جولة فوق الخيال وثانية خربت الأعصاب نقطة أفضل من لا شيء، رغم أنه كان بالإمكان أفضل مما كان، بعد جولة أولى بزخم هجومي رهيب وثانية خربت أعصاب الجميع بعد أن حاول ضباء بارتيلمي الرمي بكامل ثقلهم لتكرار ما أنجزوه سابقا أمام محاربي الصحراء.. نقطة قربتنا من التأهل وواصل من خلالها الأسود مسلسل الصحوة وتقوية هامش الأمل في الغد. جولة من كوكب آخر قد تكون أحسن جولة على الإطلاق خاضها الفريق الوطني خلال السنوات الأخيرة، زخم هجومي رهيب توج ب 7 فرص سانحة ومثلها ضاعت بشكل غريب جدا، وانسيابية كبيرة فرضت إجتياحًا لمعترك الحارس لومبي الذي عاش رفقة الدفاع لحظات عصيبة كان من الممكن أن تقتل اللقاء وبفارق مريح. فرصتان للعرابي، واحدة لحجي ومثلها لبوصوفة، لحظات رعب حقيقي عاشها أشبال أكورسي الذين تحملوا ضغطًا رهيبًا للأسود، تنويع في الحملات وتبادل جميل للكرة وأداء راقي تجاوز كل معيقات اللقاء من أرضية الملعب لغاية ضغط المدرجات، دون أن يكلل هذا الإجتياح بتفوق رقمي صريح كان أكثر من مستحق. 30 دقيقة بدون لمياغري بدا وكأن الفريق الوطني يلعب من دون الحارس ناذر لمياغري الذي ظل في شبه راحة ولم يظهر إلا في حدود الدقيقة 32 حين إنبرى لقطع كرة مرتدة على شاكلة لاعبي الليبرو.. هذه الصورة عكست التسيد الميداني الكبير للاعبي الفريق الوطني (تنويع في الهجمات، سرعة المرتدات واسترجاع الكرة بطريقة جيدة)، وظهر أن إيريك غيرتس راهن على الشكل الهجومي كأفضل وسيلة لردع المنافس وقتل أحلامه مع أول نصف ساعة بكل ما يطرحه ذلك من صعوبات على مستوى التدارك، إلى هنا تأكد أن الخصم لبس حجما أكبر مما يستحقه وعلى أن الفريق الوطني راهن أيضًا على تكرار ما فعله أمام الجزائر والسنيغال بقهرهما في أول 30 دقيقة. صحوة الضباء الكرة الأولى التي سددها موسى عند حدود الدقيقة 34 بدت وكأنها العلاج بالصدمة الذي انتظره أكورسي كي يستفيق لاعبوه من غفوتهم ويبادروا للهجوم والخروج من جحورهم التي دخلوها وتحملوا معها كامل الضغط، إذ سنشاهد خلال 15 دقيقة الأخيرة إنفتاحًا في أداء صاحب الأرض وجرأة في مناقشة الحملات ومعها إضطر لمياغري بمساعدة القادوري لإخراج كل مهاراتهما لصد أخطر هجمة لمنتخب الضباء.. تحسس غيرتس الخطر وبادر لمطالبة السعيدي وبوصوفة للإرتداد الدفاعي لمساندة بدر وبصير بعد أن تأكد من سعي أكورسي لفتح جبهات الخطر عبر الرواقين والأطراف، ومع ذلك لم يتزعزع دفاع الأسود وظل محافظًا على هدوئه وتوازنه وهو ما شكل عبئًا وعنصر شك إضافي على أكتاف لاعبي الخصم. رضينا بالنقطة، لكن كان من الممكن تكرار نفس نتيجة الجزائر بمراكش وبالسهل الممتنع، ولو كان العرابي في كامل التنافسية لتعامل مع كراته السهلة بمنطق الصرامة وحاسة المهاجم الحقيقية وليس بالليونة التي أضاع من خلالها سيلاً عرمرمًا من فرص لا تهدر. تحملنا فاصل رعب حقيقي في جولة ثانية لم نكن نتخوف خلالها من الخصم المحدود الملكات الفنية بقدر تخوفنا من لسعة غادرة وبقدر تخوفنا من تصاريف الحظ والشك وأرضية تصلح لكل شيء إلا للكرة، ونجح الفريق الوطني في الإبقاء على صدارته بفضل النقطة التي توزن ذهبا ببانغي بعد اجتياز لغم الضباء التي لا تخسر على ملعبها منذ 8 سنوات. قاوم لاعبونا مؤثرات المناخ ولغم خصم مشاكس وتأكد أن جسد الأسود تعافى من كل الأسقام المزمنة.