوب في أي مكان بأرضه العزيزة، وهذا هو الغاوي الذي يتحدث إليكم في >الوجه الآخر< بوجه آخر غير مصطنع ومفبرك لأنه فعلا كان رياضيا قبل أن يكون فنانا، لكنه نجح في فنه وطبقه وشهرته بذات الحب الذي يرافقه مع أجيال ونجوم مدينته سلا عبر ربوع المغرب الحبيب، إلى آخر ختم أطل به رمزيا ومجازيا بنصيحة الدفاع عن الإطار المغربي مثلما أوحى به شكلا ومضمونا طابع بادو الزاكي مع منتخب المغرب في نهائيات تونس وفي أكبر ملاحم المغرب الكروية·