أكد ديننا الحنيف على دور الشباب وأهميته في نهضة الأمة وصناعة مجدها، حيث ركز على تربية هذه الفئة من المجتمع وتعليمها وإعدادها للمساهمة في بناء مجتمعاتها، وتوجيه طاقاتها لتنمية أوطانها والرقي بها. فالرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – دعا إلى الاهتمام بالشباب وتنشئتهم على المبادئ والقيم الإسلامية السمحة، ووجههم إلى الحفاظ على هذه المبادئ والالتزام بها وتمثلها وتفعيلها في حياتهم؛ لأنها سبيل صلاحهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة. فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه"[1]. وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم - مدركا لما يتمتع به الشباب من همم عالية وتطلعاتهم كبيرة لإظهار قدراتهم وكفاءاتهم على أرض الواقع، فحرص – عليه الصلاة والسلام - على منحهم فرصة لذلك وكلفهم بمسؤوليات عظيمة ومهام جسيمة، فوضع بعض شباب الصحابة في مركز القيادة والإمارة، حيث أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – الصحابي الجليل أسامة بن زيد على جيش مؤتة وهو حديث السن، وزكاه بقوله صلى الله عليه وسلم: "و ايم الله إنه لخليق بالإمارة، وإن كان أبوه لخليقا بها" [2] والسيرة النبوية الشريفة مليئة بمثل هذه المواقف الجليلة التي ترفع من قيمة الشباب، وتدعم قدراته ومواهبه. ففعله – صلى الله عليه وسلم – هذا هو هدي نبوي كريم وتوجيه لأمته إلى الأخذ بيد الشباب ودعمهم، وزرع الثقة في نفوسهم، وذلك لإعدادهم الإعداد السليم والفاعل لتحمل المسؤولية وإدراك مكانتها، وحراسة لقيم الأمة والذود عن ثوابتها، فهم أمل الأمة ومستقبلها. --------- 1. رواه الإمام البخاري في صحيحه كتاب الآذان، باب: من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد حديث: 660، وكتاب الزكاة، باب: الصدقة باليمين حديث: 1423. 2. الروض الأنف للإمام السهيلي 4/ 386.