غادر الصحافي مصطفى حرمة الله، صباح أمس الجمعة، المركب السجني عكاشة بالدار البيضاء بعد أن قضى وراء جدرانه 7 أشهر معتقلا بتهمة «إخفاء أشياء متحصل عليها من جريمة»، على خلفية نشر وثيقة اعتبرتها الأجهزة الأمنية المغربية «سرية»، تشرح حالة الاستنفار الأمني في المغرب صيف العام الماضي. بدت بوابة سجن عكاشة كئيبة صباح أمس، الساعة قاربت التاسعة صباحا، تحت أشعة الشمس الحارقة كان عاملان منهمكان في بناء جدار قصير أمام البوابة الحديدية السميكة، تحت سقيفة نصبت بجوار الباب احتشد أقارب يعتزمون زيارة معارف لهم نزلاء في سجن عكاشة، أمام السجن ساحة متربة، بائع يعرض خبزا على عربة يدوية، آخر يبيع سجائر بالتقسيط وبيضا مسلوقا وكؤوس شاي، أمام بوابة السجن وقف مصورون فوتوغرافيون وقلة من الصحافيين يتقدمهم يونس مجاهد، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، مرتديا صندلا جلديا وقميصا صيفيا خفيفا، كان هناك أيضا رجال شرطة بزي مدني ينتظرون خروج حرمة الله، أحدهم كان يحمل كاميرا فيديو صغيرة بنيه استعمالها في تسجيل عملية خروج صحافي أسبوعية «الوطن الآن» من سجن «عكاشة». ما إن وصلت عقارب الساعة إلى التاسعة والربع حتى صفق موظف بالسجن رتاج البوابة الحديدية من الداخل لينفتح باب صغير بالبوابة السميكة ويخطو منه حرمة الله مغادرا السجن وسط تصفيقات زملاء كانوا في انتظاره بالخارج. بدا حرمة الله حليق الوجه مرتديا بذلة زرقاء مكوية وقميصا أزرق، فقد الرجل بعضا من وزنه وكانت تحيط بعينيه كدمات سوداء. التعب والسجن والخوف من تهديدات تجار المخدرات بتصفيته جسديا، كل ذلك جعل حرمة الله يقضي أيامه الأخيرة بشكل عصيب في الجناح 11 بسجن عكاشة. أمام بوابة السجن، توالت العناقات وتهافت الصحافيون الذين كانوا ينتظرون حرمة الله على التقاط صور تذكارية مع الصحافي الذي أودع السجن يوم 19 فبراير الماضي، للمرة الثانية هذا العام، بعد أن قضى به 53 يوما بعيد اعتقاله على خلفية نشر»وثائق سرية». وشوهد ناشر أسبوعية «الوطن الآن» والكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وصحافيون من المكتب الفيدرالي للنقابة يلتقطون صورا تذكارية مع الصحافي المفرج عنه توا ويرسمون إشارة النصر بأصابعهم، فيما انهمك شرطي بزي مدني في تصوير شريط فيديو ضمنه تفاصيل عملية الإفراج عن الصحافي الذي سبق أن حكمت عليه ابتدائية البيضاء بثمانية أشهر حبسا نافذا، قبل أن تخفض محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الحكم إلى سبعة أشهر في شتنبر الماضي وتقرر تمتيعه بالسراح المؤقت، قبل أن يصدر قرار عن المجلس الأعلى للقضاء مع أمر باعتقال حرمة الله مجددا إيداعه سجن عكاشة بالدار البيضاء. وقال حرمة الله إنه ممتن لكل من تضامن معه في محنته، وأضاف:»أشكر زملائي الذين آزروني في النقابة الوطنية للصحافة المغربية والجمعيات الحقوقية، لقد قضيت أياما عصيبة في السجن، مرضت أياما وتعرضت للتهديد بالتصفية الجسدية من تجار مخدرات ومتورطين في ملفات سرقات السيارات، كنت خائفا من أن يدسوا ممنوعات في زنزانتي أو يسخروا أحدا للاعتداء علي بالسلاح الأبيض، لكن الحمد لله». وأعلنت النقابة عن تنظيمها لحفل استقبال على شرف الصحافي المفرج عنه يوم الاثنين 28 يوليوز 2008 بدار المحامي بالدار البيضاء ابتداء من الساعة السادسة مساء.