الهجوم من هم رجاله، ما هي أركانه وما هي ثوابته؟ صناع اللعب أيضا هدافون.. يا لها من مصادفة! كيف سيتعامل غيرتس مع وفرة القناصين المغاربة؟ وكيف سيقرأ صناعة اللعب الهجومي من زاد المنتخب الوافر؟ ومن هي ثوابت وأركان ورجال الخط الأمامي؟ وهل ستحدث المشكلة في عز الإختيارات القادمة؟ أم أن غيرتس سيشتغل بتكوين خلف جديد للمنتخب؟ الشماخ.. قناص من ذهب ثمان سنوات ببوردو خاضها الدولي مروان الشماخ بتألق كبير ورقم جيد في التهديف (56 هدفا) في البطولة الفرنسية من أصل 230 مباراة دون إحتساب أهدافه في الكؤوس المحلية الفرنسية مقارنة مع حصيلة 14 هدفا المسجلة في مشواره الأوروبي سواء بكأس الإتحاد الأوروبي سابقا أوعصبة أبطال أوروبا.. وبتحوله إلى الأرسنال كحلم احترافي صيف هذا العام، لم يتنازل الشماخ عن هيبته، بل واصل ريادته الهجومية بالخبرة التي تغذى بها مع بوردو، وربما فاق هذا التناول لطبيعة التألق والأجواء الكروية بأنجلترا لكونه تأقلم بسرعة، وتفاعل مع الإندفاع البدني والأسلوب الكروي المغاير عن فرنسا في المقاومة واللياقة البدنية وسرعة التمرير.. وإلى حدود تسع جولات استطاع الشماخ الوصول إلى المرمى في ثلاث مناسبات بالبطولة، وكان وراء أهداف أخرى وقعها زملاؤه، كما كان أكثر فاعلية في إصطياد ركلات الجزاء دون أن ننسى حضوره الفعلي في عصبة الأبطال بتوقيعه ثلاثة أهداف في ثلاث جولات.. وهي أرقام سخية تؤكد أن الشماخ تغير كثيرا في التعامل مع الكرة الإنجليزية أولا بتوظيفه كقناص وثانيا بتراجعه إلى الوراء لصناعة اللعب، وثالثا جهاده البدني الذي أعطاه ارتقاء وتحسنا كبيرا في الأداء العام، ورابعا وهذا هو الأهم أن الشماخ أضحى لاعبا من طينة الكبار كرجل إمداد حقيقي حتى ولو لم يسجل، ولكنه فوق ذلك يضع فريقه في موقع الفوز إزاحة مدافعين بالطرد أو الحراسة اللصيقة التي تترك لزملائه فرصة توقيع الأهداف.. وأكيد أنكم شاهدتم الشماخ بتانزانيا وما فعله بالضبط حتى ولو لم يسجل ولكنه أهدى للحمداوي تمريرة الهدف الغالي. ويبدو الشماخ في موازنة القناصين الجوكر الحقيقي مع الناخب الجديد غيرتس، وقد يرى في مواصفاته اللاعب المهاجم بشكل متكامل وملائم للخطة الهجومية وبحسب القناعات الإضافية للخط الهجومي الكبير للأشخاص الآخرين.. وحتى لا نتسرع في قراءة الأشياء، سنترك السؤال مطروحا على غيرتس، كيف سيتعامل وسيختار رجال القناصة الحقيقيين في التشكيل المناسب والتغيير المناسب والجاهزية المناسبة والتكتيك المناسب؟ منير الحمداوي قناص بالمهارة على خلاف الشماخ، يبدو منير الحمداوي وجها آخر في عملات القناصين الكبار بأوروبا وبخاصة بهولندا.. وسيقول البعض أن البطولة الهولندية ضعيفة بأدائها على الكرة الفرنسية، لكنها في المستوى العالي تبدو قوية لأن منتخبها وصل إلى نهائي كأس العالم بوجوه هولندية محترفة وبمنتوج هولندي مصدر مثلما تنتجه أصلاً الكرة المغربية بأسماء واعدة.. ولا يهمنا على الإطلاق ما إذا كانت بطوله هولندا ضعيفة أو قوية لأن قوتها في نظري تكمن بأكبر الأندية مثل أجاكس وأيندوفن وتوينتي وسابقا فاينورد، وبها يلعب المغاربة أصلا.. والحمداوي الذي اقتص شريط التألق بإكسيلسيور، منذ تسع سنوات خلق ولعب له لأربعة أعوام كهداف ناشئ وسجل له 32 هدفا في 74 مباراة قبل أن ينتقل عبر محطات متقطعة إلى توتنهام وديربي كاونتي وفيلم قبل أن يستقر بأزيد ألكمار لثلاث سنوات وفاز معها بلقب البطولة، وسجل لها في ظرف ثلاث سنوات 5 أهادا في 91 مباراة أي بدلالة رقمية هائلة لمشواره العام في 180 مباراة سجل فيها 96 هدفا دون إحتساب أهدافه في كؤوس هولندا.. وهذا الرقم السخي الذي يكبر أهداف مروان الشماخ، يعني أن الحمداوي يمتاز بإضافات أكثر جاذبية في المهارة والإختراق والتسديد المركز في كل الأوضاع وبالرجلين معا إضافة إلى أهدافه الرأسية ومعرفته الدقيقة بالمدافعين، فضلا عن ذكائه الكبير في التجاوب مع المهاجمين وصناع اللعب وكيفية توقيع الأهداف بالجمالية والتركيز الرائع مثلما فعله بتانزانيا وبعده في البطولة بثقة عالية.. ولا يمكن أن يكون الحمداوي متباعدا عن المنتخب الوطني بالشكل الذي أحبط فيه، بل عليه أن يفرض نفسه، ويبعد الرهبة التي تنتابه كلما حضر مع الأسود، وبوسعه أن يكون إلى جانب الشماخ القناص الكبير شريطة أن يكون غيرتس ملما بنفسيات الفريق الوطني وبخاصة من جانب الحمداوي كمرتكز أساسي في المعادلة الهجومية لأن أرقام الحمداوي كبيرة وكبيرة في مشواره الهولندي. يوسف العرابي مشروع قناص وبالتسلسل، يأتي يوسف العرابي هداف نادي كاين الفرنسي في المرتبة الثالثة للقناصين الجيديين وبدرجة عالية في اللياقة البدنية، وحسن التموضع، والإختراق الرائع من الأركان، وقوة التسديد بالرجلين والرأس، صحيح أن يوسف في ربيعه 23 عاما هو من مركز تكوين ناديه كاين في ربيعه 15 عاما، وظلم نفسه عندما لعب منذ 2004 في الهواة قبل أن يلتحق بكاين منذ 2007، لكنه فوق ذلك يملك مهارات عالية بالرجلين، ويوظف في كل المواقع الهجومية دون أن يختص فقط بدور القناص مثلما تفاعل معه في الموسم الماضي عندما نال شرف أفضل هداف لناديه بأحد عشر هدفا من أصل 34 مباراة رغم أنه كان القناص الوحيد بناديه في غياب المؤازرة الحقيقية لقناصين آخرين، وما يفعله يوسف العرابي اليوم مع كاين بتوقيعه ستة أهداف من عشر مباريات يؤكد أن الرجل يملك أهلية كبيرة ليصبح الهداف الثالث بالمنتخب الوطني وبخاصة عندما يكون فاعلا في الأركان واختراقه الهجومي من كل الجهات، وهو رجل المواقف الهجومي المراهن عليه في تشكيل غيرتس القادم. مبارك بوصوفة.. الهداف المحور لا يخرج مبارك بوصوفة عن آلية الخط الهجومي كرجل محوري في صناعة الأهداف أولاً، ثم حضوره الفعلي في توقيع ذات الأهداف رغم قصره من حيث الطول ونحافة جسمه، لكنه يملك مهارة الفرنسي آلان جيريس في السرعة واللياقة العالية والإختراق الجيد، ومقارعة الكثل الجسمية القوية مثلما يقدمه اليوم مع أندرلخت البلجيكي كهداف وصانع ألعاب الفريق بالتمريرات الحاسمة، وتكفي دلالة أرقامه مع الفريق أنه حاز على تذكار الحذاء الذهبي ثلاث مرات من خلال ألقابه في هذا المجال كرجل الإمداد الحقيقي وتوقيعه لرصيد هام من الأهداف التي سجلها خلال السنوات الثلاث الماضية، 38 هدفا من أصل 114 مباراة في البطولة دون احتساب أهدافه في كؤوس بلجيكا وحتى الكؤوس الأوروبية علاوة على توقيعه الموسم الحالي ستة أهداف من أصل إثنا عشر مباراة.. وهي أرقام فنية تثبت قدرة اللاعب على اجتياز أي خط دفاعي بالمهارة التي يملكها إضافة إلى ذكائه الكبير في التمريرات الملتهبة والحاسمة مثلما يتمناه أي مدرب بهذا الخصوص.. وبوصوفة عندما يكون مؤهلاً مع المنتخب، يقدم دلالات صناعة اللعب، ويرى في نفسه أنه أقدر لأن يعطي أكثر مما يعطيه بأندرلخت شريطة أن يكون الناخب داهية في حسن توظيفه.. وهو ما نأمله أصلا مع غيرتس لاحتواء قدرات بوصوفة حتى يكون لاعبا متكاملاً بالمنتخب على غير الأداء الذي طبعه بتانزانيا. عادل تاعرابت فنان بحاجة للتوجيه عادل تاعرابت هو فنان كبير، ويملك خصوصيات هائلة في الأداء الهجومي سواء بمهاراته العالية التي لا نشهدها عادة في الملاعب الأوروبية، أو صناعته للعب كرجل حرّ في مواقع الهجوم من الخلف أو من الأركان، وبرغم قلة حضوره الأوروبي مع توتنهام، وتحوله إلى كوينز بارك رانجيرز، استطاع الرجل أن يؤهل نفسه ليكون ضمن اللاعبين الكبار بالأداء الذي يعشقه الإنجليزيون عادة، لكن ما ينقصه هو التوجيه الإحترافي على أعلى مستوى وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالفريق الوطني كأكبر شق في العالمية والصورة التي ينظر بها أي لاعب، وتاعرابت كما قلت أعطى الدليل على أنه لاعب كبير بالمنتخب، وبوسعه أن يكون أفضل لو قاوم حضوره الإستعجالي بالمنتخب ويتريث حتى يحظى برسميته إن هو واظب عليها دونما النظر فيما يقال عنه أنه سريع الغضب، ولا يريد أن يكون ضمن بنك الإحتياط.. وتاعرابت في المنظورالجديد لمنتخب المغرب مع غيرتس سيكون له رأي آخر في رؤية الأشياء وقراءة ما يراه غيرتس كمدرب رئيسي وليس مع مدربي الطوارئ، كما بإمكان تاعرابت أن يكون أفضل في المستقبل مع الفريق الوطني لو اجتهد أكثر في مدلول حضوره على اعتبار أنه رجل محوري ثاني بعد بوصوفة، وهو في بداية الطريق، علما أنه حديث الكرة مع كوينز بارك رانجيرز وسجل له فقط في الموسم الماضي سبعة أهداف من أصل 41 مباراة، مثلما سجل اليوم أربعة أهداف من أصل 13 مباراة. المهدي كارسيلا اليسرى الذهبية أكثر اللاعبين الذين ينتظرهم الفريق الوطني لما يسبقه من إطراء وتقدير كبيرين لمواهبه، المهدي كارسيلا هو لاعب موهوب في ربيعه 21 عاما، ويلعب كرجل وسط هجومي من الجهة اليسرى، وله من المواصفات العالية والفنية في المراوغة والتمرير وسرعة تنفيذ العمليات وتوقيع أهداف من الطراز العالي مثلما يكرسه اليوم كهداف حقيقي لسطاندار (7 أهداف من أصل 12 مباراة). سيكون أكثر ثقة لاستحضار مؤهلاته مع غيرتس قياسا مع التواصل الإيجابي المفروض أن يعم جميع مكونات المنتخب المغربي. ناصر الشادلي.. يأسرني هذا ا للاعب شاهدت ناصر الشادلي (21 عاما) عندما كان يلعب بنادي أغوف أبيلدون الهولندي بالدرجة الثانية، وشاهدت موقعه كجناح أيسر وكصانع ألعاب كرقم 10 موزع للفريق ووقع له 28 هدفا في 90 مباراة بوصلات غاية في الإثارة.. وزاد الرجل في صناعة دوره الرئيسي مع توينتي الهولندي، وأصبح مهاجما أساسيا للفريق منذ بداية هذا الموسم بدرجة عالية من السخاء الهجومي والإمداد الحقيقي من الجهة اليسرى مع ميل خاص للهجوم خلف القناصة كلما أتيحت ظروف الهجمات.. وبرأيي الشخصي هو لاعب كبير أيضا ويملك مواصفات عادل تاعرابت، وربما يكون الورقة الرابحة مثلما عاهدنا أنفسنا على تقديم نجوم في الواجهة.. وسيظهر ناصر الشادلي قريبا مع المنتخب لو اختاره غيرتس حقا لأنه فعلا وافق على حمل قميص منتخب المغرب. يوسف حجي.. العائلة لا تذبل لا يمكن أن نبعد يوسف حجي من المعادلة الهجومية، بل هو رجل خبرة، وهداف أيضا بنانسي والمنتخب، والرجل الخبير من عائلة حجي، قدم تاريخا كبيرا للمنتخب وما زال عطاؤه مستمرا رغم الإصابات والتوقيفات التي أبعدته نسبيا عن الملاعب، لكنه يظل عنصرا مؤثرا بنانسي وعنصرا مهما بالفريق الوطني من خلال حضوره الكبير أولا مع نانسي عندما سجل خلال المواسم الثلاث الأخيرة 29 هدفا من أصل 87 مباراة رغم أنه رجل وسط هجومي ويميل إلى الجهات اليمنى واليسرى ويحسن تموقعه أحيانا في الوسط الهجومي.. ولا أعتقد أن غيرتس سيتخلى عن حجي لأنه رجل خبرة إفريقية، ورجل حرفة عالية، ورجل وفاء رغم أن أسطول الهجوم أصبح اليوم متوفرا بكثرة بالمنتخب الوطني. نجم في الواجهة وبعد هذا الرصد الهجومي للأسطول الكبير من المحترفين بالنزعة الهجومية، لا يمكن أن يخرج عن الإختيارات الإضافية كل من كريم آيت فانا (21 عاما) نجم مونبوليي كجناح أيسر سجل 11 هدفا في 62 مباراة كوجه صاعد، ونورالدين أمرابط مهاجم أيندوفن بثوب احتياطي (12 هدفا في 47 مباراة)، وإسماعيل العيساتي نجم أجاكس وبالإعارة إلى نادي فتيس أرنيم (سجل 9 هدفا في 91 مباراة)، وأسامة السعيدي (22 عاما) نجم هيرنفين الهولندي بمزاج هجومي صرف أي كموزع في كل الأركان، فضلا عن حضور إسم يوسف القديوي مهاجم الجيش بعين الإمداد من الأركان كأفضل مهاجم مناور في البطولة الوطنية. مشكلة من رحم الكثرة جميل جدا أن نعيش فصلا رائعا من هذا الركام البشري للأسطول الهجومي المغربي بمختلف أعماره المتقاربة لما فوق العشرين سنة، وجميل جدا أن يكون هذا الركام البشري مثل سلة بيض مختارة من أجود بيض البطولات الأوروبية، لكن ما هو بديهي أن الكثرة تطرح مشكلة اختيارية لدى المدرب أصلا، وتطرح إزعاجا ومعاناة لمن لا يكون ضمن التشكيل والشاكلة.. وربما قد يكون غيرتس موضوعا أمام هذا الطرح الجميل لأفضل مهاجمي المغرب.. وقد يكون سؤالا جوهريا لمستقبل المنتخب مع غيرتس، كيف سيتعامل مع هؤلاء بالتواصل؟ وهل سينزعج الذين اختاروا المغرب وهم غير مدعوين في اللقاءات المقبلة؟ وهل سيكون المحترفون في خط البناء والهجوم أكثر إحترافية ورزانة في التعامل مع غيرتس ومع اختياراته النابعة من كاريزمية الجاهزية والمواقع المفروض أن تكون مدعمة بعنصرين في كل مركز رغم أن الكثافة العددية للأدوار تطرح علامات استفهام حقيقية في الجهتين اليمنى واليسرى.. هو هذا ما نقصده كمشكلة كانت سابقا مطروحة في انعدام أهلية المهاجمين قبل ظهور مروان الشماخ، قبل أن تغزو الساحة اليوم بوجوه كبيرة يحار أي مدرب في اختيار ما يراه أليق للمرحلة، وأعرف حثما أن موقف القناص الثنائي بين الشماخ والحمداوي أو الشماخ والعربي، أو الحمداوي والعربي، أو القناص الوحيد المدعم بأركان مهاجمين بوصوفة وحجي والشادلي وتاعرابت وآيت فانا وكارسيلا، سيضع المدرب غيرتس في موقف صعب رغم أن الدلالات الجانبية قد تؤهل طلائع الشباب إلى المنتخب الأولمبي وتهيئهم لما بعد أولمبياد 2012.