يجيء انعقاد الجمع العام العادي لفرع طنجة للنقابة الوطنية للصحافة المغربية السبت 24 أكتوبر 2009، ضمن سياق إعلامي يتسم ب التوتر واللاستقرار (متابعة الصحافيين وسجنهم)، غير أن الرهانات التي سيتبناها هذا الموعد، والمكتسبات التي سيسفر عنها، يُتوقع أن تعطي (صورة أكثر إيجابية) عن مشهدنا الإعلامي الراهن. انخراط الزملاء في عمل مضن ومتواصل، طوال شهر كامل، وبنكران ذات، من أجل تحويل هذا الجمع العام من إطار ما هو عادي محكوم بظرفيته، إلى إطار ما هو استثنائي محكوم بطرح أسئلة جوهرية، تصب في تحقيق انتظارات المهنيين، المتعلقة بتكريس واقع صحافي أكثر احترافية لأول مرة، في تاريخ الفرع المحلي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بطنجة، نلمس التفاف المهنيين حول المكتسبات المتحققة، ونلاحظ إرادة حقيقية في تفعيل المكاشفة في التسيير والتدبير، ونعاين حجم ترسيخ علاقة الفرع بهيئات المجتمع المدني، لا سيما تلك التي تربطها بالنقابة قواسم مشتركة. لم يراهن مكتب الفرع المحلي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، على تقديم إجابات جاهزة، وإنما كان طموحه هو طرح أسئلة على الفضاء الإعلامي المحلي، وإشراك المهنيين أنفسهم في دائرة الحوار حول أفضل السبل للوصول إلى الإجماع المتعلق بجعل الصحافة المحلية قاطرة للتنمية، وداعمة للديمقراطية المحلية. العناوين المركزية : عند قراءة نظيفة من (القناعة المسبقة)، ومدعمة بالرؤية المستقبلية، لمضامين التقرير الأدبي للفرع المحلي، نلمس بوضوح هذه الرهانات وهي مؤطرة في سياقها الطبيعي، ومتحلية بشجاعة الطرح والتساؤل. إن مقاربة العناوين المركزية لهذا التقرير، هي أقصى الطرق، وأوضحها أيضا، لإدراك أبعاد هذه اللحظة الاستثنائية، التي يؤسسها الزملاء بحضورهم الكثيف لهذا الموعد، وطرحهم للأسئلة الجوهرية. أول عنوان يلفت انتباهنا، يتعلق بقاعدة المنخرطين، وهنا لا يتردد التقرير في تأكيد حقيقة تحول فرع طنجة للنقابة الوطنية للصحافة المغربية من فرع لا يراهن على الأمام إلى فرع يتصدر بقية الفروع الوطنية "من حيث قاعدته العامة، إذ يتجاوز العدد 140 عضوا، بنسبة زيادة قدرها : 120 في المائة". وأكبر محطة تبعث الآمال في نفوسنا، تمكن الفرع المحلي من افتتاح مقره الجديد، يوم الثلاثاء 22 فبراير 2005، وكان هذا الحدث يؤرخ بالفعل لمرحلة جديدة في "تنظيم شتات المهنة، والدفاع عن نبل رسالتها". لكي ندرك أن الأمر لا يتعلق بأربعة جدران، لابد من القول إن افتقار الفرع المحلي لفضاء خاص، ظل دوما عقبة أمام التواصل الحي بين الصحافيين، وعائقا أمام احتضان المشاريع والمقترحات الإيجابية للزملاء. وخلال نصف عام من الجهود التي بذلها مكتب الفرع، أثمر الوفاء للمهنة تحقق المكسب الكبير للمهنيين، الذي بقي معلقا على مشجب الانتظار زهاء عقدين من التطلع الذي بقي تطلعا. أما الإنجاز الأكبر والاستثنائي، الذي يستوقفنا بقوة، فهو إنشاء "بيت الصحافة"، "الفضاء المتضمن في مجسمه الأول إنجاز مركز للإعلام المتوسطي، وقاعة للمؤتمرات، ومطعم ومقصف ومسبح، وملاعب رياضية، وغرف للإيواء، وغيرها من البنيات والتجهيزات". منذ 26 ماي 2009، غدا "النادي الوطني للصحافة" حلما قابلا للتحقق، بعد منح نقابتنا بقعة أرضية مساحتها 5000 م2 بطريق الزياتن، عبر سومة كرائية تقدر ب 6 دراهم للمتر الواحد، بينما تبلغ التكلفة المالية الإجمالية لإنجاز هذا الصرح الصحافي، حسب الدراسات الأولية، حوالي 7 ملايين درهم. لقد أصاب التقرير الأدبي كنه الحقيقة، حين وصف هذا المشروع الرائد على الصعيد الوطني، ب "شرفة على المستقبل"، لأنه -بالفعل- إطلالة حقيقية على الاستجابة للطموحات الاجتماعية التي تخص الأسرة الكبيرة للصحافيين. رهانات الحقل الإعلامي الجهوي : في الفترة ما بين 2005 و2009، رفع المكتب المحلي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية من مستوى أجندته، وبالتالي رفع سقف القضايا التي أثار حولها النقاش الجدي والهادئ حول الأفق المهني. وإذا كانت نوعية الأنشطة تسبق في الأهمية كثرتها، فإن الفترة الانتدابية لمكتب الفرع المحلي بطنجة، جمعت بين الرهانين : في الرهان الأول : عمل المكتب بدأب يُحسب له على توسيع نطاق أنشطته الإشعاعية، التي تعاطت مع كل المستجدات المهنية، وسعت إلى تفعيل أفق انتظارات المهنيين، عبر طرح تساؤلات جريئة تمثل جوهر المهنة. في الرهان الثاني : عمل المكتب على الاختيار الاستراتيجي للمحاور المؤطرة ضمن ندوات ولقاءات وأيام دراسية، بالشكل الذي ينسجم، أولا، مع الاحتياجات النظرية للحقل الإعلامي، ويتجانس، ثانيا، مع نوعية الطروحات التي يتبناها المهنيون أنفسهم. كميا : تمكُّن المكتب، بقيادة كاتب فرع النقابة بطنجة، الإعلامي والمبدع سعيد كوبريت، من تنظيم 22 نشاطا تنوعت في مضامينها، واختلفت في طروحاتها، وبالتالي أغنت الأفق الفكري للحقل الإعلامي، على الصعيدين المحلي والوطني. نوعيا : راهن المكتب على إلقاء الأضواء الساطعة على أبرز القضايا الشاغلة للمهنيين، من قبيل : - الاستثمار في مجال الإعلامي السمعي-البصري؛ - المشهد الإعلامي راهنيته ورهاناته؛ - صورة الاعتقال السياسي في المغرب؛ - الاستثمار السياحي وحماية المجال الغابوي؛ - ميثاق التحرير وأخلاقيات المهنة؛ - الإعلام الساخر في المغرب؛ - واقع حال الإعلام الجهوي في خضم التحولات الوطنية؛ - الإعلام الأمازيغي بين إكراهات الواقع ورهانات المستقبل. حصيلة تبعث الأمل : سواء تعلق الأمر بالدورات التكوينية، أو حل النزاعات المهنية، فقد أسفرت جهود المكتب المحلي عن تحقيق حصيلة قد يختلف الزملاء حولها، بَيْد أنهم لن يختلفوا حول الجهود الذاتية التي تقف وراءها. التدريب على استعمال الوسيط المعلوماتي (الأنترنيت)، ورصد تمظهرات حرية التعبير عند غيرنا، والنهوض بالعمل النقابي في المقاولات الإعلامية، ودعم الانفتاح على الإعلام الإلكتروني، في علاقته بالصحافة الورقية. إنها عناوين بارزة، وذات دلالة، على الدورات التدريبية التي نظمها المكتب المحلي مع شركائه داخل الوطن وخارجه، وراهن من خلالها على تحسين مردودية الإعلام، وجعله في مستوى التحديات الراهنة. فيما يخص حل النزاعات المهنية، اختار المكتب اللغة العقلانية الهادئة في التدخل، ولم ينسق وراء (اللغة العنترية)، لذلك فقد كان التفاوض الجدي والمثمر، القاسم المشترك بين مجموع تدخلات المكتب، التي أثمرت نتائج إيجابية خلفت ارتياحا في وسط الأسرة الصحافية المحلية. سفينة الصحافة وبر الأمان : إن سفينة الصحافة المحلية تتموقع الآن في (بر الأمان)، رغم بعض الأمواج المناوشة هنا وهناك، وحدث الجمع العام العادي لفرع طنجة للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، يشكل رهانا على إدمان المكتسبات، والتطلع إلى الأمام، وعلى جميع الزملاء أن يعملوا جميعا على الحفاظ عليها، ثم الإضافة إليها. وكما يؤكد الإعلامي سعيد كوبريت، في تصريح خص به "جريدة طنجة"، فإن «مستقبل الإعلام ورهاناته الأساسية، ستكون في كلمة الحسم للصحافة الجهوية، التي لا يمكن بدونها أن يستقيم الحديث عن نظام الجهوية، كاختيار ديمقراطي، لتدبير قضايا الشأن العام المحلي». من هنا، نردد مع سعيد كوبريت طموحه المشروع في الدفاع عن «ضرورة الدعم العمومي المادي لوسائل الإعلام المحلية، والجهوية».