رؤية نقدية كنت وما زلت أصر على أن منتوج البطولة ضعيف وعاجز عن تفريخ القاعدة الصلبة والمنافسة بقوة على المراكز العامة بالمنتخب الوطني، وليس هناك مجال للنقاش حول وضعية الخريطة العامة للأندية الوطنية في تشكيل رجال المرحلة كرواد حقيقيين يرون في المنتخب الوطني مرآتهم الحقيقية وكخلف قادر علىبلوغ الإرادة الدولية بالتعبئة المضاعفة.. واليوم هناك أقلية إختارها غيرتس في السن والموقع والخبرة كعملة ليست على درجة عالية من العالمية التي نرغب ارتيادها مثل المدافع ألفيس البرازيلي ومارشيلو كظهير أيسر بنبرة الحداثة الكروية بالتصاق وثيق لأدوار القتالية والهجومية، وعملة جد عادية في البطولة من أمثال من نادى وينادي عليهم غيرتس (بادة مهمدينا المراني السليماني برابح الشيحاني بوخريص أجدو عبد الفتاح الصالحي وشاكو).. وكنت أقول دائما أن صناعة النجوم هي التي تحملك على اختيار الأجود لياقة ومهارة ورؤية نحو المستقبل بالإحتراف بأوروبا وليس بالخليج.. وما هو مرشح للدولية في نظري هو أيوب الخالقي كمدافع وازن، وأسامة غريب الذي أقنعني في الإختصاص كظهير أيسر والحارس الودادي ياسين بونو الذي أكد بالملموس أنه زاكي المستقبل ويطرق بقوة باب المنتخب الوطني من بابه الواسع لقيمة ما قدمه أول أمس في نهائى عصبة الأبطال كخليفة يذكرنا جميعنا بما قدمه الزاكي في حركاته وتدخلاته الأكروباتية والقتالية والفنية.. وهذه الوصفة الثلاثية في سنها ونشاطها المكثف لتطوير مؤهلاتها هي من نريدها بالمنتخب الوطني، وهي المؤهلة للتفكير بقوة في مسارها الإحترافي بلا غرور ولا تباهي وتفاخر، وبمعنى أوضح، فميسي هو نجم عالمي ألف في المائة، لكنه حاضر دائما في قلوب عشاقه كرجل متواضع ومداوم للمتعة والأهداف الساحرة وأمثاله عديدون في كل الأروقة الخطية.. هذا ما أقصده أصلا من هذا الثلاثي القادم، وما أقصده جذريا داخل قرار الأندية التي لا تؤهل لاعبيها للدولية والإحتراف والعالمية باستمرار في شكله التصديري سنويا لمختلف الأندية الأوروبية.. ومن يلوم المنتخب الوطني على أنه لا يتطبع برجال البطولة هم مسؤولو الأندية أصلا ورجال القاعدة داخل الأندية وتقنيو القاعدة ومكتشفو نجوم القاعدة، ويكفي كما كنت أقول دائما أن يمدنا أي فريق بأفضل حارس وأفضل مدافع في كل المواقع، وأفضل رجل وسط وأفضل مهاجم لتكون الحسبة الإجتهادية هي 16 لاعبا، دوليا أي لاعب واحد لكل ناد على الأقل رغم أن ما يوجد الآن بالمنتخب الوطني لا يغدي الإحتياطي المستقبلي مع أن واقع حضور المحترفين من طينة عالية حاليا يخفف عبء تدهور قطاع الكرة بالبطولة الوطنية، وهذا هو المقصود من إيجاد سبل النجاح الكبير بالمنتخبات القاعدية وبفئاتها العمرية المولودة من رحم البطولة لأن تكون النواة الإضافية لللمحترفين الكبار وهيكل المنتخب الكبير الذي نريده صورة قوية لمنتوج بطل إفريقي موضوع نحو الألقاب القارية والعالمية، وليس منتخب الطوارئ في ظروف ترقيعية وانتقائية مولودة أصلا من لاعبين عاديين جدا، وما يجعل الناخب الحالي إريك غيرتس في مداومة مستمرة للتنقيب والتواصل مع الطيور المهاجرة أكثر بكثير من البطولة هو قناعته الخاصة باختيار أقلية من البطولة غير مؤهلة عامة بالخبرة والطراوة والصلابة والنجاعة مقارنة مع ما هو حاضر في قوة المحترفين في كافة الخطوط، وأي منتخب يفتقد لأحد البوصلات الصارمة هو منتخب معاق في أي حدث قاري وعالمي، والإعاقة هي في عدم التناغم الإستراتيجي للمواقع، وأي ظهير أو مدافع أو حارس أو مهاجم منقوص الأداء والجهد والخبرة والفاعلية مقارنة بالمجموعة يعني في جادة الصواب أن المنتخب به إعاقة في مواقع ما، وغيرتس يبحث أصلا عن هذه الجسارة لإحباط الإعاقة مثلما يزينها اليوم بربح أسامة غريب في موقع الظهير الأيسر، ولكنه لا يجد ذات الموقع في خط متوسط الدفاع، ويجدها ثانيا في الموقع الهجومي لربح إضافي لأمرابط ودرار وكارسيلا في انتظار موارد بشرية صانعة اللعب في الوسط حتى يكتمل النصاب العام فما فوق لمنتخب كبير في القناعة والإقناع داخل المنظومة الإستراتيجية التي تتأسس عليها خطة اللعب مثل البارصا والريال مثلا، لذلك تبدو البطولة الإحترافية في منظوري الخاص قد استهلت هذا البعد التمويلي بإيجاد حارس جديد ودادي يدعى بونو كخلف نراهن عليه من الآن كشاب صاعد مع الوداد والأولمبي ليكون دفء مستقبل الحراسة، وأسامة غريب من موقع بداية التوهج الدولي كظهير أيسر بحاجة إلى عناية مركزة ودائمة من ناديه ونفسه أيضا، وأيوب الخالقي الواعد بصلابة إفريقية قحة بنغمة حداثية لدوره الكبير مع الوداد والمنتخب، وهذا الربح كما قلت يعطي بعدا تنافسيا لرجال البطولة الإحترافية بأعمار صغيرة يكون روادها مدربو الأندية بالثقة التدريجية لمد المنتخب الأولمبي والكبار بفنانين ليسوا بحاجة لانتظار ربيع 24 عاما وما يزيد للوصول إلى المنتخب الأول بقيمة ما فعله المنتخب الغاني في كأسي العالم وإفريقيا من غرائب الإثارة وبأعمار تعد بالسرعة والقوة والصلابة والإنطلاق نحو العالمية.