مفهوم الضمان في اللغة يدل على الكفالة، فيقال ضمن الشيء إذا كفله وكان له كفيل[1]، وبذلك يكون الحديث عن ضمانة تطبيق حقوق الإنسان وعدم الانحراف عنها، هو الحديث عما يكفل بقاء التمسك بالحقوق الإنسانية من الأفراد والمجتمعات والدول، وهي القطاعات التي تعنى بميادين الحياة ومجالاتها، ومؤيداتها تعني ما تملكه من قوى تفرض التمسك بها، وهذه الضمانات ثلاثة وهي: الأولى: الضمانة الفردية الفكرية أولى هذه الضمانات هي الضمانة الفكرية الفردية، أي التي يكفلها الفرد بفكره وعقله وقناعته الذاتية، وهذا لن يتم حتى يكون الفرد يمتلك ثقافة ذات قناعة عقلية ومصداقية اجتماعية والتزام أخلاقي، ويعبر عن هذه الضمانة بالضمانة الفكرية أو الشخصية أو الأخلاقية[2]، وقد عبرنا عن أسس هذه الضمانة في فصل سابق في ضرورة بيان الرشد من الغي من قبل الشرع، والالتزام به من قبل الفرد المسلم، والالتزام الأخلاقي هو معيار تطبيقها وضمانته، لذا كان الاستثمار الأخلاقي وتنميته اجتماعياً ضمانة حقيقية. الثانية: الضمانة الاجتماعية الأخوية فالأخوة بين المؤمنين ضمانة اجتماعية على التزام الناس بالحقوق العامة لمن يتعاملون معهم في حياتهم، والقناعات في هذه الضمانة مبنية على الضمانة الأولى، أي على الضمانة الفكرية والفردية والأخلاقية، ولكنها هنا تمتلك قوة اجتماعية وأخلاقية، قد تتمثل بسلطة الآباء الأدبية، وسلطة الأقارب والرحم والأهل، وسلطة العلماء والأئمة في المساجد، ومدراء المدارس والأساتذة والمربون في المدارس والكليات والجامعات ومدراء العمل في المصانع، كل راع لأمر ولو لكبر سنه، فهذه السلطات الاجتماعية تمثل ضمانة اجتماعية لتطبيق حقوق الإنسان بين المسلمين والناس جميعاً، وسلطة هي سلطة أدبية، تستعمل سلاح الخلق العام، وسلاح الحياء، وسلاح الأخوة الإيمانية، فالمؤمنون أخوة، لذا كانت الأخوة بين المؤمنين والمسلمين مؤيد هذه السلطة الاجتماعية.. يتبع في العدد المقبل.. ————————————————— 1. انظر: جمهرة اللغة، لابن دريد، مصدر سابق، 2/277. 2. انظر: حقوق الإنسان في ضوء الحديث النبوي، الأستاذ يسري محمد أرشد، ص: 142.