شرع الله تعالى الشرائع وبعث الرسل والأنبياء للرجوع بالإنسان إلى الفطرة التي فطر الله الناس عليها، بعد زيغهم عنها و انحرافهم عن جادتها وطمسهم لمعالمها وحقيقتها، قال الله -عز وجل- في كتابه العظيم موجها خطابه تعالى لنبيه الكريم: "فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذالك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون" {سورة الروم الآية 29}. فقد سعى الإسلام إلى بناء شخصية المسلم على أساس سلامة الفطرة ونقائها وصفائها وتطهيرها من أدران التشويه والانحراف. ونجد الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة جلها تقصد إلى بناء هذا الإنسان وتهدف إلى جعله خليفة في الأرض ليعمرها ويصلحها. فكانت مسؤولية الاستخلاف والإعمار في الأرض وتحمل مهام الخلافة فيها من الأمانات العظيمة، والمهمات الكبيرة والمسؤوليات الجسيمة التي تحملها الإنسان، الرجل والمرأة في ذالك سواء، لتحقيق الخضوع والانقياد والعبادة لله تعالى وحده لا شريك له. أخرج الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه و سلم- يقول: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهو مسئول عن رعيته". فمن أهم المهمات وأعقدها هو حفاظ المرأة المسلمة على سلامة فطرة النشء من التغيير والانحراف، من هنا نستطيع إدراك جسامة المسؤولية الذي تضطلع بها المرأة اتجاه هذا النشء، وقيمة الدور الذي تقوم به اتجاه أبنائها ومحافظتها على نقاء فطرتهم وسلامتها من المسخ والتشويه. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء" رواه الإمام البخاري ومسلم. ولابد لنا من الاعتراف أننا بدأنا نغفل عن هذا الدور الكبير والخطير، الذي تقوم به المرأة المسلمة في الحفاظ على سلامة ونقاء فطرة أبنائها والحفاظ عليها من كل تغيير لحقيقتها أو طمس لمعالمها، لذا فالواجب أن ننبه إلى ذلك، وأن نؤكد على ضرورة الارتقاء بهذا الدور وبما يليق به وبقيمته.