بْلاد وحْدة من تأمل جيدا وجوه المواطنين المغاربة وهم يتابعون نهاية كأس أوروبا بتوتر وقلق بالغين، ومن رأى طريقتهم في التعبير عن مشاعر الفرح أو الحزن بعد نهايتها، سيقسم بالله العظيم بأن ما يجمع هؤلاء المواطنين بمنتخب إيطاليا أو إسبانيا أكبر من «الكرة». وهذا صحيح تماما، لأن لحم أكتاف العديد من البيوت والمناطق المغربية هي من خير إسبانيا وإيطاليا، إذ يحتضن هذان البلدان الأوربيان أكبر جالية مغربية حاركَة في العالم. كَاع اللي سْخن عليه راسو في المغرب باغي يحركَ ما كتبان ليه غير الطاليان وْلا السبليون. أنا شجّعت السبليون، حيت المغرب وإسبانيا في الأصل راهم بلاد وحدة. كيفاش بلاد وحْدة؟ أسيدي إفريقيا كانت ملاصقة مع أوروبا، غير واحد خاينة سميتو هرقل العظيم كْعا واحد النهار وهو يقسمهم على زوج. هي كَول هاد هرقل هو اللي خرج علينا؟ والله ياخد فيه الحق. تقول الأسطورة إن المملكتين المغربية والإسبانية كانتا متصلتين، وكانت هناك صخرة عظيمة تفصل بحر الروم (الأبيض المتوسط) عن بحر الظلمات (المحيط الأطلسي)... وفي يوم من الأيام وقف هرقل العظيم بطل الميثولوجيا الإغريقية غاضبا أي طالعة ليه الجنّية، فضرب بيده الصخرة العظيمة حتى انشقت والتقى البحران، وانفصلت المملكتان. وحْدة طلعات الفوق، والثانية بْقات لتحت. ماذا لو تمالك هرقل الجبار أعصابه وفكر في مصلحة المغاربة قبل أن يحكم عليهم بالإنتماء إلى العالم المتخلف بدل البقاء لاصقين في العالم الحر؟ لو كان هناك مستشار عاقل لهرقل العظيم هذا لمنعه من أن يرتكب هذه الحماقة، لكُنا نحن الآن طرفا في نهاية كأس أوربا بدل أن نكون مجرد طابور خامس من المشجعين. إن ذنوب المغاربة الذين تمنوا أن تشبه كرتهم كرة المملكة الإسبانية يعلقونها على هرقل، فهو المسؤول الأول والأخير عن إعلان انفصالنا عن أوروبا والحكم علينا بالإنتماء إلى إفريقيا، أي أنه المسؤول عن هذا البؤس والتخلف اللذين تعيشهما كرتنا المغربية مقارنة مع جارتها الشمالية. وبْقى تمسح كلشي في هرقل. علاش أسيدي ما نتأثروش دابا بإسبانيا، ياك حْنا جيران؟ هاد الهضرة ديال «ياك حْنا جيران»، المغاربة ما عندهش معاها. ولكن إسبانيا قريبة لينا بزاف، وهاد القُرب عندو تأثير كبير في كرة القدم. إيوا كون كان هاد القُرب عندو تأثير، كون جبنا مدرب من السْبليون ماشي من السعودية. من المثير للدهشة أن المسافة بيننا وبين إسبانيا والتي لا تتعدى بضع كيلومترات غير قادرة مطلقا على التأثير فينا كرويا، فحين احتجنا إلى مدرب لمنتخبنا الوطني قطعنا مسافات طويلة، قطعنا بحارا وفيافي وسماوات من أجل استقدام إيريك غيريتس من المملكة السعودية. إن العقلية المغربية في تدبير شؤون الكرة عندنا (وربما في شؤون أخرى) تستطيع التأثر بسرعة بعقلية الممالك في شبه الجزيرة العربية البعيدة، ولا تستطع أن تتأثر بأقرب جيرانها. كأن المسؤولين عندنا يخافون على أنفسهم من أن تصير لنا جامعة ديموقراطية كالإتحاد الإسباني، وانتخاب هيئات ديموقراطية كالهيئات الإسبانية، والثقة في مدرب وطني كفء كديل بوسكي، وفي لاعبين شباب تربوا في البلاد وكبروا مع بعضهم البعض في نفس البلاد كلاعبي لاروخا... هذا الخوف من الديمقراطية الإسبانية هو الذي سيجعلنا نضيع زمنا آخر في الهواية والتْساطيح. أنا ما فهمتش، واش كتهضر في الكورة أو لا في السياسة؟