تعددت أشكال الاحتفالات باليوم العالمي للأسرة والذي يوافق يوم 15 ماي من كل سنة، لكن الكل يكاد يجمع على الخلل الذي أصاب النسيج الأسري ويدعوا إلى رأب هذا الصدع الذي يهدد بناء الأسرة، بل ويهدد المجتمع ككل. وإن دعوة المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإسيسكو) من خلال هذا الاحتفال إلى حماية الأسرة المسلمة، وتوفير الضمانات اللازمة للنهوض بها والتشبث بمقوماتها الروحية والشرعية والثقافية والاجتماعية، لهو وعي كبير بهذا الخلل الذي تعرفه العلاقات الأسرية، وإدراك شامل لما تعانيه أسرنا من تفكك وانحلال، وبعد عن مقوماتنا وثوابتنا الحضارية، واغتراب عن هويتنا الإسلامية. فالأسرة تعتبر المصدر الأول والأساس للتكوين القيمي والأخلاقي لدى الفرد، إذ في أحضانها يدرك الإنسان معنى القيم، ومن خلالها يعرف ثوابت ومقومات مجتمعه، ويسعى لتمثلها والحفاظ عليها، فهي مؤسسة تربوية عظيمة لحفظ القيم وحراستها من كل تغيير أو تبديل، ورعايتها وتثبيتها في الأجيال القادمة. والحفاظ على الأسرة وحماية كيانها وأسسها مقصد جليل من مقاصد الشرع الحكيم، بل هو مقصد جميع الشرائع البشرية حيث أن "انتظام أمر العائلات في الأمة أساس حضارتها وانتظام جامعتها، فلذلك كان الاعتناء بضبط نظام العائلة من مقاصد الشرائع البشرية كلها، وكان ذلك من أول ما عني به الإنسان المدني في إقامة أصول مدنيته بإلهام إلهي روعي فيه حفظ الانتساب من الشك في انتسابها"[1]. فحماية الأسرة هي حماية لثوابت المجتمع وأسسه، وصيانتها صيانة لقيمه وأخلاقه، وهذه المسؤولية يشترك فيها الجميع، حيث يجب على جميع مكونات مجتمعنا العمل على غرس وترسيخ القيم والثوابت داخل أسرنا، والعمل كذلك على إيجاد الحلول المناسبة والفاعلة للمشاكل التي تعرفها، وتؤثر سلبا على استقرارها وكيانها. فلتكن قضايا الأسرة في عمق اهتماماتنا وانشغالاتنا، ولنعمل على حمايتها والحفاظ عليها، ولنحرص على إصلاحها وصلاحها وفق المنهج الإسلامي السليم؛ لأن مستقبل أمتنا رهين بمستقبل أسرنا. ------------- 1. "مقاصد الشريعة الإسلامية"، لمحمد الطاهر ابن عاشور، ص 155.