تعالت صباح أول أمس السبت أصوات صحافيين مغاربة وعرب وأجانب مطالبة السلطات المغربية بالإفراج الفوري عن الصحافي مصطفى حرمة الله، المعتقل بسجن عكاشة بالدارالبيضاء على خلفية نشر أسبوعية «الوطن الآن» التي يعمل بها لوثيقة اعتبرتها الأجهزة الأمنية «سرية» وحكم القضاء المغربي على الصحافي بالسجن سبعة أشهر حبسا نافذا. وشاركت في الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها النقابة الوطنية للصحافة المغربية، بمناسبة اليوم العالمي للصحافة، للمطالبة بإطلاق سراح حرمة الله المضرب عن الطعام، بعد أن فشلت كل «المساعي الحميدة» التي قامت بها النقابة لتمتيع الصحافي المعتقل بالعفو الملكي، ضمنها اتصالات بالوزير الأول عباس الفاسي ووزير العدل عبد الواحد الراضي. وانتقد يونس مجاهد، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، بشدة تمسك السلطات العمومية بإبقاء الصحافي حرمة الله وراء القضبان، رغم أنه لم يقم سوى بواجبه المهني، عندما عمد إلى نشر وثيقة حصل عليها، معتبرا أن الاستمرار في اعتقال حرمة الله ليست له أية مبررات قانونية، مشددا على وجود إرادة سياسية للتضييق على حرية الصحافة في المغرب. واستغرب المسؤول النقابي استثناء ملف حرمة الله من مسطرة العفو الملكي، أسوة بمعتقلين آخرين أفرج عنهم مؤخرا، ضمنهم فؤاد مرتضى، المهندس الذي انتحل صفة أميرية في موقع «الفايس بوك»، ومعتقلو أحداث فاتح ماي2007، مشددا على وجود «إرادة سياسية» للتضييق على حرية الصحافة والصحافيين. وقال عبد الرحيم أريري، ناشر أسبوعية «الوطن الآن»، إن «اعتقال الصحافي حرمة الله لم يتم من أجل تهمة معينة، بل كان من أجل تصفية حسابات»، مضيفا أن ملف «حرمة الله» ليس قضائيا، بل تتحكم فيه أجهزة فوق سلطة القضاء، في إشارة ضمنية إلى شخصيات نافذة في الجيش. وقال أريري إن وزارة العدل قدمت ملف حرمة الله إلى الجهات المختصة للنظر في مسألة العفو الملكي، لكن جهات أخرى، لم يحددها، دخلت على الخط لتجميد ملف الصحافي والحيلولة دون تمتيعه بعفو ملكي. وبدا نبيل حرمة الله، شقيق الصحافي المعتقل، متأثرا وهو يتلو كلمة باسم أسرة صحافي«الوطن الآن»، وقال بصوت متهدج إنه تم اقتياد أخيه إلى السجن، مباشرة بعد رفض المجلس الأعلى لطلب النقض الذي تقدم به إخوة المعتقل وأعيد اعتقاله في زمن قياسي لتنفيذ الحكم الاستئنافي الذي سبق أن صدر في حقه بالحبس سبعة أشهر نافذة. وقال نبيل حرمة الله: «معنويات أخي المضرب عن الطعام الآن بسجن عكاشة مرتفعة، عندما أعيد اعتقاله وضعنا أيدينا على قلوبنا، ولا نعرف لماذا تصر بعض الجهات على أن يحرم أخي من أسرته الصغيرة ويقضي لحد الآن خمسة أشهر وراء القضبان، وأخي سيستمر في الإضراب عن الطعام إلى حين إطلاق سراحه.» وحظيت الوقفة، المنددة باستمرار احتفاظ السلطات المغربية بالصحافي حرمة الله وراء القضبان، بمتابعة إعلامية أجنبية لافتة، ورفع المتظاهرون شعارات من قبيل» الشفارة طلقتوهم والصحافيين احتجزتوهم» و«الحرية ولا بدا.. سوا اليوم سوا غدا». وبينما كان مراسلو وكالات الأنباء والقنوات الأجنبية يرسلون تقارير إخبارية عبر هواتفهم النقالة، كان أيضا رجال المخابرات والاستعلامات العامة، ممن رابطوا صباح السبت أمام مقر أسبوعية «الوطن الآن» بحي النخيل في الدارالبيضاء، ينقلون تقارير لرؤسائهم حول أجواء الوقفة الاحتجاجية ويعدون قائمة بأسماء المشاركين فيها من الصحافيين المغاربة والعرب والأجانب. وشوهد والد الزميل مصطفى حرمة الله وأفراد أسرته مؤازرين بصحافيي أسبوعية «الوطن الآن» وحقوقيين يحملون صورة الصحافي المعتقل ويهتفون بشعارات تدعو السلطات إلى الإفراج الفوري عن ابنهم في يوم صادف احتفال المغرب باليوم العالمي للصحافة. وأعرب مصدر حقوقي من الهيئات المشاركة في الوقفة الاحتجاجية عن أمله في أن تلتقط السلطات الإشارة التي أرسلتها عائلة الصحافي المعتقل وتفرج عنه، مشيرا إلى أن جنحة «إخفاء أشياء متحصل عليها من جريمة» التي توبع بها الصحافي المعتقل تعد تهمة واهية، فالصحافي، يضيف نفس المصدر، لم يخف أية وثيقة، بل على العكس عمد إلى نشرها ليشرح لقراء «الوطن الآن» أسباب حالة الاستنفار الأمني بالثكنات العسكرية في المغرب في ملف نشرته الأسبوعية منتصف يوليوز الماضي تحت عنوان «التقارير السرية التي حركت حالة الاستنفار بالمغرب». وكانت المحكمة الابتدائية قد أصدرت في حق الصحفي حرمة الله, الذي توبع بجنحة «إخفاء أشياء متحصل عليها من جريمة»، حكما بالحبس ثمانية أشهر نافذة، غير أن محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء خففت في شتنبر الماضي هذا الحكم إلى سبعة أشهر وقررت تمتيعه بالسراح المؤقت، قبل أن يصدر قرار عن المجلس الأعلى للقضاء فتعود السلطات إلى اعتقال الصحافي وتقوم بإيداعه سجن عكاشة بالدارالبيضاء.