تراجع الصادرات ب 886 مليون درهم.. وتفاقم العجز التجاري ب 24.5 مليار درهم    كأس العرش 2023-2024 (قرعة).. مواجهات قوية وأخرى متكافئة في دور سدس العشر    ترامب يعلق جميع المساعدات العسكرية لأوكرانيا بعد أيام من مشادته مع زيلينسكي    القاهرة.. انطلاق أعمال القمة العربية غير العادية بمشاركة المغرب    التنديد بانتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف بالجزائر أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف    بالفيديو.. نائب وكيل الملك يكشف تفاصيل ملف "اليوتوبر" جيراندو.. تحدث عن علاقة القاصر بخالها وعن أحد المتهمين يشتبه في تلقيه حوالات مالية مقابل توضيب الفيديوهات    وكالة بيت مال القدس تشرع في توزيع المساعدات الغذائية على مؤسسات الرعاية الاجتماعية بالقدس    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على أداء سلبي    أسعار اللحوم في المغرب.. انخفاض بنحو 30 درهما والناظور خارج التغطية    حادث سير مروع يتسبب في وفاة شخصين بعد اصطدام شاحنتين    إطلاق برنامج طلبات عروض مشاريع دعم الجمعيات والهيئات الثقافية والنقابات الفنية والمهرجانات برسم سنة 2025    الضفة «الجائزة الكبرى» لنتنياهو    بنك المغرب يحذر من أخبار مضللة ويعلن عن اتخاذ إجراءات قانونية    أمن فاس يوقف 6 أشخاص متورطون في الخطف والإحتجاز    استئنافية مراكش ترفع عقوبة رئيس تنسيقية زلزال الحوز    مجلس جهة الشمال يصادق على مشروع لإعادة استعمال المياه العادمة لسقي المساحات الخضراء بالحسيمة    مقاييس الأمطار بالمغرب في 24 ساعة    انتخاب المغرب نائبا لرئيس مجلس الوزارء الأفارقة المكلفين بالماء بشمال إفريقيا    التفوق الأمريكي وفرضية التخلي على الأوروبيين .. هل المغرب محقا في تفضيله الحليف الأمريكي؟    الوكالة القضائية للمملكة تعلن استصدار 360 حكما ضد المحتلين للمساكن الوظيفية    "مرحبا يا رمضان" أنشودة دينية لحفيظ الدوزي    مسلسل معاوية التاريخي يترنح بين المنع والانتقاد خلال العرض الرمضاني    الركراكي يوجه دعوة إلى لاعب دينامو زغرب سامي مايي للانضمام إلى منتخب المغرب قبيل مباراتي النيجر وتنزانيا    ألباريس: العلاقات الجيدة بين المغرب وترامب لن تؤثر على وضعية سبتة ومليلية    أسعار الأكباش تنخفض 50%.. الكسابة يحذرون من انهيار القطاع في جهة الشرق    القناة الثانية (2M) تتصدر نسب المشاهدة في أول أيام رمضان    بنك المغرب يحذر من محتوى احتيالي    الصين تكشف عن إجراءات مضادة ردا على الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على منتجاتها    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    مبادرة تشريعية تهدف إلى تعزيز حقوق المستهلك وتمكينه من حق التراجع عن الشراء    فنربخشه يقرر تفعيل خيار شراء سفيان أمرابط    جمع عام استثنائي لنادي مولودية وجدة في 20 مارس    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    ‬ما ‬دلالة ‬رئاسة ‬المغرب ‬لمجلس ‬الأمن ‬والسلم ‬في ‬الاتحاد ‬الأفريقي ‬للمرة ‬الرابعة ‬؟    الصين: افتتاح الدورتين، الحدث السياسي الأبرز في السنة    فينيسيوس: "مستقبلي رهن إشارة ريال مدريد.. وأحلم بالكرة الذهبية"    الزلزولي يعود إلى تدريبات ريال بيتيس    تصعيد نقابي في قطاع الصحة بجهة الداخلة وادي الذهب.. وقفة احتجاجية واعتصام إنذاري ومطالب بصرف التعويضات    الإفراط في تناول السكر والملح يزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان    دوري أبطال أوروبا .. برنامج ذهاب ثمن النهاية والقنوات الناقلة    فرنسا تفرض إجراءات غير مسبوقة لتعقب وترحيل المئات من الجزائريين    بطولة إسبانيا.. تأجيل مباراة فياريال وإسبانيول بسبب الأحوال الجوية    الفيدرالية المغربية لتسويق التمور تنفي استيراد منتجات من إسرائيل    مباحثات بين ولد الرشيد ووزير خارجية ألبانيا للارتقاء بالتعاون الاقتصادي والسياسي    سينما.. فيلم "أنا ما زلت هنا" يمنح البرازيل أول جائزة أوسكار    القنوات الوطنية تهيمن على وقت الذروة خلال اليوم الأول من رمضان    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    3 مغاربة في جائزة الشيخ زايد للكتاب    المغرب يستمر في حملة التلقيح ضد الحصبة لرفع نسبة التغطية إلى 90%‬    أحمد زينون    كرنفال حكومي مستفز    وزارة الصحة تكشف حصيلة وفيات وإصابات بوحمرون بجهة طنجة    حوار مع صديقي الغاضب.. 2/1    فيروس كورونا جديد في الخفافيش يثير القلق العالمي..    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    هذا هو موضوع خطبة الجمعة    الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين يستغرب فرض ثلاث وكالات للأسفار بأداء مناسك الحج    المياه الراكدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هوادي التعرّف (21)
نشر في ميثاق الرابطة يوم 23 - 03 - 2012

التصوف على "طريقة الجنيد السالك" حَسب ما سُطِّر في منظومة فقيه القرويين ابن عاشر، ووِفق ما تَوارث في الأمة، يتقعّد على ثمانية شروط ومبادئ:
المبدأ الثاني في طريق التصوف: التقوى (3): قال الناظم رحمه الله:
وَحَاصِلُ التَّقْوَى اجْتِنَابُ وَامْتِثَالْ *** فِي ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ بِذَا تُنَالْ
فَجاءتِ الأَقْسَامُ حَقّاً أَرْبَعَهْ *** وَهْيَ للسَّالِكِ سُبُلُ المَنْفَعَه
وأشار بقوله: "وهي للسالك سبل المنفعة" إلى أن التقوى بالمعنى المتقدم هي الطريق التي توصل السالك إلى ربه وتبلغه إلى حضرة قربه، فيربح في تجارته ويسعد في دنياه وآخرته، فالتحلي بالفضائل، والتخلي عن الرذائل، في الظاهر والباطن، هما حقيقة السلوك.
"والسالك: السائر، والمسلك: الطريق"[1]. وقد ورد هذا اللفظ في القرآن الكريم اثني عشرة مرة بالمعنى اللغوي بصيغة الفعل[2]. مرة بدلالة حسية، وأخرى بدلالة معنوية. إلا أن إطلاق لفظ "السلوك" قد غلب على معنى النفوذ في الطريق والسير فيه، سواء كان هذا الطريق طريقا حسيا أو معنويا.
ففي الاصطلاح: السلوك؛ هو النفوذ والسير في الطريق التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، والشروع فيها وملازمتها، وهو مما اصطلح عليه أهل التصوف وتوافقوا عليه؛ إذ السلوك عندهم مرتبط بالطريق التي يسلكها الصوفي من أجل تطهير نفسه، والسمو بها عن الأخلاق الذميمة، مثل حب الدنيا والجاه، والحقد، والحسد، والكبر، والعجب، والكذب، والغيبة، والظلم، ونحوها من المعاصي، وتحليتها بالأخلاق الحميدة، مثل العلم، والحياء، والرضا، والعدالة، ونحوها[3].
ومن ثم فالسلوك هو الطريق الأقوم الذي ينبغي للصوفي أن يسلكه؛ لأنه أساس الممارسة الدينية الإسلامية الحقّة التي مبناها على تصفية القلوب وتطهيرها، وهي الغاية التي جاء من أجلها النبي صلى الله عليه وسلم، والطريقة التي انتهجها مع صحابته، وهي طريقة كل المرسلين والأنبياء، قال تعالى: "وَأَنْ لَوِ اِسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا" [الجن، 16]. والاستقامة على هذه الطريق تقتضي سلوك أثر النبي صلى الله عليه وسلم.
وعليه فالمقصود بالسالك في قوله: "وهي للسالك سبل المنفعة"، العبد الذي يجتهد بالتقوى في الظاهر والباطن وذلك بمخالفة هوى نفسه وشهواتها، وهو الذي يستقيم في طريق الحق بالمجاهدة وإخلاص النية لله تعالى، ليجعل الله له بذلك نورا في قلبه، ويرزقه علما يدرك به حقائق الأمور، ويميز به الأشياء من أضدادها، مصداقا لقول الله تعالى: "وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ الله" [البقرة، 281]، فالسالك "في اصطلاح الصوفية.. عبارة عن السائر إلى الله، وهو وسط بين المريد والمنتهي"[4]، ما دام في السير.
وما أحسن قول الشيخ زروق: "السالك هو المتوجه لطلب الحق، على سبيل التدريب والتهذيب"[5]. وهو الذي تنصرف همته لله، فيريد انفراد قلبه لمولاه، فيعمل على تصفية قلبه من العيوب التي تحجبه عن الله وتصرفه عن باب مولاه، ويتأدب بآداب العبودية، حتى يتأهل بذلك لحضرة الربوبية، وهي أخلاقه صلى الله عليه وسلم، وبالتخلق بها امتاز الصوفية على غيرهم كما قيل:
تبعهُ العَالِم في الأقوال *** والعابد الناسك في الأفعَال
وفيهما الصٌّوفي في السياق *** لكنه قد زاد في الأخلاق[6]
وفي بعض تقاييد أبي الحسن علي الحرالي "ت 638ه"[7] ما نصه: "وظيفة المريد السالك لطريق الصوفية وآدابه التمسك بعزائم الكتاب والسنة، والأخذ بالأحوط في كل حالة، وتفريغ القلب من كل شاغل يشغله عن الله سبحانه، وتوديع نفسه في كل عمل يعمله، بتقريب أجله وقصر أمله، مفتقرا إلى الله تعالى في كل أحواله وأعماله، ليتولى الحق سبحانه سياسته ورعاية حفظه"[8].
وقد أجمع أهل هذا الفن على أن السلوك الصوفي يتطلب مُسلِّكا ماهرا، يعرف الطريق، ويخبر دروبها، ممن له الأهلية في فعل التسليك، وكملت معرفته بمكائد النفس وألاعِيب الشيطان، فهذا صحبته تختصر الطريق للسالك، وهو بدونه كالمسافر الذي يسير في صحراء لا يعرفها من غير دليل، ولهذا المعنى أشار ابن عاشر بقوله كما سيأتي لاحقا:
يَصْحَبُ شَيْخًا عَارِفَ الْمَسَالِك *** يَقِيهِ فِي طَرِيقِهِ الْمَهَالِكْ
يُذكرُهُ اللّهَ إِذَا رَآه *** وَيُوَصِّلُ الْعَبْدَ إلى مَوْلاه
وقال ذو النون المصري[9]:
فلا عيشَ إلا مع رجالٍ قلوبُهم *** حنّ إلى التقوى وترتاحُ للذكر
سكونٌ إلى روح اليقين وطِيبه *** كما سكنَ الطفل الرضيعُ إلى الحِجر
يُتبع..
----------------------------------------------------
1. لسان العرب لابن منظور، مادة (سلك).
2. وهذه المواضع هي: الحجر الآية 12، النحل: 69، طه: 53، المؤمنون: 27، الشعراء: 200، القصص: 32، الزمر: 21، الحاقة: 32، نوح: 20، الجن: 17 و27، المدثر: 42. وقد ورد فيها بالصيغ الآتية: سلك، سلكناه، فسلكه، لتسلكوا، نسلكه، يسلك، يسلكه، اسلك، فاسلكوه.
3. كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي، تحقيق: علي دحروج، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، ط1، 1996، 1/ 969.
4. كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي، ج1، ص: 970.
5. شرح الحكم العطائية لأحمد زروق، ص: 17.
6. شرح كتاب مبادئ التصوف وهوادي التعرف للشيخ محمد بن قاسم كسوس، مخطوط بالمكتبة الوطنية بالرباط، رقم: 10ك، وبالخزانة الحسنية، رقم: 12439.
7. انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط2، 1982م، 11/78.
8. شرح كتاب مبادئ التصوف وهوادي التعرف للشيخ محمد بن قاسم كسوس، مخطوط بالمكتبة الوطنية بالرباط، رقم: 10ك، وبالخزانة الحسنية، رقم: 12439.
9. الرسالة القشيرية، المكتبة العصرية، بيروت، 2005م، ص: 106.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.