القفقافة الشرق العربي كله يرتعد هذه الأيام، وأينما توجهنا ثمة أناس يرتعدون، سواء كانوا من المسؤولين أم من الجماهير، اللي تساطحتي معاه كتلقاه مكمش في حوايجو حابساه البَكْية. حتى نحن هنا أصبحنا مثل أولئك الذين يقفقفون هناك، غير هوما كيقفقفوا من الخلعة، وحنا كنقفقفوا من البرد. البرد الذي قضى في الجبال على أحبة لنا لم يجدوا لديهم ما يكفي لشراء حطب يستدفئون به، هو نفسه الذي أبعد الجماهير عن الملاعب، فصارت المباريات الكبيرة تجرى أمام مدرجات شبه فارغة... وهذا شيء متوقع، لأن البرد يجعل البشر أقل رغبة في صناعة الفرح، ويجعلهم متوترين غير قادرين على الاستمتاع بما يشاهدونه، أما إيلا تلاقى البرد والجوع على بنادم راه يبداو ياكلوا في بعضياتهم. لذلك يفضل الكثيرون ألا يغامروا بقضاء ساعات في البرد من أجل مشاهدة مباراة في كرة القدم، خاصة وأن سرقة البورطابلات ومحافظ النقود تحدث في التيران خلال المباريات التي تجرى في الأجواء الباردة أكثر مما تحدث في الأيام المشمسة. كتلقى الواحد خاشي يدو في جيبك، ملي تحصلو يقول ليك: «سمح لي، بغيت غير نْسَخَّنْها». ولهذا السبب على الفرق التي لا تجني إلا بضعة دراهم من مداخيل مبارياتها الأخيرة ألا تحزن، وأن تجد العذر لجماهيرها خلال هذه الأيام، فالبرد الذي يفتك بالسيقان وأصابع القدمين والرقاب جعل المشجعين أمام خيارين أحلاهما مر: إما أن يذهبوا إلى الملعب ويقتلهم البرد، أو يشاهدوا المباراة على التلفزيون من تحت المانطة ويقتلهم معلقو «الرياضية» بالفقصة. اللهم البرد أخويا، حيت البرد بحالو بحال الصهد عْطية من عند الله. راه كلشي من عند الله، واش ما عارفش: «قل لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا». وعلاه هاد البرد مصيبة على الكرة المغربية؟ سوّل نادر المياغري يعطيك لخبار. كشفت بعض التقارير الصحفية عن فورة الغضب التي انتابت الحارس الكبير نادر لمياغري عقب نهاية مباراة الوداد الإفريقية، إذ احتج بشدة على خيانة أعضاء المكتب المسير، هؤلاء الذين لم يلتزموا بوعدهم الذي قطعوه أمام لاعبي الوداد بتزويد الفريق بملابس خاصة تقيهم قساوة البرد أثناء إجراء التداريب وخوض اللقاءات. لقد خانوا العهد فخاض اللاعبون لقاءهم الأخير شاداهم التبوريشة، كانوا في كثير من اللحظات يتمنون لو يصفر الحكم معلنا نهاية المباراة كي يعودوا مسرعين إلى ديارهم، ويخشيوا رجليهم في تقاشر سخان. لكن لماذا غضب المياغري بالذات؟ من الممكن أن يكون قلب الأسد كما يسميه الإمارتيون قد ثار نيابة عن اللاعبين باعتباره عميد الفريق والناطق باسمهم، لكن الدافع الذي يبدو قويا هو أن نادر هو اللاعب الودادي الوحيد الذي لم يسخن طيلة اللقاء. كل اللاعبين كانوا يسيطرون على البرد بالركض وتحريك العضلات إلا هو، كلشي كان كيجري في التيران إلا هو، حتى من سكوما ما بقاش باغي يوقف، وهو الذي يعاب عليه أنه لا يتبع الكرة ولا يبلل قميصه. لذا على مسؤولي الوداد أن يشعروا بمعاناة حارسهم مع البرد خصوصا في المباريات التي تعرف سيطرة ودادية، إذ يظل المياغري يقفقف من البرد. وعلى كل مسؤولي الفرق الوطنية أن يأخذوا العبرة من المباريات الأوروبية، حيث نجد اللاعبين مجهزين بملابس دافئة خلال اللقاء، إذ يكفي أن نستحضر صورة اللاعب سيرجيو راموس وهو يرتدي ما يشبه الكاشكول يلف به عنقه خلال مباريات ريال مدريد لنعرف كم هم مظلومون لاعبو البطولة الوطنية. وخاص اللعابة ديالنا ياخدوا المبادرة، وما يبقاوش يتسناو المسؤولين حتى يشريوا ليهم الحوايج. آش يديروا؟ كل واحد نهار الماتش يجيب معاه شي كاشكول من دارهم بحال راموس، أو لا شي كاشة تسخنو. إيلا اللعابة ديالنا خادوا المبادرة باش يجيبوا الحوايج من ديورهم، غادي يبان ليك النص في الفراقي داخلين للتيران بالجلالب.