بالرغم من تبني العالم أجمع للميثاق العالمي لحقوق الإنسان، الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948م، إلا أن الجهود النظرية العالمية لم تتوقف عن نقد هذا الميثاق العالمي، إما بسبب قصوره التاريخي ونسيانه للعديد من القضايا الإنسانية، أو بسبب رغبة العديد من الثقافات والأمم والدول أن يكون "الميثاق العالمي لحقوق الإنسان" عالمياً فعلاً، في نشأته ومعالجاته وأهدافه، وليس خاصاً بأمة أو حضارة واحدة فقط، فإذا كانت بعض الأمم أو الدول غائبة عن الحضور الدولي قبل ستة عقود، أي يوم كتب وأعلن الميثاق العالمي لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة؛ فإن لها الحق أن تساهم في تطويره وتعديله، أو المشاركة في صياغة ميثاق عالمي جديد، فلا تحرم أمة ولا ثقافة من حق المشاركة في صياغة ميثاق جديد وإلى الأبد. إن الميثاق المذكور جاء في مرحلة زمنية تاريخية معينة، اختلف الزمان بعدها، واختلفت الرؤية الغربية للأشياء والطبيعة والقيم، وقد تمت صياغته حينها من قبل سياسيين، وليس من قبل علماء الفلسفة ولا الاجتماع ولا التربية ولا من علماء الدين، وبعد ستة عقود ثبت عدم الالتزام به من قبل صناعه، بل استخدم في مصالح الدول الكبرى الخاصة، مما يفتح الباب على مصراعيه للتساؤل عن جدوى ميثاق عالمي لا يخدم الإنسان العالمي، وإنما الإنسان الأوروبي والأمريكي فقط، بل إن الملايين من البشر في أوروبا وأمريكا لا يعرف الميثاق العلمي لحقوق الإنسان لهم سبيلاً، كل ذلك يستدعي مراجعة هذا الميثاق، وآليات تطبيقه، ومعيار العدالة في تطبيقه، ومعيار تحقيقه لمقاصده.. يتبع في العدد المقبل..