... يبدو أنه اصبح مقدرا على الجمهور المغربي أن يتجرع مرارة الإخفاق تلو الآخر، فما ان تلوح بارقة أمل في رؤية هذا المنتخب يستجمع قواه ويظهر بصورة يمكن القول إنها تؤشر على عودة الروح لأسود فقدت أنيابها حتى «تعود حليمة لعادتها القديمة» وبالتالي يتواصل مسلسل حرق أعصاب 30 مليونا من المغاربة «الغلابة المساكين». قبل أسبوعين عاد المنتخب الوطني بنقطة من قلب العاصمة الكامرونية ياوندي قيل وقتها إنها نقطة الأمل التي أعادت المغرب إلى دائرة المنافسة على بطاقة التأهل إلى المونديال شرط فوزه في المباريات الأربع المتبقية، لكن كل هذه الحسابات «الخاوية» ضربت في الصفر بنتيجة التعادل (0-0) المخيبة التي خرج بها من مباراته أمام منتخب الطوغو أول أمس السبت بملعب مركب مولاي عبدالله بالرباط برسم الجولة الثالثة من تصفيات المجموعة الإفريقية الأولي المؤهلة إلى نهائيات كأسي العالم وإفريقيا 2010 . وخلال هذه المباراة التي تابعها حوالي 30 ألف متفرج، تأكد بالملموس أن المنتخب الوطني لم يعد يحمل من مواصفات الأسود إلا الإسم فقط، فالمستوى الذي ظهر به أمام الطوغو أثبت أن الهزيمة أمام الغابون في الجولة الأولى في الدارالبيضاء لم تكن مفاجئة، بل إنها نتيجة منطقية لعمل عشوائي يطبع مسيرة الفريق المغربي.. الذي لأول مرة أصبحنا نسمع عن رفض لاعبين الالتحاق بصفوفه وعن تمرد آخرين على المدرب.. فبمثل هذه المشاكل لا يمكن انتظار سوى الانتكاسة تلو الأخرى. وبالعودة إلى أطوار المباراة أمام الطوغو اعتمد المدرب روجي لومير على نفس التشكيلة التي خاض بها لقاء الكامرون بحثا عن تقديم نفس المستوى الذي ظهرت به في ياوندي، لكن العكس هو الذي حصل فلم نشاهد في أرضية الملعب سوى لاعبين منهكين بدنيا لم يقووا على تركيب ولو جملة تكتيكية واحدة مفيدة. فرغم الضغط الذي مارسه اللاعبون المغاربة مع الانطلاقة بحثا عن مباغثة الطوغوليين بهدف مبكر إلا أن ذلك لم يدم سوى دقائق معدودة فانحصر اللعب في وسط الميدان وكثرت الكرات الضائعة والطائشة بين العناصر الوطنية، وبدأ الفريق الطوغولي في الوثوق في إمكانياته والخروج من تقوقعه الدفاعي إلى تنظيم بعض الهجومات التي شكلت خطورة على الدفاع المغربي. وأتيحت للفريق المغربي بعض الفرص السانحة للتسجيل فكانت أولاها بواسطة يوسف حجي في الدقيقة الأولى بعدما انفرد بحارس المرمى الطوغولي لكنه لم ينجح في استغلالها فتمكن هذا الاخير من التصدي له واستخلاص الكرة منه. وتواصل الأخذ والرد في الكرة بين المنتخبين مع سيطرة نسبية للمغاربة إلى حدود الدقيقة 28 التي احتسب فيها الحكم الزامبي كوما ولينغتون ضربة جزاء لصالح المنتخب الوطني بعدما لمس المدافع الطوغولي عبد الغفار ماماه الكرة بيده داخل منطقة الجزاء عندما كان يوسف حجي يقود هجوما مباغثا.. وتكفل بتنفيذ هذه الضربة «ويا ليته ما فعل» المهاجم منير الحمداوي فسددها بقوة عالية عن المرمى ليضيع فرصة لا تعوض كان من شأنها قلب المباراة رأسا على عقب ومعها إعادة خلط أوراق المجموعة الأولى من جديد لكنه سامحه الله حول حلم الملايين من المغاربة في التأهل إلى كابوس مزعج قد تطول آثاره. ومع بداية الشوط الثاني كاد المنتخب الطوغولي يقلب الطاولة على نظيره المغربي عندما انطلق المدافع توري اسيميو نحو المعترك المغربي وسدد بقوة إلا أن الحارس نادر المياغري تدخل في الوقت المناسب وحول الكرة إلى الزاوية. ومع تأكد الجمهور المغربي أن الطريقة التي يلعب بها منتخبهم لن توصل هذا الأخير إلى الشباك الطوغولية حتى لو بقوا يلعبون إلى غاية الصباح، غير من نبرة تشجيعه فانقلب على اللاعبين ومعهم الطاقم التقني، وبدأ يصيح باسم المدرب بادو الزاكي الذي قاد الأسود إلى نهائي أمم إفريقيا 2004 في تونس. واستمر الأداء العقيم للعناصر المغربية رغم استبدال الحمداوي بنبيل باها، حيث إن هذا الأخير وجد نفسه معزولا بين المدافعين الطوغوليين لأن الكرة لم تكن تصله من لاعب الوسط الشيء الذي اضطره إلى الرجوع إلى الخلف في عدة مناسبات لاستخلاص الكرة لنفسه. وكاد الفرج يأتي على يد اللاعب مروان زمامة الذي تقاتل في هذه المباراة لكنه لم يكن محظوظا في مناسبتين الأولى في الدقيقة 65 بعدما سدد ضربة خطإ مباشرة من خارج المربع، إلا أن الحارس أوبيلال دودجي نجح في تحويل الكرة بصعوبة إلى الزاوية.. أما الثانية فهي التي اهتزت لها المدرجات في الدقيقة 80 إثر تسديده لضربة مباشرة أخرى من على مشارف المربع واصطدمت الكرة فيها بالعارضة. وقام لومير ببعض التغييرات فيما تبقى من الوقت لكن دون جدوى فظلت النتيجة على حالها وضرب الجميع «أخماس في أسداس» بعد ضياع حلم التأهل إلى المونديال الأول في إفريقيا إثر تجمد رصيد المغرب عند نقطتين من ثلاث مباريات ليحتل المركز الثالث مقابل أربع نقاط للطوغو في المركز الثاني. ومعلوم أن الغابون تتصدر المجموعة الأولى برصيد ست نقاط قبل مواجهتها المرتقبة مع الكاميرون ، التي تتذيل الترتيب برصيد نقطة واحدة ، في الخامس من شتنبر المقبل.