في 30 أبريل 2004 تم تعيين عدد من النساء العالمات في المجالس العلمية ببلانا وذلك بمبادرة ملكية أبت إلا أن تعيد للمرأة مجدها بإشراكها في أداء واجبها إلي جانب الرجل في تدبير الشأن الديني. وبهدف تقريب القراء من الأداء الدعوي والتعليمي والتربوي لهذه الشخصيات النسائية، تستضيف >التجديد< ضمن هذا الركن نساء المجالس، مجموعة من النساء أعضاء في المجالس العلمية. بداية، من هي السيدة فاطنة دعنون؟ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد، فاطنة دعنون مواطنة من إقليمالناظور وبالضبط من قبيلة أولاد ستوت من مواليد 1941 درست في الكتاب القرآني (المسيد) و الابتدائي في مدرسة تيمكارت الموجودة آنذاك وحدها بإقليمالناظور قبل أن أنتقل إلى تطوان لمتابعة دراستي في المستوى الثانوي، الذي لم يكن موجودا في إقليمالناظور، والتحقت بسلك التعليم حتى تقاعدت الآن. هل سبق للسيدة فاطنة دعنون أن اشتغلت في مجالات أخرى قبل التحاقها بالمجلس العلمي؟ نعم، فقد زاولت بجانب التعليم أنشطة اجتماعية مختلفة سواء في ميدان المرأة وميدان الطفل والإرشاد الديني، الذي كان منذ 1972 على أمواج إذاعة وجدة الجهوية، و كذلك على الصعيد الوطني بإذاعة تامازيغت. انتخبت رئيسة للاتحاد الوطني النسائي المغربي بالإقليم منذ 1968. ثم كاتبة عامة على الصعيد الوطني والآن نائبة الرئيسة على المستوى الوطني. أما في ميدان الطفل، فقد كنت عضوا في رعاية الأسرة بالناظور سابقا، والآن رئيسة العصبة المغربية لحماية الطفولة بالإقليم منذ 1994. شاركت في إصلاح المدونة الأولى سنة 1993 حيث كنت مقررة للجنة، التي ترأسها المرحومة للا فاطمة الزهراء، رئيسة الاتحاد الوطني النسائي المغربي، كما ساهمت في اقتراحات إصلاح مدونة الأسرة سواء بالنسبة للمرأة أو الطفل بالعصبة المذكورة أعلاه. كلفت بتمثيل الاتحاد المغربي النسائي في الاتحاد النسائي العربي العام، الذي كان مقره في بغداد وما أزال رغم الجمود، الذي وقع في الاتحاد العربي العام بسبب الأحداث، التي تمر بها. كما واكبت داخل الاتحاد النسائي العربي كل ما يتعلق بملف القضية الوطنية مباشرة بعد المسيرة الخضراء سنة 1977. كيف كان شعورك لحظة تعيينك عضوا في المجلس العلمي للمشاركة في التأطير الديني؟ في السابق،.كان المجال الدعوي مقتصرا على الرجال وهو ما يزال كذلك في جل الأقطار الإسلامية، ومنذ انطلاق الصحوة الإسلامية تفطنت لما يحاك ضد الدين خرجت المرأة إلى المجال الدعوي، ورأيناها في محطات فضائية متعددة. وبالنسبة لي، شاركت في مجال الإرشاد الديني في السبعينيات، لكن خارج إطار المجلس العلمي، وذلك في إطار توعية المرأة بصفة عامة. وكان الهاجس الذي يشغلني دائما وكنت أحث عليه هو أن تعي المرأة الحقوق، التي أعطاها لها الإسلام، وأن تحترم الثوابت، وأن تدافع على حريتها المقيدة بضوابط شرعية. ومن هذا المنطلق لم أفاجأ بالتعيين، ولكن استكبرته كثيرا لأنه أمانة. حيث كنت في الجانب الاجتماعي، فصرت أحسب على مجلس علمي، وللمجالس العلمية ما لها من المسؤولية.. أصدقك القول، أنه أثناء تأدية الصلاة في مسجد الحسن الثاني في أول اللقاء، الذي كان سيستقبلنا فيه جلالة الملك ليعلن عن إصلاح الشأن الديني وعن إشراك المرأة، أذرفت الكثير من الدموع خوفا من جسامة مسؤولية هذا المنصب. فوجئت من حيث المسؤولية، ولكن ليس من حيث الدعوة، أما حب نشر الدعوة فكنت أومن بهذا وأقوم به على قدر استطاعتي في المجال الاجتماعي وحتى داخل مساجد إقليمالناظور، بالخصوص مسجد محمد الخامس. أما الآن فصار في المجال العلمي بين العلماء، وهذا يدفعني إلى الكثير من التحمل والكثير من البحث والكثير من محاسبة النفس والسلوك والقول. بالنظر إلى خصوصيات هذه المنطقة المحافظة جدا، إلى أي حد ساعدت أو عرقلت هذه الخصوصيات مهمة الدعوة بالنسبة للمرأة؟ كما قلت إنه أثناء الصحوة التي عمت العالم الإسلامي. أخذت النساء في هذا الإقليم تقمن بدروس الوعظ والإرشاد داخل المساجد، ولهن جمهور محترم، وهن أيضا محترمات في أسلوبهن وسلوكهن. أما بالنسبة لخصوصية هذه المنطقة فقد كانت المرأة سابقا لا تستجيب بشكل مكثف للحضور لأسباب عدة منها العادة ومنها رغبة الأزواج والآباء في عدم خروجها. أما الآن، فإن هذه الخصوصية قد زالت. ونجد المرأة متعطشة للحضور في جميع المجالات الثقافية، خاصة منها الدينية. على ذكر المجال السياسي هل سبق لك أن شاركت في الانتخابات؟ نعم تقدمت إلى الانتخابات الجماعية في سنة 1976 بصفة مستقلة.. وفي الانتخابات البرلمانية، كان يتم تجميع الأحرار في حزب واحد.. وأصدقك القول أنهم حاولوا معي كثيرا لحضور المؤتمر الأول لحزب الأحرار. وتابعت المسيرة مدة قصيرة، ثم انسحبت بهدوء. ولا أقول هنا بأن الحزب لم يعجبني، فكل الأحزاب محترمة، وكل من يتقدم لخدمة المواطنين فله الأجر في ذلك، وكل ما هنالك أنه لا يعجبني التقيد ولهذا فضلت أن أبقى محايدة مع احترامي للجميع. ماذا أضافت مشاركة المرأة إلى المجلس العلمي خاصة، وإلى العمل الدعوي عامة؟ المرأة ركن حيوي وحساس جدا في العمل الدعوي، فأغلب وقتها تقضيه داخل الأسرة،كما أن احتكاكها المباشر بكل أفراد الأسرة وانتشار الأمية وقلة الوعي في الوسط النسوي، كل ذلك يؤكد هذا الدور الحيوي. ولا ننسى أن دور المرأة في بداية الإسلام كان دورا فعالا فهي أول من آمنت بالرسول صلى الله عليه وسلم هي أمنا خديجة رضي الله عنها وأول من استشهدت سمية رضي الله عنها، وعن أمنا عائشة روى أغلب الصحابة أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم. وتقوم المرأة بدور فعال في جميع المجالات العلمية، وتمارس بجانب أخيها الرجل كل الأعمال والمهام، التي تعمل على تنمية الوطن. وقد جاءت مبادرة صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله بإدخال المرأة في المجال الدعوي في المجالس العلمية تتويجا لهذه المشاركة، وهذا توفيق من الله لجلالته، فأصبحنا نرى اليوم منذ الإصلاح الديني إقبالا وتفتحا أكثر من ذي قبل، الشيء الذي سيؤدي إلى تصحيح الكثير من المفاهيم في الوسط النسوي. وبالنسبة للمجلس العلمي؟ بالنسبة للمجلس العلمي بالناظور، وكما في كل المجالس العلمية بالمغرب، لم تكن المرأة موجودة إلا كإدارية أو كواعظة في الآونة الأخيرة في المساجد، ولم يكن هناك احتكاك مباشر بالمجلس العلمي والأخوات الواعظات والمرشدات داخل المساجد. أما الآن فهن يحضرن الدورات التدريبية بجانب الوعاظ والمرشدين، ويكثفن النشاط الدعوي في المساجد وخارجها، ويكفي أن نقول الآن إنه ترد علينا طلبات عديدة للانتماء إلى هذا المجال، وهذا يدل على الرغبة والاقتناع بالدورالدعوي.. والمجلس العلمي بالناظور، والأعضاء الموجودون فيه، وعلى رأسهم رئيس المجلس، مستعدون لتقبل المشاركة النسوية، ومشجعون لها. بناء على ما ذكرت، هل هذا يعني أن المجلس سيضم مستقبلا أعضاء أخريات؟ هذا ما نتطلع إليه، وقد سمعنا هذا من السيد الوزير نفسه في أحد اجتماعاتنا، حيث أشاد بالدور الذي تقوم به المرأة في سائر المجالس العلمية في الوطن وتمنى أن تكون الزيادة للمرأة مستقبلا. ما هي أهم منجزات المجلس العلمي منذ الإعلان عن إصلاح الشأن الديني؟ منجزات المجلس العلمي منذ أن انتسبت إليه في فاتح ماي 2004 منجزات دعوية وثقافية، هناك أعضاء يزاولون مهمة الوعظ والإرشاد في مجموعة من المساجد والمراكز الاجتماعية والمؤسسات التعليمية، ولا يقتصر هذا على المناسبات فقط، بل هناك ندوات ومحاضرات وتطبيق ما ورد في المنهاج السنوي للمجلس العلمي الأعلى، فصارت الآن المشاركة غير مقتصرة على أعضاء المجلس فقط، بل ضمت إليها جميع الفعاليات الراغبة في إصلاح المجتمع من أطباء ومحامين وقضاة وأساتذة وعلماء من خارج المجلس العلمي، وأعني هنا العنصر الرجالي والنسوي. وهذا يدل على القبول والانفتاح. ماذا أعد المجلس العلمي كبرامج خاصة لشهر رمضان المبارك؟ المجلس العلمي أعد البرامج كعادته لكن هذه السنة تميزت بكثافة البرامج والمشاركة القوية للمرأة، حيث بلغ عدد الأنشطة 37 نشاطا خلال هذا الشهر، بدأت بحفل ديني للمديح النبوي، كان الهدف منه معالجة بعض المظاهر، التي نراها في أغلب الحفلات، بعيدة عن رضى الله، والهدف الثاني من هذا الحفل هو إعداد المواطن لاستقبال رمضان ليس بعادات متعارف عليها من تهيئ الأطعمة والحلويات، بل ذكرناهم بالاستعداد الروحي عملا بالحديث الشريف كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فحاولنا أن تكون المرأة في مستوى هذه الرعاية، واعظة بأسلوبها وتعاملها وتصرفها، وهذا في حد ذاته وعظ ودعوة. إضافة إلى ندوات تتطرق إلى مواضيع عدة كفضل رمضان وفوائده الصحية والنفسية وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة في رمضان وفضل الصيام وقراءة القرآن وسبل الهداية، وكذا المحاضرات حول ما يتعلق برمضان كداء السكري، وبرمجة مسابقات قرآنية في آخر الشهر، حيث حفزنا قارئات القرآن، خاصة الأميات منهن، على المشاركة. وهدف المجلس العلمي، خصوصا خلية المرأة، هو فتح أقسام محو الأمية وحفظ القرآن بكل المساجد. كلمة أخيرة أتوجه إلى الله تعالى أن يوفق الجميع إلى إصلاح مجتمعنا في وطننا العزيز إصلاحا شاملا، يجعله ينعم بالطمأنينة والأمن والاستقرار، خاصة ونحن في أمس الحاجة إليهما في هذه اللحظة الحرجة من التاريخ، كما أدعو إلى تكاثف جهود كل المخلصين لله وللوطن ولقائد الأمة الذي أراد أن يكون هذا الإصلاح شاملا.