لقد كان المولى الحسن الداخل رجلا صالحا ناسكا، له مشاركة في العلوم وخصوصا علم البيان، ولما توفي رحمه الله سنة 676 ه/ 1277 م، تنازع في دفنه أهل سجلماسة، حتى كادت نار الحرب تشتعل بينهم، فاجتمع رأيهم على أن يكون مدفنه بالمَصْلَح في موضع يتوسط جميع النواحي الأربعة، بحيث لا يكون أقرب لجهة دون أخرى[1]. وفي هذا الصدد يقول صاحب مخطوط الجوهر الشفاف: "فقد جاء من الينبع مولانا الحسن بن قاسم واستقر بزاوية ضريحه السيد أبو إبراهيم، فأزال الله عن القوم أسقام الإبراء وصلح نزلا بلاد غلاتها وشجرها وزرعها واستبشرت العرب والأعاجم وخصبت الأرض وصلحت البهائم. فلما توفي رحمه الله جاء أهل سجلماسة بحذافيرهم يشرفهم ودانت حربهم، كل قبيلة تريد دفنه في أرضها فتفاقم الأمر على الشيخ أبي إبراهيم وسمع لهم، فتنازعوا فيما بينهم فقال لهم إن كان قصدكم البركة فادفنوه وسط سجلماسة لتعم بركته جميعها، فتهادنوا وتراضوا على أن أخرجوا أمناء لكيل الأرض وهو نفعنا الله به ورج في الأكفان فدفنوه حيث ضريحه الآن بالحدب لتوسطه وخيموا على ضريحه أياما ومددا مديدة وشهورا عديدة"[2]. لقد لعب النسب الشريف دورا محوريا في تحول تاريخ الحكم بالمغرب خلال العصر الحديث من تناوب العصبيات الثلاثة: الصنهاجية، فالمصمودية والزناتية إلى العودة إلى الأسر الشريفة التي حظيت بالبيعة من طرف المغاربة على عهد الأدارسة في البداية، ثم السعديين وتتويجا بالعلويين. فمنذ منتصف القرن السابع الهجري\ الرابع عشر الميلادي، انتشر صيت الشرفاء العلويين السجلماسيين كأسرة عالمة حافظة للدين وعلمه الشرعي، مما جعل ملوك بني مرين يتوددون إليهم ويعتمدون رأيهم في ضبط أنساب أشراف المغرب. وأعطت هذه الحظوة لشرفاء سجلماسة قوة معنوية على مستوى الأصل النسبي، فضلا عن الأساس المعرفي العلمي والديني والروحي.. ————————————– 1. الإفراني، المصدر السابق، ص: 414. 2. ابن دفين طيبة، العربي بن عبد السلام: الجوهر الشفاف في ذكر من بسجلماسة من الذرية الأشراف والذرة المكنونة في أخبار الدولة الميمونة. مخطوط مستنسخ بمركز الدراسات والبحوث العلوية بالريصاني تحت رقم انجلترا-1.