ونحن نطوي صفحة والنشوة والإبتهاج بما سماه البعض تجاوزا ب «الإنجاز» ولو أنه لم ولن يكن كذلك، لأنه لا يوجد في كون الكرة وعالمها إنجاز إسمه الفوز ب «كأس ربع النهاية»، بل جاءت التسمية والوصف من وحي سواد المراحل السابقة وقتامة المشاركات المخيبة ومن فرط ما تعمق في ذواتنا من إحباطات. قد نتفق ويتفق معي البعض ولن يروق «الروناريون» المأخوذون بغرام الثعلب أن ما تحقق في الغابون لم يكن إنجازا بالمعنى الصافي للكلمة، واتفقنا أن الروح التي انبعثت بأوييم وردة الفعل التي انتصرت لكبرياء اللحظة ونحن نصعق بغيابات وزانة لقطع مهمة في تشكيل الأسود أكثر ما أضفى على ما تحقق تلك الهالة التي لا يتقاسمها الحكماء مع تلك الفئة المذهولة بما شاهدت. سيكون من المؤسف، بل من الخطير جدا أن نرسخ في ذهن هذا الجيل من الشباب ثقافة التهليل للإخفاقات والهزائم وأن نصور أمامهم عبورا عاديا لدور ثان من كأس إفريقية أعلنت الأسود بالصف السابع إفريقيا على أنه إنجاز وهو الخطر نفسه الذي ساهمنا فيه جميعنا ونحن نتغنى بعد مرور 13 سنة على ما حدث بتونس بالوصافة الشهيرة على أنه إنجاز ولو أن التاريخ يخلد فقط في سجلاته الأبطال. فلا وصافة تونس إنجازا ولا ربع نهائي الغابون كذلك، الإنجاز هو اللقب وما سواه هي مجرد ذكريات ونشوى لحظات تنسى بمرور الأيام ولا أحد سيقيم لها كبير وزن أو قيمة وإلا لحفظ لنا نفس التاريخ برازيل إسبانيا 82 وهولندا الأرجنتين 78 في سجلات المميزين وروائع الأبطال. ما جرني لهذا الموضوع وكأس إفريقيا تطوي سجلاتها بالغابون هو بلاغ الجامعة والصيغة التي وقع بها التي جاءت لتنفي ما تدوول بخصوص تحصين رونار بامتيازات مالية إضافية كي لا يفر الثعلب صوب محمية أخرى، وهي المرة الثانية التي يحدث فيها أمر كهذا بعد خرجة رونار نفسه بعد التعادل أمام الغابون وحكاية العرضين الصيني والجزائري قبل أن يعود السيد الناخب لينفي الثاني ويؤكد الأول في سياق ما كان له ليكون وفي دعاية ما وجدت لها سندا وخلفية إلا في ذهن مروجها. نحن مع الجامعة في ذكرها أنه لا زيادة في راتب رونار، ولا تعديل في بنود عقده لأنه لا يوجد ما يفرض الأول ويدعم الثاني. العقد شريعة المتعاقدين وهي العقود التي ترسمها الأهداف وليس العواطف، ولا يوجد عقد مدرب على مستوى العالم يتحسن بالكرة الجميلة والأداء بقدر ما تفرضه النتائج وإلا لكان غوارديولا قد عدل عقده مع برشلونة 50 مرة في العام الواحد. العقد كما حضرناه يوم تنصيب رونار وبلسان فصيح من لقجع، كان يلزم الثعلب بنصف نهائي الكان وتأهلا لاحقا لمونديال روسيا، وما كان على لقجع أن يؤكد مثلا في لحظة انبهار بالناخب أن الأخير تلقى عروضا من منتخبات إفريقية، لأنه بهذا يركب في نفس سفينة الدعاية التي يريدها المدرب الفرنسي لنفسه. إذن رونار بحسب العقد وليس العاطفة لم ينجز ما جاء في العقد ولم يصل الهدف المتعاقد معه، في انتظار المشهد الثاني المرتبط بالمونديال بطبيعة الحال وهو ما سيقرر كل مصير ممكن يهم الثعلب. قبل الكان خاض رونار 10 مباريات رفقة الأسود فاز في 6 وتعادل في 3 وخسر مباراة فنلندا، واستقبلت مرماه هدفين وسجل 10 منها 7 كرات ثابتة و4 ضربات جزاء. خلال الكان لعب رونار 4 مباريات رسمية فاز في مبارتين وخسر مبارتين واستقبلت مرمى الأسود 3 أهداف أي أكثر ما استقبله في 10 مباريات سابقة مجتمعة. في «الكان» ربح رونار 50 بالمائة من المباريات وسجل 50 بالمائة من كرات ثابتة وخسر 50 بالمائة من مبارياته وهو معدل متوسط بهذا التقييم. إذن لو حسبناها بمنطق العقل بعيدا عن حماسة العواطف الجياشة لبلغنا حقيقة الواقع كون حكاية الزيادة في الراتب غير ذات سند وما كان للجامعة أن ترد عليها ببلاغ طالما أن العقد الذي هو الشريعة الأصلية يلخص كل شيء كمرجع وغيره مجرد بدع للترويج. بسبب هذا قلت سابقا أن رونار توفق وأجاد بدهاء الثعالب فنال أجر الإجتهاد بالبقاء والإشادة، وغير هذا من المبالغة في التمجيد والدعاية المجانية سيكون سقوطا في حب الثعلب.