موسم الصولد الإنتخابي بدأ مبكرا وهذه المرة أخذ انطلاقته من مدرجات الملاعب، وموسم السايْل والحملات اختارت شكلا آخر حاول الإقتراب من نبض جمهور هجر صناديق الإقتراع وأفرغ شحناته الإنفعالية بملاعب الكرة، وحملة الألوان والدعاية لفلان وعلان تحاول تحسس هذه المرة مشاعر الشعب عبر رياضة الشعب وهي كرة القدم· من القوقي للبرقوقي مرورا بالقرمزي فالخرشفي، وعبر كل الرموز الغريبة التي تحاول الأحزاب والأطياف السياسية عبثا اللعب على وترها، اختار الساسة نمطا مكشوفا ومردودا عليه لتأكيد انخراطهم الإيجابي في شأن جلدة تغيب داخل برامجهم، ولا تحظى بإهتمامهم إلا مع اقتراب مواعيد >الفوطاج<· تابعوا معي بعضا من فصول مسلسل حديث الإخراج والعرض حتى تتضح الصورة أمامكم، صورة التفكير المجبول على الإستعراض المجاني البعيد عن واقعية الإندماج كما يقتضيها المنطق والعقل، الإنمادج مع الرياضة بحسن نية وصدق النوايا· بالخميسات، حيث تعتبر المدينة واحدة من البؤر السياسية الساخنة جاءت الشرارة الأولى على امتداد أسبوعين، فجأة تذكر بعض من الساسة أن لزموز فريق يمثلها قاريا ولم يكونوا يعرفوا شيئا عن هذا الفارس حين كان يتوجع ويتدور ألما وهو يعرض سنويا موازنة مالية بأرقام شحيحة لا تناهز 400 مليون سنتيم، أي أقل بكثير من ثمن فيلا محترمة لواحد من هذه الساسة· حضر اخشيشن وزير التعليم ضد الأشانطي في صورة دعم معنوي، وكأن لسان حال السيد الوزير يقول للحضور >قوموا للكرتيلي وفيه التبجيلا، كاد الكرتيلي أن يكون وزيرا<، بعده سيحضر رئيس قبة البرلمان عبر أجنحة حمامة السلام مصطفى المنصوري مباراة مازيمبي وسيكشتف عشاق الفريق الزموري عبر مكبر صوت دعائي إنتخابي أن زعيم الأحرار درس بالخميسات ويعشق الخميسات بعدما كان يعتقد أنه ابن الناظور وعاشق هلالها، وكأن ذكر هذا الإكتشاف هو فتح عظيم، قبل أن يتناهى لعلم الحضور أن حضور المنصوري هو لطرد الأرواح الشريرة والنحس الذي ظل يطارد الكرتيلي الناجح رياضيا والفاشل سياسيا، ويمهد له الطريق لكرسي أحمر وتير قبالة نافورة شارع محمد الخامس في خريف العمر، ومع الكرتيلي حضر نجل عرشان صاحب بركة 20 ألف درهم وما أدراك ما هذه الهبة التي تعادل 400 درهم للاعب الواحد لم تكفيهم لتعبئة هاتفهم بالكونغو· وقبل الخميسات حضر الطالبي العلمي ووزير المالية مزوار بمنصة سانية الرمل بتطوان ذات ظهيرة شغلت رئيس الحمامة عن مسار اللقاء مكتفيا بحشد أسطول المصورين لإلتقاط صور واحدة للذكرى والثانية للحملة، حملة ليست انتخابية بطبيعة الحال ما دام قبطان الماط زاهدا فيها· وقبله وفي مفارقة غريبة حضر جمال أغماني وزير التشغيل بملعب أبي بكر عمار بسلا لفريق أكثر من نصفه عاطلا عن العمل، ولو اكتفى بنصف تحية في صورة إدماج بعضهم ضمن سوق الشغل لكانت الرسالة أبلغ ألف مرة من حضوره هذا، بل رباعي موعود بالإدماج في مجلس المدينة عض أصابع الندم حين أفلتت منه فرصة الإحتجاج والتظاهر بلافتة أمام أنظار الوزير· ولأن السياسة تتداخل بالرياضة وتتزوج كاتوليكيا بها ساعة تشاء وتهجرها متى تريد، فإن الكاك يكتوي بضربة مقص وجهها له رئيس المجلس البلدي بتحويل المنحة إلى النصف، لأن سعادة رئيس المجلس البلدي ابن هوارة لازال لم يهضم كيف أن فارس سبو قبل 3 مواسم حرم أولاد تايمة من حق الصعود، لذلك يتخوف هذه المرة من ردة فعل الوالي مادام سيلعب ضد القرش المسفيوي مباراة باراج بإسم الشرف· ما عاشه الكاك عاشه قبله المغرب الفاسي وتأكد قبل نحو 4 سنوات أن سلطان السياسة يعلو الرياضة، إذ أن أقصبي رئيس الماص حين نسي وهو يوجه مذكرة احتجاج للجامعة على شغب جماهير سيدي قاسم، أن والي الجهة هو ابن حاضرة الغرب، عاش بئس المصير عبر فصول جمع عادم مخدوم أحاله إلى مجرد ذكرى ورقم إلتحق بركب بنزاكور والسلف الصالح· وحين نعرج على مباريات الدارالبيضاء، فإن المشهد هنا مختلف الساسة هم زبناء دائمون للقاءات الواك والرجاء، لأنهم باختصار جزء من معادلة المنخرطين والإداريين، وحين فكر حلب والي المدينة الجديد استقبال الوداد بحكم موقعه ومظلته لتحفيزه ضد الترجي، قامت الدنيا ولم تقعد لأنه نسي المظلة الثانية ذات اللون الأخضر باعتباره مدير >أوديب< محتضن الرجاء السابق وأحد أبنائه البررة· وليس حلب وحده من يعيش هذا الوضع المتناقض، علي بنجلون نائب لعمدتين (ساجد وأكرم) وحين تقفل أبواب المركب في وجه الوداد يصبح بنجلون في وضع حرج·· حرج يزداد حين يلاقي فرع كرة السلة الذي يترأسه بالنادي البلدي فرع الوداد الذي يشغل أكرم هذه المرة دور النائب له فتتداخل المصالح حينها بين الرئيس ونائبه والنائب ورئيسه· لذلك لا حرج أن نجد الطيب الفشتالي رئيس بلدية تيط مليل وبنهيمة الوالي والوزير السابق يلبسون الأحمر بمدرجات ستاد دونور ولا حسبان نائب رئيس مجلس العمالة ومصطفى دحنان عن مجلس المدينة و لا الوزير الحالي مزوار والسابق عبد الواحد معاش ولا حتى فردوس ومصطفى أبيض عن حزب الحصان ولا حتى أخنوش·· من مرتادي نفس المدرجات للاحتفال باللقب الموعود للخضراء، لأن قمة عشقهم المزدوج (للرياضة والسياسة) ضاربة في القدم وليست ظرفية كسابقاتها· بل أن أحمد عموري المضغوط ببرمجة حارقة أصبح يجد وقتا ليقتطعه هذه الأيام ويتيحه >للدص< بالمدرجات بدل الكرسي السحري الذي يجلب النوم بالقبة ومعه أحمد بريجة بسيدي مومن وغيرهم من الوجوه التي تتذكر الكرة ساعة يريدون دحرجتها، بحيث تقودهم بوصلتها وتحقق الغايات ويشيحون بوجههم عنها فيما تبقى من زمن· لذلك عمى الألوان السياسية الذي أصاب ويصيب الملاعب هذه الأيام لن يحقق غاياته إلا بإفراد جزء من الإهتمام بالبرامج وليس بالأبواق كما كانت بالخميسات·