المشروع الفلسفي بين الإبداع والإشراق في كتابات الدكتور طه عبد الرحمن 2. الإبداعي الفلسفي الخالص أو ما يعرف بفقه الفلسفة وفي هذا النوع من الإبداع الفلسفي الخالص يتخلص الفكر الفلسفي العربي والإسلامي على السواء، من نظيره الغربي الذي ارتقى وتصدر ركبه، وساقه ورائه كالظل، الذي يتبع صاحبه حذو النعل بالنعل. وقد اصطنع الدكتور طه ذلك فقه جديد اسماها فقه الفلسفة طلب فيه تحرير القول الفلسفي والمفاهيمي من التبعية والتقليد وذلك حتى يتحقق الإبداع الفلسفي المنشود بإنتاج فلسفة عربية إسلامية أصيلة. وتأسيس فقه فلسفي يدرس ظواهر الفلسفة ويعالج مشكلاتها يعبد الطريق أمام المتفلسفين العرب المسلمين، ويمهد إمامهم إمكانية إنشاء فلسفة إسلامية خالصة. وقد أفرد الدكتور طه لهذا العلم الجديد كتابين من أهم كتبه، الكتاب الأول عالج فيه علاقة الفلسفة بالترجمة، لما للترجمة من أهمية، فعن طريقها تعرفنا إلى فلسفة اليونان وعن طريقها تم النقل بسهو أو بعمد ما لا يليق بنا، وعن طريقها حدث اللغط لدينا وانتقل إلى فكرنا المختلف إشكالات ليست تمس قضايانا الحقيقة بشكل جوهري.كالإشكالية التي تفرق بين العقل والقلب وأخرى تقيم تعارض بين العقل والشرع وثالثة تؤكد انسداد الطريق بين العقل والخلق، وكلها إشكالات تم نقلها، دون التمحيص في فحواها، وقد تناولها الدكتور بالتحليل الدقيق في كتابه سؤال العمل، ثم انه عن طريق الإبداع الترجمي يحصل لدينا ما يمكن أن نقول تجديد نظر في الفلسفة برمتها! إما الكتاب الثاني فعالج فيه قضايا فلسفية أو الأقوال والمفاهيم الفلسفية، وكيف يمكننا الاشتقاق والحفر المفاهيمي الفلسفي. ولم يكن هو أول المنادين بتحرير القول الفلسفي من التبعة والتقليد، فقد سبقه إلى ذلك كثير، فلدينا مفكرين كثيرين نادوا بإنشاء فلسفة عربية إسلامية تشبهنا وتعبر عنها، ولكن الإبداع الحقيقي الذي أتي به الرجل هو الآلة الجديدة التي قدمها أو العلم الجديد الذي بادر بتأسيسه.. يتبع في العدد المقبل..