قمة كبيرة تضاعفت قيمتها من خلال تواجد مدربين كبيرين في شخص الزاكي بادو ومحمد فاخر كطرفين ووجهين لهما من الخبرة والكفاءة ما يؤهلهما لتقديم طبق كروي مثير ومغري بكل المقاييس. الرجاء صاحب الألقاب والتاريخ الكبير والمضيء في المسابقة والقرش العبدي المنتفض في الكأس والمتواضع بالبطولة والساعي للبصم على مفاجأة من عيار ثقيل. مواجهة واعدة وطبق كروي مغري بالكثير من توابل الفرجة على ملعب يضمن الأداء الراقي والإحتفالية. طريق الذهب لم تكن مهمة الفريقين صعبة كما لم تكن بالسهولة الكبيرة، حيث أجهز الرجاء على آمال النهضة السطاتية في مباراة لم تكن معها المقارنات متاحة لاختلاف القياس ولاختلاف الفوارق بين الطرفين. النسور الخضر عبروا بطريقة سهلة غير أنها لم تكن مقنعة قبل أن يزيحوا الفتح في مباراة أكثر قوة وبعدها الإطاحة بحصة عريضة باتحاد تمارة في المباراة التي شهدت انتفاضة للرجاء تهديفيا. مسار القرش كان مشابها للذي وقع عليه الرجاء حيث أجهز على فريقين من الهواة والقسم الثاني وهما الراسينغ ووفاق بوزنيقة قبل أن ينال العلامة المميزة في مواجهته للمغرب التطواني في مباراة اعتبرت الأفضل للفريق الآسفي. ومن بين المفارقات المثيرة بين مسار الناديين هو كونهما مرا من نفس المسالك (مواجهة فرق كل الأقسام) في واحدة من القواسم التي فرضتها القرعة في طريق الفريقين قبل الوصول للمربع الحالم. صحوة النسور يمكن وصف حالة الرجاء بالصحية وذلك على ضوء الإنتعاشة التي حققها في المباريات الأخيرة والتي استطاع من خلالها تجاوز فترة سوداء من مسيرته وهو الذي توج بطلا لمسابقتين الموسم المنصرم. النسور الخضر يخوضون مباراة الكأس إذن من موقع قوة بعد عبورهم لهذه المحطة المتقدمة وبعد تأكيد جاهزيتهم للدفاع عن اللقب الذي تحصلوا أمام الجيش الملكي الموسم المنصرم. الرجاء المتعافي والمبتعد بخطوة واحدة عن المباراة النهائية، يملك فرصة من ذهب لتأكيد الصحوة التي تجعل منه واحدا من الفرسان الكبار المرشحين للحفاظ على اللقب الذي بحوزتهم ولو أن مهمته أمام القرش لن تكون بالسهلة في ظل مفاجآت المسابقة التي طالما روضت أندية كبيرة تحت أقدام الصغار. القرش الحالم لم يكن أحد من عشاق الفريق يعقد آمالا أو حتى مجرد التفكير في بلوغ دور متقدم يتيح لفريقهم إمكانية المنافسة على التتويج بكأس العرش حتى والفريق يرتبط بمدرب كبير من طينة الزاكي بادو. أولمبيك آسفي الذي كان نشيطا خلال الميركاطو المنقضي والفريق الذي استعد بشكل جيد ورائع للموسم الكروي الحالي، خانه التوفيق بالبطولة الإحترافية قبل أن يعلن انتفاضته بالكأس وقبل أن يصحو على نحو مثير ويجهز على آمال المغرب التطواني الذي قدمته بعض القراءات على أنه من رواد الكرة الإحتفالية. وصول القرش لهذا الدور ومواجهته للرجاء المضغوط على الورق في ملعب محايد، معطى يقول بأن المفاجأة واردة بشكل كبير من هذا الفريق الذي يلعب مباراة للتاريخ تطل به على نهائي غير مسبوق. حوار مكرر يحمل تاريخ المواجهات بين الفريقين الكثير من الأسرار، حيث يتألق الفريق العبدي كلما حل بالدار البيضاء في حين ينتفض النسور وهم يحطون رحالهم بملعب المسيرة بآسفي. هذه المرة الأمور تختلف بعد أن وضعتهما القرعة بإسم العدل وباسم تكافؤ الفرص في مواجهة متساوية الحظوظ بمراكش لمناقشة كل طرف لحقه العادل في العبور. مباراة ثانية هذا الموسم بين الفريقين اللذين سبق لهما أن تواجها في أول دورات الذهاب من بطولة هذا الموسم وانتهت المباراة متعادلة بهدف في كل مرمى وهي المباراة التي شهدت جدلا تحكيميا انتهى بوضع المدافع خرماج في مرمى القرش بعد حادث طرد أحد رفقائه. صدام الزاكي وفاخر قطعا هو الصدام الأعنف والأثقل محليا في ميزان مواجهة المدربين المغاربة وحوارهم المباشر بعضهم لبعض، فاخر يراهن على الذهاب بعيدا في الكأس يفضلها والزاكي يتطلع للعب مباراة نهائية ثانية في مشواره، وهو ما يجعل من المباراة مفتوحة على سجال تكتيكي سيفرض على المدربين إخراج كل أدواتهما الممكنة بحثا عن بطاقة العبور للدور الحاسم. الزاكي يرفض الخسارة أمام فاخر والأخير يقبل بالخروج أمام كل المدربين إلا الإنهزام من الزاكي وهما اللذان تباريا الموسم المنصرم في محطة الديربي قبل أن يفرض فاخر منطقه في لقاء الكأس بالثلاثية الشهيرة التي أسالت الكثير من المداد يومها بعد تحكيم مثير للتيازي. هما إذن مدربان يزيدان المواجهة سخونة ويفرضان بخبرتهما الكبيرة وبالثقل الذي ميّز تجربتهما في الكأس والبطولة على حد سواء، متابعة شيقة لنصف نهائي طاحن وقد يكشف الكثير من الأسرار بعد نهايته التي لا بد لها أن تفرز مؤهلا وطرفا خارجا من مولد المسابقة الفضية.