لم تختلف النسخة الخامسة للبطولة الإحترافية عن سابقاتها في كثير من التجليات وظلت نفس العناوين التقليدية حاضرة وحضر المسمى الجديد في طليعة مؤشرات التغيير بأن صارت البطولة بلقب «اتصالات المغرب». الفتح يعلن بطلا بمنتهى الإستحقاق بعد سنوات من العسر والإنتظار مستفيدا من توهجه أولا ومن تقاعس الكبار ثانيا. الوداد عجز عن الإحتفاظ بلقبه والنسور تهاوا ذهابا ولم يسعفهم السبرنت الختامي في اللحاق بالطابور المتقدم. التحكيم المدان والهداف الذي يقتات بالتقسيط والبرمجة المثيرة لكل أشكال الجدل والشغب الذي أرهق الظهر، هذه أبرزت تجليات الرصد التي تجدونها في المواكبة التالية. ماربيا وإسبانيا لربح الرهان قبل بداية البطولة وفي مشهد غريب بالفعل سافرت 9 فرق خارج المغرب و باشرت ظروف التحضير والإعداد خارجا منها 7 عسكرت بإسبانيا واثنان اختارا التحليق باتجاه الجارة الإيبيرية البرتغال (الوداد و النهضة البركانية). وبين مالقا وماربيا اختلف التنقل والتحضير وكانت الغاية هي الإستفادة من مقومات ولوجيستيك يضمن لهذه الأندية التوقيع على مسار موفق. في نهاية المطاف الفتح كان واحدا من الذين حلقوا بالخارج واستعدوا بإسبانيا وترجم مقدمات التهييء بلقب مستحق على أن فريقا من الذين تواجدوا أيضا بنفس البلد هوى للقسم الثاني وهو المغرب الفاسي . الفرق المغربية التي كانت تجد في السابق الملاذ في إيفران و جامعة الأخوين الحضن الذي يضمها كل صيف خلقت الإستثناء وراهنت هذه المرة على خرق هذا التقليد وهذه العادة وتحركت صوب الصفة الأخرى ليس للسياحة وإنما للتأكيد على نواياها الحقيقية وعلى أنها بالفعل مصممة على جعله موسما متميزا. الفتح بطل أحلاه لا أحد كان يراهن والبطولة تأخذ انطلاقتها على أن الفتح الرباطي سيكون من بين الفرسان المعنيين بالوشاح والفرسان الذين سيحين موعد الختم ليجدهم يعتلون البوديوم أبطالا، إلا أن الوقائع قدمت عكس هذه الترشيحات والتخمينات وظهر الفتح في صورة البطل الهلامي والبطل الذي استحق في نهاية المطاف أن يكون هو العريس. ما تأتى للفتح كان مستحقا قياسا بالإصرار والعناد الذي أظهره هذا الفريق وأيضا قياسا بالثبات على نفس الأداء (الفتح حل بالصدارة ذهابا وعاد ليحتل الصدارة إيابا) ورسم الفارق الذي مكنه من التتويج على الوداد وهو فارق نقطتين. لم يسرق الفتح الرباطي شيئا والدرع الأول والتاريخ الذي تأتى له بعد 70 سنة من المطاردة وملاحقة كان تتويجا لحسن النية أولا والتاطير الإحترافي ثانيا والدور الكبير الذي لعبه مدرب الفريق وليد الركراكي ثالثا وحتى تناغم المجموعة رابعا. الفتح انضم لخانة وقائمة الفرق المتوجة وكسر لعنة الغياب عن سجلات الفرق التي إلتحفت رداء البطل بعدما انضوى ضمن هذه الخانة رفقة الفرق المتوجة بالكأس الفضية. الوداد مكره لا بطل لم يكسر الوداد القاعدة ولم يكن استثناء لما حدث خلال آخر عقد بعدما عجز عن تكرار نفس الإنجاز الذي كان فريق حسنية أكادير قد حققه بالتتويج لموسمين على التوالي بين 2201 و2002. الوداد كان في طريق سالك وصحيح لتحقيق المراد ولبلوغ أهدافه سيما و أنه خلال فترة من الفترات كان يطمئن على صدارته وبعدد لا يستهان به من المؤجلات. الوداد لا يلومن إلا نفسه إن كان قد أكره على التفريط في التاج و له أن يعود لسجل مباريات وسلسلتها السوداء ليصل لحقيقة النزيف الذي كان سببا في تضييع حلم الإحتفاظ باللقب بخزائنه. الكوكب والحسنية والفتح والرجاء فرق انتصرت تباعا على الوداد ولو تعادل الوداد في هذه المباريات حتى دون حاجة لتحقيق الإنتصار لكان الفرسان الحمر أبطال وبفارق 4 نقاط عن الفتح. أساء الوداد تدبير مرحلة الإياب أو بأدق تعبير مرحلة من مراحل هذا الإياب وفي الخلاصة الرقمية الوداد تحصل على 28 نقطة بالذهاب ومثلها بالإياب، وهو الامر الذي كان بالغ الأثر الدور في تجريد الوداد من لقبه وغير مساره واتجاهه للفتح الرباطي الذي كان ذكيا خاصة في استغلال الصدام المباشر مع الوداد؟ حصان أسود يبعث بالشمال لا يمكن إلا أن يندرج ما قام به نادي اتحاد طنجة الموسم المنقضي إلا ضمن الظواهر التي تستحق الرصد والمتابعة، سيما وأنه كان حديث العهد بحضيرة الصفوة ولا أحد قدمه مرشحا للتنافس على المراتب المتقدمة فإذا به يوضع ضمن قالب الفرق المعنية باللقب 4 دورات قبل النهاية وكان حسابيا مؤهل لذلك. اتحاد طنجة لم يخذل أنصاره وليحتل الصف الثالث الذي هو مرادف لمشاركة قارية الموسم المقبل، وهو ما جعل النقاد يجمعون على أن فارس البوغاز هو بالفعل الحصان الأسود المميز وحصان طروادة الذي كان فاكهة البطولة وملحها، وليستحق كل إشادة ممكنة لما وقع عليه وحققه. اتحاد طنجة إذن تمرد على الكبار و تواجده بالبوديوم خلف الفتح والوداد هو نتيجة كبيرة تؤكد مساره الرائع والهلامي. قوى تقليدية على المحك الموسم قدم لنا مجددا فريقين كبيرين على هامش الأحداث وهما الجيش الملكي صاحب عدد الألقاب الوفير والقوة التقليدية البارزة بالبطولة وكأس العرش والرجاء البيضاوي الذي أنهى موسما ثالثا على التوالي من جون بصمة ومن دون لقب. المفارقة المثيرة في مسار الجيش والرجاء كونهما معا استبدلا الإطار التقني وكلاهما بصم على عودة خرافية في الإياب مع امتياز للنسور الخضر. هذا السبرنت النهائي لم يسعف لا الجيش الملكي ولا الرجاء في تحصيل المتصدر وحتى الوصيف ولو مع ما بذله عبد المالك العزيز رفقة العساكر للحاق على الأقل بالوصافة. و قدم الجيش نفسه طرفا منافسا في فترة من الفترات غير أن النزيف الذي عاناه مع البرتغالي روماو مكن العساكر من احتلال الصف الرابع وهو نفس التصنيف الذي أنهى به الذهاب. الرجاء حاول هو الآخر أن ينقذ موسمه وبذل مجهودا خرافيا لتدارك النقص التنقيطي الذي كان قد تسببت فيه فترتي كرول والطوسي، ولينتهي الأمر بالنسور الخضر بالصف الخامس وهو إنجاز لم يسر أنصار الفريق الأخضر الذين تقبلوا وبمرارة أن ينهوا الموسم بتواضع. المصعد الإعتيادي والنمر ينتحر بعيدا عن الأضلاع التي ظلت تصارع وكعادتها على أدوار كبيرة بالبطولة، وبعيدا عن سباق اللقب والمراتب الضامنة لأصحابها تنافسا على السفر القاري، كانت هناك بالظل فرق تعاني في صمت وتنتظر تقرير مصيرها. الموسم قدم لنا وجها قبيحا لوصيف الوداد وهو الفريق الخريبكي الذي تخلى عن رونقه وغرق يبحث عن النجاة في آخر أمتار البطولة، وتكرر نفس سيناريو الهزال الذي يضرب الحسنية بخط دفاعها المهزوز. ولم يبرز الدفاع الجديدي بنفس ألق الموسم المنصرم وبدا النهضة البركانية والحسيمة في صورة مقبولة بعض الشيء. الكوكب و الكاك وآسفي تعذبوا كثيرا وفي نهاية المطاف فروا بجلدهم ليتركوا للمولودية الوجدية أن تستقبل المصعد و تعود من حيث جاءت سريعا وإن لا مدربها التحكيم وظلم الآخرين إلا أنه يساءل على رعونة التعامل مع فاصل الإياب. وضاع النمور الصفر ليغادروا بجيل موهوب للقسم الثاني في هبوط يقترب من الإنتحار منه لشيء آخر بسبب تمادي مسيريه في غيهم وعنادهم المصلحي. هداف يترنح وتحكيم يذبح كل موسم تحضر نفس القوافي ونفس الهجاء و تى نفس المرثيات المرتبطة بالشغب والمشاكل التحكيمية التي تعقب قرارات تعلق فرقا عليها إخفاقاتها. الموسم المنقضي حمل التحكيم دائما في نفس القفص ونفس الإدانة ظلت مرافقة لأصحاب الصافرة وكان الإنتقاد الأقوى مرتبطا بالمباراة الشهيرة التي سجلت حالات طرد غير مسبوقة كان بطلها الحكم أكورار في مباراة الوداد و المولودية و5 حالات طرد سرعان نسفتها لجنة الإستئناف. البرمجة بدورها لم تكن محط رضا الفرق وهو ما فجر تصريحات مقنبلة ومدية كان أبرزها ما تطرق له بودريقة، كما برز الترنح الملازم لطريقة ورصيد الهداف والذي لا يبارح مكانه كل موسم بل تقهقر هداف الموسم الحالي ب 5 أهداف عن رصيد إيفونا وظل الشغب هو المظهر المخزي والمثير لكل أشكال الشغب قياسا بالإساءات الكثيرة التي حملها هذا الفيروس بين ثناياه. بهذا نكون قد رصدنا لأهم ظواهر البطولة في خامس نسخها وإن كانت دار لقمان قد بقيت على حالها وما تغير هو الطلاء فقط..