نظمت هيئة إدارة الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع أول أمس السبت بطنجة، يوما دراسيا حول موضوع «واقع ورهانات الإعلام الجهوي بالمنطقة الشمالية»، بتنسيق مع الفرع الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، وبمشاركة خبراء وفاعلين إعلاميين من إسبانيا وفرنسا. وقد أكد جمال الدين الناجي، المنسق العام للهيئة، في بداية أشغال هذا اليوم الدراسي الذي احتضنه فندق المنزه، بأن الإعلام لا يمكن أن يقوم بوظيفته في تنشئة المواطن، إلا إذا كان إعلاما للقُرب، موضحا أن جلسات الحوار التي تعقدها الهيئة منذ ثمانية أسابيع، تتجه نحو المستقبل، وتهدف إلى فتح نقاش عميق، وإعطاء تشخيص دقيق، لما يريده المغاربة من إعلامهم الوطني. واقترح على المشاركين في اللقاء أن تتم مقاربة موضوع الجلسة انطلاقا من مجموعة من الأسئلة التي ينبغي الإجابة عنها، من أجل الخروج بجملة من الأولويات، والاختيارات الاستراتيجية، التي سيتم اعتمادها في التقرير العام حول الإعلام الوطني في علاقته بالمجتمع، الذي ستصدره الهيئة في أكتوبر المقبل، وحدد هذه الأسئلة كالتالي: ما هي ورقة الولوج إلى إعلام القُرب الذي يتوخاه المجتمع؟ وما هي إجراءات بلوغ هذا الإعلام؟ وما هو نوع التمويل الذي يتطلبه؟ وما هي صفات ممارسيه والمشتغلين في حقله؟ وما هي المعلومات التي يرغب في إيصالها، ارتباطا مع تقنيات التحرير، والخطوط التحريرية؟ وما هي مصادرها؟ وبأي كيفية يتم الوصول إلى هذه المصادر؟ وما هي العلاقة التي تربط هذا الإعلام بالسلطات وبالمجتمع المدني؟ وما هو نوع الدعم الذي يحتاج إليه؟ وما هو نوع القارئ الذي يستهدفه؟ وقد شهدت الجلسة الصباحية لهذا اليوم الدراسي، مداخلات العديد من الفاعلين الإعلاميين على المستوى الجهوي، من بينهم عبد الصادق بن عيسى، المذيع بإذاعة البحر الأبيض المتوسط، وعضو مكتب الفرع المحلي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، الذي تلا ورقة باسم الفرع المحلي للنقابة، تحدث فيها عن الدور الكبير الذي قامت به مدينة طنجة في تطوير الإعلام الوطني، واحتضانها للعديد من التجارب الإعلامية المتميزة، سواء في مجال الصحافة المكتوبة، أو في المجال الإذاعي، مُوضحا أن جهة طنجة تحتاج إلى مزيد من الاستثمار في المجال الإعلامي، وإلى إحداث «مدينة إعلامية»، شبيهة بتلك التي توجد في مصر ودبي. أما الإعلامي خالد مشبال، مدير جريدة «الشمال» الجهوية، فقد عبر عن ارتياحه لمستوى الرشد الذي بلغته الصحافة الوطنية، لكنه لاحظ في المقابل أن الصحافة الجهوية تسير بخطى وئيدة، ولا تزال مشوبة بخليط من الذين يسيئون إليها، وانتقد بعض الجمعيات التي يتم تأسيسها باسم الصحافة الجهوية، والتي يدخل أعضاؤها في علاقات مع مؤسسات وهيئات إسبانية، معتبرا أن هذه الجمعيات تتكون من أشخاص معظمهم غير مهنيين، وبعيدون عن الممارسة الصحافية الحقيقية، ومع ذلك فهم يتجرؤون على الدخول في نقاشات مع مؤسسات وهيئات إعلامية إسبانية مسؤولة، حول مواضيع جدية ودقيقة. وانتقد خالد مشبال العلاقة التي تربط السلطة بالصحافة الجهوية، مشيرا إلى أنها تفضل التعامل مع أناس لا يمثلون الصحافة الحقيقية، ومُطالبا بوضع حد للخصومة القديمة القائمة بين الصحافة والسلطة، مقترحا أن تكون بداية التصالح من الحق في الوصول إلى الخبر. وقد عبر خالد مشبال في مداخلته عن خشيته من أن يكون المجلس الوطني للإعلام الذي يتم التفكير في خلقه، تكرار لتجربة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، الذي يتكون في أغلبه من أسماء لا تنتمي إلى المجال الإعلامي، منهيا حديثه عن واقع الصحافة الجهوية، بتوجيه اللوم للمكتب المحلي لفرع النقابة الوطنية للصحافة المغربية بطنجة، بسبب دعمه وتضامنه مع مجموعة من الأشخاص الذين يصدرون صحفا محلية، دون أن يكون لهم أي تكوين في المجال، ولا أي إدراك أو وعي بأخلاقيات المهنة ، وذلك سعيا منه لضمان أصواتهم في انتخابات تجديد المكتب.