ببانغي الخسارة ممنوعة نقطة تؤمن العبور وتجنبنا المحظور الإنتصار أجمل خيار ويعفينا من الإنتظار
هي أكثر المباريات مصيرية، بل اللقاء المفصلي في المجموعة التصفوية المجهولة الملامح، لقاء العبور وتأكيد الصحوة للأسود أمام الخصم والمنافس الأول على بطاقة الترشح للمونديال الإفريقي القادم بغينيا الإستوائية والغابون..ببانغي تتضح الصورة أكثر ومعها قد يرتفع مؤشر الأمل بعد مسار التصحيح الأخير. بشعار ممنوع الخسارة يدخل الفريق الوطني مباراته أمام جمهورية إفريقيا الوسطى وهو يدرك أن الخروج سالما من هذه الموقعة يبقيه في الصدارة ويضمن له مناقشة مريحة لمباراة تانزانيا الختامية، فكيف تسلح غيرتس في أول خرجاته الرسمية في عمق الأدغال لتجاوز حاجز منافس صعب المراس؟ مجموعة كل الحسابات هي أصعب المجموعات وأكثرها تعقيدا على مستوى الحصيلة الرقمية ومعها تبقى كل الإحتمالات قائمة لغاية جولة الحسم الختامية التي قد تبوح بالسر الكبير وإعلان صاحب شرف التواجد في غينيا والغابون. أفرزت الجولات الأربعة الملعوبة معطيات تصب في مصلحة المنتخب الوطني المغربي وبدرجة لا تقل أهمية منتخب إفريقيا الوسطى الخصم المقبل في بانغي، ما يؤشر على أن الصدام المقبل هو قمة الجولة بامتياز حيث يتطاحن المتصدرين في مباراة كسر العظام ومعها رفع مؤشر الإمتياز ونسبة الحظ عن الطرف الخاسر. صدارة مشتركة بين الأسود ومنتخب إفريقيا الوسطى برصيد 7 نقاط مع امتياز نسبي للفريق الوطني بعامل فارق الأهداف الإيجابي، وملاحقة من الجزائر وتانزانيا ب 4 نقاط تجعل من صدامهما المرتقب بدار السلام فرصة لإحياء ما تبقى من أمل ولو بالمراهنة على تصنيف جيد ضمن أفضل ثواني بالمجموعات الأخرى، مايقول بأنها المجموعة الحديدية والأصعب والأكثر غموضا في إفراز العابر للتمثيلية في العرس الإفريقي بعد نحو 6 أشهر من الآن. مصيرنا بين أيدينا المنتخب الوحيد الذي يملك مصيره بين يديه هو الفريق الوطني باعتباره المتصدر والذي يلعب بكثير من الفرضيات منها حتى التعادل الذي يجعله صاحبي امتياز في الجولة الأخيرة التي سيلعبها على أرضه أمام تانزانيا ويكفيه خلالها الفوز وبأي حصة لتأكيد تأهله، بخلاف بقية المنتخبات الأخرى التي ستلعب بشعار واحد هو «الإنتصار مع الإنتظار» بكل الأوجاع المرافقة لهذا الخيار. فوز الأسود الإستراتيجي على المنتخب الجزائريبمراكش كان عاملا حاسما في إعادة ترتيب أوراقه داخل مجموعته وهو ما يفرض عليه الحفاظ على نفس المكتسبات وعدم التفريط فيها في المنعرج الأخير أو الرواق المستقيم قبل إسدال الستارة النهائية. وبنسبة أقل يحضر منتخب إفريقيا الوسطى بنفس الحظوظ أي أنه يملك مصيره بين يديه من خلال تحقيق الإنتصار الذي يبدو مفيدا لربح الصدارة ب 10 نقاط قبل المراهنة على ردع المنتخب الجزائري داخل الديار في المباراة الأخيرة. وما يهمنا نحن هو وضع الأسود الذين يدركون تمام الإدراك أنها موقعة الحسم الكفيلة بتأكيد الصحوة أو إعادة العداد لنقطة الصفر بعد تدرج مرحلي واكبته إنتفاضة النتائج الإيجابية. غيرتس وإكراهات الخرجة الأولى هي الخرجة الأولى لإيريك غيرتس في الحلة الرسمية في أدغال إفريقيا بعد ترويضه وديا لأسود تيرانغا السينغالية علما أن إبحار تانزانيا والفوز بدار السلام تحقق رفقة مساعده كوبيرلي، وبعد أن أزال الدهشة التي رافقت أول إشراف له على المنتخب بعنابة وعاد بعدها ليبلسم جراح هزيمة الغدر هناك بفوز اقترب من الأنطولوجية بكثير في مراكش ثم التفوق الكبير على المنتخب السينغالي في داكار، فإنه يدرك أن مباراة بانغي هي الإختبار الأهم واللقاء الأكثر حساسية له على رأس عارضة الأسود التقنية كيف ذلك؟ غيرتس الذي رتب أوراق الفريق الوطني على نحو جيد وتوصل بتلاحق المباريات والمعسكرات لبعض شفراته السحرية ومفاتيح التفوق داخله، يرحل هذه المرة مضغوطا بهاجس تفادي الهزيمة لأنها النتيجة الوحيدة التي تعني بشكل كبير تشييع أحلامه وأحلام المغاربة في التواجد رفقة الكبار في المونديال القاري المقبل، وثانيا لأنه رحل موجوعا بإكراهات غياب قطع أساسية في منظومة هيكلة الفريق الذي راهن عليه طيلة 9 أشهر من تواجده رفقة الأسود (الشماخ وهرماش) وثالثا لأنه سيلعب في ملعب النار والحديد أمام منافس غير تقليدي يعبئ بطاريته بأسلحة مشروعة وأخرى محظورة لبلوغ غاياته وهنا يكمن الخطر الداهم والكبير.. الإنتصار إبهار والنقطة عز الطلب أكيد لو يكرر الفريق الوطني لسعته التي أجهز بها على منتخب تانزانيا في أعالي كليمانجارو ويعود بالفوز فإنه سيريح الأعصاب ويؤشر لنا ومن الآن على مباراة الإحتفال والفانطازيا أمام نفس المنتخب في الجولة الأخيرة، لأنه بهذا الشكل سيضمن نقطته العاشرة وسيمسح من طريقه منافسا من عيار شرس هو إفريقيا الوسطى مع ضمانات أقوى لربح رهان أفضل منتخب ثاني في أسوأ الحالات الممكنة.. ودون أن يرتفع سقف المطالب لدرجة موغلة في الرومانسية، فإن التعادل يبقى فرضية واقعية ومفيدة للأسود كجل ثاني لأنه سيبقيه في الريادة المشتركة مع نفس المنافس ب 8 نقاط، لكن مع عاملي أفضلية (النسبة العامة والخاصة ومعها الإستقبال في القواعد) في الجولة الأخيرة في وقت سترحل إفريقيا الوسطى للقائها المسعور أمام الجزائر. هكذا يفكر غيرتس في نزاله القادم وهكذا يتعين عليه برمجة الكومندو كما أسماه لهذا اللقاء المفصلي، أي اللعب بتحرر من كل شد عصبي أو شحن مبالغ فيه لأن هذا العبء يجب أن يتحمله الخصم الذي يلعب بين الأنصار ومعه ترك مساحات أريحية أمام عناصرنا الوطنية للإجهاز على أحلام يبالغ أكورسي في تشييد صرحا كل مرة. كيف يوظف الكومندو الإنتحاري؟ ما هو مؤكد أن إيريك غيرتس لن يخرج عن الفكر الكلاسيكي لكل المدربين في العالم بالإبقاء على نفس النغمة ونفس الكورال الذي تم ترديده في آخر المواجهات وقاد الفريق الوطني للإنتصار، أي (فريق ينتصر لا يتغير).. غير أن هذه القاعدة الذهبية سرعان ما ستصاب بشرخ عميق من خلال إكراهات جمة ستفرض متغيرات استراتيجية في العمق تمس أكثر من لاعب وفي مراكز متنوعة. حراسة المرمى لن تخرج عن ترسيم الحارس نادر لمياغري وهذا لا شك ولا نزاع حوله، على أن يقبض بصير على رواقه الأيمن مع وصايا إضافية بالإجتهاد و قادوري المجرب في جبهة يسرى تشكل نقطة قوة عند المنافس كما فعلها أمام بلحاج الجزائري وفتح خلالها المعابر والشوارع العريضة. وفي الوقت الذي يمكننا الإطمئنان على الدفاع بتواجد القدير بنعطية والصخرة الجديدة الكوثري، فإن المخاوف تسود من مغبة تأثير هذه الإصابة على مردود مدافع أودينيزي. ولأننا سنلعب مباراة سيشكل خلالها خط الوسط بؤرة نار بكل المقاييس، فإن غياب هرماش يطرح إشكال البديل المثالي للإبقاء على نفس التوازن الذي عاشه الثنائي بلهندة وخرجة وهنا البديل المثالي قد يكون برابح الودادي بدرجة أولى أو المجازفة بسقاءين وترك حجي كرقم 10 و بوصوفة على الجبهة اليمنى لإمداد جبة الهجوم التي ستتألف من العرابي والسعيدي. لن تخرج شاكلة الأسود عن هذا النسق، كما لن تخرج عن هذا التفكير ومعه يدرك غيرتس أن أكورسي قرأ لقاء مراكش جيدا ويتعين ردعه بعنصر مفاجئ خارج تقديرات قراءته. أكورسي في ملعب النار ولأن إسقاط المنافس من الحسابات غالبا ما تسبب في أوجاع للمدربين، فإن الناخب الوطني يدرك جيدا أنه بصدد مبارزة ومصاقرة قوية ومكشوفة أمام الفرنسي أكورسي الذي كلما ذكر الفريق الوطني إلا وأخرج قاموسه المخبأ للتنقيص من قيمته والجزم بنصر بين أمام ببانغي. لكن ما لا يعرف جيل أكروسي أو أساء تقديره هو أن الفريق الوطني الذي سينازله ليس هو الفريق الذي واجهه بالرباط وانتهى الصدام متعادلا بينهما، فقد تغير الميكانيزم بشكل كبير. أكورسي المراهن على ملعب النار كما بات يسمى داخل إفريقيا نتيجة الأجواء المضغوطة والمريبة التي يعيشها كلما حط منتخب رحاله لمواجهة البلد المضيف، يعيش بدوره في جلباب الضغط الذي يحاول أن يخفيه، غياب نجمه الأول بالاماندجي لاعب خط وسط نادي ريمس ومعه غياب كيلي يوغا إضافة للوضع المعقد للاعب القطن الكاميروني مومي هيلير والذي دخل في نزاع قانوني مع ناديه الكاميروني امتدت آثاره للمنتخب.. الجمهور المسعور الذي يراهن عليه أكورسي، الملعب غير الصالح للترويض جيد للكرة وعامل نصاعة السجل داخل القواعد منذ 7 سنوات.. قراءات يدركها جيدا غيرتس ولاعبي الفريق الوطني الذين تنقلوا بعتاد قوامه العزيمة وزاد عنوانه الإرادة لربح أهم وأصعب موقعة في التصفيات ومعها تأكيد الصحوة التي تتكلم عنها كل إفريقيا.. منعم بلمقدم