قضية شادلي وتاعرابت حتى لا نتسرع في الأحكام المجانبة للصواب، ونغالي كثيرا في موضوع الهوية الوطنية لدى عينة من المحترفين المغاربة من أبناء المهجر، وحتى لا نقسو على أحد فيما لو تغير منطق العقل لدى عادل تاعرابت كقضية مطروحة للنقاش أولا قبل قراءة المستجد الآخر لناصر شادلي.. وأعرف حثما أن عادل تاعرابت كان في بداياته الأولى الأكثر والأقوى حماسة للإرتباط بقميص وطنه وهويته دون سواها حتى ولو نشأ وترعرع في أحضان دولة أخرى.. وكان أهلا للثقة التي منحها له كل المغاربة وعشقوه لأدائه وانتمائه الروحي كمسألة لا تناقش في الحب العذري للوطن، قبل أن يعشقوه لأدائه الكبير، لكن ما حدث مؤخرا لا يمكن تجاوزه كسحابة عابرة، ولا يمكن أن نثق به في عرف ما يسمى بالشهادة الطبية المرسلة دون إشعار قوي يكون فيه هو شخصيا قوة حاضرة رغم الإصابة مثلما تفاعل معه بوصوفة وبصير بالإحترافية الكبيرة.. واللاعب المحترف عقليا وإداريا لا يدخل في هذه الترهاب، بل يتجاوب بقوة مع انتمائه لبلد ينتظره في لائحة غيرتس، ويتجاوب ثانيا مع الإصابة بالدال والمدلول والمكشوف أيضا لدى الفريق الطبي للمنتخب الوطني، ويدخل ثالثا في منطق الإحترام لدى المدرب الجديد والتعارف والتعرف إليه بحسب جديد المرحلة، هو هذا عين العقل والحب الكبير للبلد الذي حمل قميصه في لقاءات قدم فيها شهادة ميلاد نجم، هو هذا عين العقل الذي كان على تاعرابت أن يتعامل به شخصيا وعلائقيا وتوجيهيا من أقرب أهله وعشيرته وأصدقائه، لا أن يضع المغاربة في لحظة الشك والتراجع عن الثقة التي وضعوها فيه كنجم صاعد.. نحن هنا فقط نعاتب تاعرابت من استقراء الأمور الواضحة لتنافسيته وحضوره الرسمي مع كوين بارك رانجيرز في ثلاث مباريات متتالية قبل مباراة المغرب، ولعب جميعها بالرسمية الكاملة، وبخاصة أمام نوتنغهام فوريست قبل العيد، تم يرستون السبت الماضي، ولا أدري كيف أصيب تباعا قبل مباراة المغرب بيومين حتى ولو كان ذلك في حصص المران، وعاد بعد الأربعاء الودي ليلعب لقاء كبيرا وسجل فيه هدفين جميلين.. لا أثق مطلقا بهذه الخرافة لأني أعرف ما أقوله ما دمت مارست الكرة وأعرف معنى الإصابات الخفيفة والبليغة، وربما في النازلة تداعياتها المجهولة لدى تاعرابت حتى ولو قال في السابق أنه يستلزم مع فريقه ولن يعود للأسود لا لشيء إلا لأنه لم يلعب لقاء تانزانيا رغم جاهزيته في واحدة من الأفكار الضيقة التي لا يدخل فيها حتى نجوم العالم الذين يجلسون في دكة البدلاء دون تشويش ولا مبالغة في حجم الوقائع.. هو هذا ما أقصده بالضبط من قضية تاعرابت وعليه أن يعي مثل هذه الأمور التي لا تخدم مستقبله، وآمل أن يكذب هو كل هذه القراءات بالعودة الساخنة والروحية لبلده لأنه بحاجة إليه مثلما عانقه أجود المحترفين الذين يشكلون اليوم أسطول المنتخب المغربي. وفي القضية الثانية.. تبدو الأمور معاكسة تماما مع ناصر شادلي النجم الثاني الصاعد بامتياز العالمية مع توينتي الهولندي، وهي قضية تحتمل الشك واليقين لانتماء ناصر بين وطنية بلجيكا ووطنية المغرب دون أن يختار الرجل الطريق الصواب لشعوره وإحساسه النهائي مع أي لون ومنتخب سيلعب له، وما بدا أن ناصر الذي لعب للمغرب أول لقاء رسمي بإيرلندا وتحت إمرة إريك غيرتس في أول دعوة وافق عليها بتلبية الواجب المبدئي، ليس هو تاعرابت في الإختيار النهائي السابق والروح الشاملة للمنتخب المغربي، بل هو بهويتين مفروض أن يحسم فيها بالتلقائية التي عاشها مع الأسود بإيرلندا، لا أن يظل ويساءل دائما بسؤال القرار الحاسم وهو المرتبط من الجانب الثاني بمنتخب بلجيكا مثلما علق عليه هو شخصيا «للمنتخب» ولأحد القنوات التلفزية البلجيكية أنه لم يخسر شيئا حينما لعب للمغرب، ولم يتوصل حتى بدعوة من المدرب جورج ليكنس بأقوى دلالة انتظار ذلك ليلعب لقاء وديا مع بلجيكا حتى يختار بين الحلو والمر كما يريد هو ذلك ليحسم في أمر المنتخب الذي سيلعب له.. وشخصيا لا يمكن أن أتعلق بتصريحات هذا اللاعب الكبير ولا يمكن أن نحاكمه فيما لو غير رأيه ليلعب مع المنتخب المغربي، كما لا يمكن أن نضغط عليه، لأن من يحب بلده ويموت من أجله فهو أقوى رجل نريده داخل المنتخب، ومن يريد أن يربث على كتفه ويغري بكل شيء لحمل القميص فهو أمر غير مقبول على الإطلاق.. ولناصر الكلمة الفاصلة، إن كان يشعر أصلا أنه مغربي ويرى نفسه نجما لتصعيد صورة المغرب داخل المنتخب وحتى لنفسه في كوطة النجوم.. وعلى عادل تاعرابت أن يراجع منطق أفكاره الصغيرة ليكون كبيرا في منظورنا بالكرة والعقل.