في يوم 26 شعبان الأخير، نظم مركز الدراسات الأبحاث الصحراوية بتعاون مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الملتقى الأول للقراءات القرآنية بقصرالفيضة بالريصاني. وذلك بحضور نخبة من خيرة القراء من مختلف أنحاء المملكة، وثلة من الأساتذة المتخصصين في علم القراءات القرآنية. وآكد الدكتور حسن حافظي، ممثل مركز الدراسات والأبحاث الصحراوية، على أن الهدف من هذا الملتقى هو تشجيع القراء بمنطقة تافيلالت على الاستمرار في ترتيل القرآن الكريم بالقراءة الفيلالية، والتعريف بقواعد هذه القراءة تعريفا علميا من خلال دراسة ما بقي معروفا منها. وأضاف المتحدث أن المسلمين حافظوا على هذه القراءات عن طريق الرواية والنقل خلفا عن سلف، وتوارثوها جيلا عن جيل من عهد الصحابة رضوان الله عليهم إلى ما شاء الله تعالى. ثم اشتهر في مختلف أنحاء العلم الإسلامي سبعة من العلماء بالقراءة، وأهل المغرب يقرأون بقراءة نافع من رواية ورش. وأبرز الدكتور حميتو عبد الهادي أن المنطقة تتميز بكثرة أهل القرآن والعلماء الأفذاذ، حيث انبثق فجرالدولة العلوية، وسطعت شموس المملكة المغربية، من ديار فيلالية، وأكناف سجلماسة وربوع مدغرة والغرفة وامسيفي، وما إليها من باقي ديار فيلالة الأماجد. واستطرد الأستاذ حميتو قائلا: حينما نسمع لأول وهلة اسم المدرسة الفيلالية في القراءات، ينصرف الذهن مباشرة إلى المدرسة اللمطية على وجه الخصوص، وإلى الإمام أبي العباس أحمد الحبيب اللمطي السجلماسي (ت1165ه)، المعروف بلقب قطب سجلماسة. وأضاف الدكتور حميتو أن للمدرسة الفيلالية خصائص تميزها عن غيرها وتتمثل في: 1 صيغتها الجهوية المتميزة في الأداء عن باقي الصيغ الجهوية في بلادنا، فالتلاوة الفيلالية نمط خاص، وطراز متميز لا يحسنه إلا أهل هذه المنطقة منذ قرون عديدة. 2 تميزها بالتزام قواعد التجويد التزاما تاما سواء كانت فردية أو جماعية. 3 اختصاص التلاوة الفيلالية بالمحافظة والالتزام بضوابط الأداء الصحيحة وخاصة في مخارج الحروف وصفاتها. وهذا هو قطب الرحا في المدرسة الفيلالية وخاصة منها اللمدرسة اللمطية، وقد نبه بعض الباحثين كالشيخ محمد المختار السوسي في كتابه المعسول على اختصاص منطقة درعة وتافيلالت وسجلماسة بإتقان علم التجويد، وأشارإلى أن الرحلة كانت إليهم فيه من سوس وغيرها. فهذه المدرسة لها جذور تاريخية تصلها بالمدرسة الأم القائمة خارج منطقتها في زمن ازدهارها، إذ لم تنشأ من العدم ولم تنفصل عن السياق التريخي العام الذي تدرجت فيه المدرسة القرآنية في المغرب بعد قيامها واستقلال شخصيتها عن المدرسة الأندلسية في مطلع المائة الثامنة على عهد المرينيين. أما هذه الربوع الفيلالية فتختص في هذه القراءة الأخيرة بلون خاص طار صيته في الآفاق، ولهجت بسحر نغمته ألسن الناس. يتعلق الأمر بالقراءة الفيلالية، التي تتوفر فيها الشروط الثلاثية والتي اتفق العلماء على أن القراءة لا تكون صحيحة إلا بتوفرها. ولما كان ما يتداوله القراء بهذه الربوع من ترتيل القرآن بالقراءة الفيلالية يقتصرعلى بعض الأثمان فقط، لم تصلنا كتب عن ضوابط وقواعد هذه القراءة وأوجه اختلافها مع باقي القراءات. والجدير بالذكرأن المدرسة الفيلالية أسهمت في عهد المولى الرشيد وأخيه المولى اسماعيل في إثراء المدرسة الفاسية، وكانت مدرسة أبي زيد بن القاضي بمثابة المختبرالذي كان المتضلع في القراءة وعلومها يختبرفيه مستواه في النبوغ والحذق، ولذلك كانت الطبقة الجديدة من طلبة القراءة تتنافس في الحصول على الإجازة منه، ولا أدل على ذلك من كون أسانيد المغاربة في فاس إنما تتصل في القراءات السبع من طريق السجلماسيين عنه، فطرق أبي العلاء إدريس المنجرة وابنه عبد الرحمن وتلميذه ابن عبد السلام وتلميذه أبي العلاء البدراوي قاضي المولى سليمان العلوي كلها تتصل بأبي القاضي من طريقتين: 1 الأولى عن أبي عبد الله محمد بن عبد عبد الله السرغيني، نسبة إلى أسرغين من قبائل سجلماسة ومن قرى الغرفة، وقد قرأ عليه أبو العلاء إدريس المنجرة وأجازه، وتوفي سنة 1105 بفاس. 2 الثانية عن أبي عبد الله محمد بن مبارك المغراوي السجلماسي، وكان إمام مسجد الشرفاء بفاس وصاحب كرسي في جامع القرويين، وهو صاحب القصيدة الدالية في تسهيل الهمزة لحمزة وهشام.