ناشدت هيئات نقابية وسياسية السلطات المغربية الإفراج عن الصحافي مصطفى حرمة الله القابع وراء أسوار سجن عكاشة منذ 112 يوما، معتبرة أن الإفراج الفوري عن الصحافي العامل بأسبوعية «الوطن الآن» سيمكن من طي ملف مؤلم، خصوصا أن هذا الصحافي اعتقل وحوكم وأدين على خلفية ممارسته لعمله المهني وواجبه في الإخبار. ودعا المشاركون في مهرجان تضامني نظمته النقابة الوطنية للصحافة المغربية واحتضنته «دار المحامي» في الدارالبيضاء أول أمس تحت شعار «الحرية للصحافي المعتقل مصطفى حرمة الله»، إلى إطلاق سراحه. وقال نبيل حرمة الله، شقيق الزميل مصطفى حرمة الله المعتقل على خلفية «إخفاء أشياء متحصل عليها من جريمة»، إن أخاه قد استكمل يوم الأربعاء الماضي 110 أيام من الاعتقال ومازال «مغيبا وراء قضبان سجن عكاشة، لا لذنب ارتكبه أو جرم اقترفه، سوى أنه قام بواجبه الصحفي بكل تلقائية ومهنية في الإخبار بتطورات ملف كان ولازال يشغل الرأي العام الوطني». وقال المتحدث باسم أسرة الصحافي المعتقل إن «العائلة استبشرت خيرا بقرار تمتيع مصطفى بالسراح المؤقت واعتبرته تداركا لما حدث، ومؤشرا على تسوية نهائية للملف، لكن إعادة اعتقاله تنفيذا لقرار المجلس الأعلى وبسرعة تعد سابقة في تاريخ القضاء المغربي، جعلنا نضع أيدينا على قلوبنا متوجسين من أن هناك من يعمل جاهدا من أجل حرمان حرمة الله من حريته ومعانقة أهله». وأعربت عائلة الصحافي المعتقل عن شكوكها في وجود «جهة ما» تضغط في اتجاه استمرار اعتقال ابنها بعد محاكمته بفصول القانون الجنائي بدل قانون الصحافة. وأنصت عشرات الصحافيين المغاربة، ممن حجوا للمشاركة في المهرجان التضامني مع حرمة الله، إلى كلمات هيئات سياسية وجمعوية ناشدت السلطات المغربية بالإفراج الفوري عن صحافي معتقل بسبب قيامه بواجبه المهني ونشره لوثيقة حصل عليها وعممها على قراء جريدته تتعلق بشرح حالة الاستنفار الأمني الذي باشرته السلطات الصيف الماضي. واعتبر المتدخلون استمرار السلطات المغربية في اعتقال حرمة الله ضربة موجعة لنظام يتشدق بالحديث عن عهد جديد ودعم حرية الرأي والتعبير والصحافة. اللافت أن المهرجان الخطابي شهد حوارات ثنائية بين صحافيين عددوا مناقب حرمة الله في قاعة فسيحة أثتتها كراسي حمراء قانية ومنصة انتصبت وراءها صورة للملك محمد السادس مرتديا ثوب المحاماة، بجوارها صورة أخرى يقلد فيها الملك محمد السادس عبد الله درميش نقيب هيئة محامي البيضاء وساما علويا. وفي كلمة باسم النقابة الوطنية للصحافة المغربية، قال يونس مجاهد، الكاتب العام للنقابة: «بعد أن نجحنا جزئيا في انتشال عبد الرحيم أريري، مدير نشر أسبوعية «الوطن الآن» من الاعتقال تفاجأنا بالمسار المؤسف الذي اتخذه الملف باعتقال الصحافي حرمة الله، وقد اعتقدنا أن الملف ستتم تسويته لكن إعادة اعتقال حرمة الله مجددا قوى شكوكنا في وجود جهة ما تضغط لكي لا ينال زميلنا حريته». وشدد مجاهد على وجود هجمة شرسة من طرف الدولة المغربية ضد الصحافيين، مذكرا بتدخل قوات الأمن بشكل عنيف والاعتداء على صحافيين كانوا يغطون وقفة نظمت السبت الماضي ضد الزيادة في الأسعار أمام مقر البرلمان بالرباط. وكشف مجاهد عن لجوء النقابة إلى إجراء «اتصالات موازية» مع السلطات للإفراج عن صحافي «الوطن الآن»، بعد مراسلة النقابة للوزير الأول، مضيفا أن عباس الفاسي قدم ضمانات للتدخل للإفراج عن حرمة الله، لكن استثناءه من إجراءات العفو أو تخفيف العقوبة، جعل النقابة تتأكد من وجود لوبي يضغط في اتجاه استمرار اعتقال هذا الصحافي الذي لم يقم سوى بواجبه المهني في الإخبار ونشر وثيقة حصل عليها ولم يخفها كما ادعت النيابة العامة. وشدد الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية على أن الصحافيين المغاربة يوحدهم شعور بالتشاؤم من استقلالية القضاء بالنظر إلى الأحكام الصادمة الصادرة عن بعض رجالاته، وزاد قائلا: «بعد أن راسلنا الوزير الأول لإطلاق زميلنا حرمة الله اتصل بنا عباس الفاسي، أخبرنا أنه قام باتصالات إيجابية في هذا الشأن تستدعي بعض الإجراءات لتمتيع حرمة الله بالحرية، لكن بعد الإفراج عن مهندس «الفايس بوك» ومعتقلي أحداث فاتح ماي الماضي والاحتفاظ بزميلنا في السجن تأكد لنا وجود جهة في الدولة تضغط في اتجاه عدم الإفراج عن هذا الصحافي الذي لم يقم سوى بواجبه المهني». وكانت السلطات الأمنية قد اعتقلت مساء الثلاثاء 19 فبراير الماضي الزميل مصطفى حرمة الله عضو هيئة تحرير أسبوعية «الوطن الآن» واقتادته إلى سجن عكاشة. بعد أن بت المجلس الأعلى يوم 13 فبراير المنصرم برفض الطعن المقدم ضد حكم محكمة الاستئناف القاضي بمتابعته في حالة سراح مؤقت، بعد تخفيف الحكم في حقه من 8 أشهر حبسا نافذا إلى 7 أشهر حبسا. وكان الزميل حرمة الله قضى 53 يوما في السجن قبل أن يطلق سراحه ليعاد اعتقاله من جديد بناء على قرار للمجلس الأعلى. وجاءت متابعة الصحافيين مصطفى حرمة الله وعبد الرحيم أريري مدير نشر «الوطن الآن» على خلفية غلاف العدد 253 الذي تناول موضوع «التفاصيل السرية التي حركت حالة الاستنفار بالمغرب». وسبق للمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء أن أدانت ناشر الأسبوعية والصحافي حرمة الله على التوالي ب6 أشهر موقوفة التنفيذ و8 أشهر نافذة مع غرامة ألف درهم لكليهما، قبل أن يصدر المجلس الأعلى للقضاء قرارا يقضي باعتقال حرمة الله مجددا.