ساهمت المرأة في العهد النبوي في مسيرة بناء الدولة المسلمة، وشاركت في التنمية الاجتماعية لمجتمعها وأمتها، حيث نلمس حضورها البارز في عدة مجالات. فقد سعت إلى طلب العلم، وطالبت بتخصيص أيام لها لتحصيله، وذلك وعيا منها بقيمة العلم ودوره في بناء المجتمع بكل مكوناته رجالا ونساء، فعن أبي سعيد الخدري قال: "جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه، تعلمنا مما علمك الله، قال: اجتمعن يوم كذا وكذا، فاجتمعن، فأتاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه الله ثم قال: ما منكن من امرأة تقدم بين يديها من ولدها ثلاثة، إلا كانوا لها حجابا من النار، فقالت امرأة: واثنين واثنين واثنين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: واثنين واثنين واثنين"[1]. وشاركت في الجهاد إلى جانب الرجل، وعملت على مساعدة الجرحى ومداواتهم، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن حفصة رضي الله عنها أنها قالت: "كنا نمنع عواتقنا أن يخرجن في العيدين، فقدمت امرأة، فنزلت قصر بني خلف، فحدثت عن أختها، وكان زوج أختها غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة غزوة وكانت أختي معه في ست، قالت: كنا نداوي الكلمى، ونقوم على المرضى، فسألت أختي النبي صلى الله عليه وسلم أعلى إحدانا بأس، إذا لم يكن لها جلباب، أن لا تخرج؟ قال: لتلبسها صاحبتها من جلبابها ولتشهد الخير، ودعوة المسلمين"[2]. كما كانت تجير المحارب، فهذه أم هانئ بنت أبي طالب قالت: "ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فسلمت عليه، فقال: مرحبا بأم هانئ، فقلت: يا رسول زعم ابن أمي علي ابن أبي طالب أنه قاتل رجلا قد أجرته فلان ابن هبيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ"[3]. ------------------------- 1. أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه، حديث: 2633. 2. أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، كتاب: الحيض، باب: شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين، ويعتزلن المصلى، حديث: 324. 3. صحيح البخاري كتاب: الجزية والموادعة، باب أمان النساء وجوارهن.