إذا علمنا قيمة الدور الذي تقوم به المرأة المسلمة في الحفاظ على أبنائها وتهذيب فطرتهم، والحفاظ عليها من كل تغيير أو تشويه يلحقها، علينا أن ندرك كذلك أنه يجب إعداد هذه المرأة لهذه المسؤولية العظيمة، إعدادا يؤهلها للقيام بها أحسن قيام، إذ كيف لها أن تحافظ على الفطرة السليمة لأبنائها ما لم تعلم أو تعرف معالم وأسس هذه الفطرة!. فقد أكد الإسلام منذ بزوغ فجره على تربية النشء على القيم الإسلامية، وحرص على غرس تعاليم دينه السمحة في نفوس أبنائه وبناته، واهتم بتعليمهم وإعدادهم لتحمل رسالة الإسلام، وتفعيل قيمها ومبادئها في حياتهم. قال الله تعالى في كتابه الكريم:" والمومنون والمومنات بعضهم أولياء بعض يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويوتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله" [سورة التوبة / الآية: 71]. وقد خص الإسلام المرأة بعناية ورعاية خاصة، وذلك لمكانتها ومهمتها العظيمة في الحياة، خاصة مسؤوليتها في إعداد رجال ونساء المستقبل، وتنشئتهم تنشئة إسلامية وتمثلهم لمبادئ دينهم الحنيف. ولنا في رسول الله أسوة حسنة حيث اهتم بتربية وتعليم النساء وخص لهن يوما يعلمهن فيه أمور دينهن، أخرج الإمام البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري: – رضي الله عنه – قالت النساء للنبي – صلى الله عليه و سلم – غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوما من نفسك، فوعدهن يوما لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن، فكان فيما قال لهن: "ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها، إلا كان لها حجابا من النار ". فقالت امرأة: واثنتين ؟ فقال: "واثنتين". فكان الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم– يوصي بالاهتمام بتنشئة الفتيات وتأديبهن وتعليمهن، حتى يتمثلن قيم الدين الإسلامي في حياتهن، ويعرفن مبادئه ومعالمه، ويعملن على ترسيخها في نفوس أبنائهن مستقبلا، وإدراكا منه – صلى الله عليه وسلم - لقيمة هذا الدور ووعيه بخطورته، دعا إلى تعليم الإماء وتربيتهن ورغب في ذلك. عن أبي بردة عن أبيه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم -: " ثلاثة لهم أجران: رجل من أهل الكتاب، آمن بنبيه وآمن بمحمد – صلى الله عليه و سلم -، والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه، ورجل كانت عنده أمة يطؤها، فأدبها فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها، فله أجران " . من هنا نعلم أن إعداد المرأة المسلمة لتحمل مسؤوليتها ضرورة شرعية، وواجب ديني، فإذا علمت المرأة المسلمة معالم دينها، واستوعبت أسس شريعتها، وأدركت مقاصدها، عرفت كيف تربي أبناءها، وسهل عليها أمر ردهم إلى فطرتهم السليمة، إن انحرفوا عنها أو علق بها ران.