سنضطر لرفع القبعة مجددا لجمهور الوداد، فمرة أخرى صنع الحدث في ذهاب نهائي دوري أبطال العرب وأعطى الصورة الجميلة للجمهور المغربي الشغوف بكرة القدم، جمهور الوداد كان حقا نجم هذا العرس العربي وأثبت أنه جدير بالمساهمة في نجاح المباريات وأعطى المثال الحي في صنع الإحتفالية والتنظيم بوسائل تشجيعية تخطف الألباب وعروض فنية ولوحات باهرة قلما تجود بها الملاعب العالمية· فكم هي المرات التي انتقدنا فيها الجماهير المغربية نظير مظاهر الشغب التي تطفو بين الفينة والأخرى في الملاعب والشوارع، وكم هي المرات التي أكدنا أن هناك فئة محسوبة على الجماهير تهوى العبث بممتلكات الغير وتحول المباريات إلى ساحة للدمار وتشويه المنتوج الكروي المغربي، لكن أكيد أن هذه الفئة المحسوبة ستذوب يوما ما، وتنضم إلى الجمهور المغربي العاشق وفق ما شاهدناه في المباريات الأخيرة أمام الصفاقسي التونسي في نصف النهائي العربي وفي الديربي واليوم أمام الترجي التونسي· وإذا كانت الإحتفالية في مواجهة الوداد والترجي من صنع الجمهور الودادي، فإن الشغب اشتعلت ناره في المنصة الشرفية، وعندما نقول المنصة الشرفية، فإن ذلك يعني أننا أمام شخصيات رياضية وسياسية موقرة ووازنة·· المنصة الشرفية وكما يقولون إنما شيدت لمن هم يجب أن يعطوا القدوة في التنظيم وإنجاح التظاهرات وكذا الإحترام، المنصة الشرفية في الواقع تعكس حال كرتنا وحال مسؤولينا ومن أي طينة هم، هل حقا يعشقون الكرة؟ هل حقا يساهمون في التنظيم؟ أم أن الأمر يبقى مجرد حضور بالأجساد وبأهداف أخرى خارجة عن إطار الدعم والمساندة وحب الكرة· لم يكن الشغب نابع من المدرجات، لأن المنصة الشرفية الموقرة أبت خلال هذه المباراة أن تصنع الحدث، الحدث الذي أساء إلى كرتنا وخدش كبريائها (وإن كان من يديرون كرتنا لم يتركوا لها أي كبرياء)، وجعلها أمام الملأ والضيوف العربية والأجنبية تنذب حظها وتتحسر، ففي يوم العرس العربي أدرفت الدموع بفعل المنظر المشين، صدام بين مسؤولين في المنصة وصل إلى الضرب والجرح، نائب عمدة الدارالبيضاء ورئيس اللجنة المنظمة بالوداد، شخصان المفروض أن تتوفر فيهما كل أنواع الحكمة والترفع والهدوء والمثال الذي يحتدى به· لكن الأذهى من ذلك أن الصدام إنما كان مصدره هو إصرار نائب عمدة الدارالبيضاء الجلوس في موقع متقدم بالمنصة الشرفية، الحادث هذا أكد أولا أننا نفشل دائما في التنظيم عند التظاهرات الكبيرة والمباريات الوازنة، فغالبا ما يختلط على المنظمين الحابل بالنابل، إذ لابد أن تنتهي هذه المباريات الكبيرة بثغرات تنظيمية لا حصر لها، فنحن أصلا من يفسد أعراسنا الرياضية وتظاهراتنا، كما أكد هذا الحادث ثانيا أن مسؤولينا يتسابقون على الكراسي و>التبناد<·· الأكيد أن المنصة كانت مملوءة بمجموعة من الشخصيات، فعند الأفراح يظهرون ويتسابقون على الصفوف الأمامية وعند الأقراح يختفون مثل طائر الفينق الذي يظهر ويختفي· راوراوة رئيس الجامعة الجزائرية لكرة القدم وكل الضيوف تابعوا المشهد المؤسف بين مسؤولين المفروض عليهما أن يتعاليا على مثل هذا الموقف السخيف والمستفز للمشاعر، وأعطيا الإنطباع أن الكرة المغربية حتى في قمة نشاطها وعرسها فبعض المسؤولين عنها يأبوا إلا أن يعبثوا بها لأنهم تعودوا على صراع المناصب والكراسي بكل الوسائل حتى ولو كان الثمن تشويه والعبث برياضتنا·