اعتبر خبراء صندوق النقد الدولي أن تفادي شح المياه في المغرب رهين بالقرار السياسي الذي يفترض أن يفضي إلى إرساء آليات ترشيد استهلاك هذه الماة، ففي نظر هؤلاء الخبراء فقد الربط، الذي أقامه المقيم العام الفرنسي الشهير المارشال ليوطي، بين الحكم والأمطار في المغرب، معناه وراهنيته، فالحكم يعني اليوم ترشيد استهلاك الماء. تلك أهم التوصيات التي خلص إليها خبراء صندوق النقد الدولي، الذين حذروا من أزمة مياه حقيقية في المغرب، على اعتبار أنه من بين البلدان التي سيعرف فيها نصيب الفرد من المياه تراجعا بواقع النصف في أفق 2050. فهم يشددون في التقرير، الذي حاول الوقوف على السبل المثلى لتحسين نتائج تدبير الموارد الماْئية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على أن شح المياه في المغرب ستترتب عنه نتائج خطيرة ذات صلة بالضغط على المياه الجوفية وأنظمة المياه الطبيعية. الصورة التي رسمت لوضعية الموارد المائية في المغرب تفيد أنها ستتراجع بواقع النصف للفرد الواحد.. لكن التفاصيل التي يسوقها خبراء المؤسسة الدولية تبرز أكثر حالة الندرة التي تطال المياه في المغرب، فالتغيرات المناخية ستفضي إلى تراجع التساقطات المطرية، حسب المناطق بما بين 5 و25 في المائة في أفق 2050. ذلك مؤشر على الخصاص الذي سيعاني منه المغرب على مستوى التساقطات المطرية التي تعتبر الرافد الرئيسي للنمو الاقتصادي في المغرب، لكن ما يزيد هذه الصورة قتامة كون مياه السدود لم تعد تلبي الطلب المتزايد على السقي، في نفس الوقت الذي تتناقص فيه المياه الجوفية، وهذا تعكسه وضعية سوس ماسة درعة، حيث تراجع مخزون المياه الجوفية من 70 مترا مكعبا إلى 10 أمتار في الفترة الممتدة بين 1982و2008، مما يعني أن المغرب من بين الدول الأولى في الاستغلال السيئ لطاقاته المتجددة. وتقدر الموارد المائية في المغرب بحوالي 20 مليار متر مكعب منها 75 في المائة عبارة عن مياه سطحية، فيما تمثل المياه الجوفية 25 في المائة من مجموع الموارد. وتفيد بعض المعطيات أن توالي سنوات الجفاف خفض الحصة السنوية للفرد من الموارد المائية من 3000 متر مكعب في بداية الستينات من القرن الماضي إلى 700 متر مكعب في أفق 2025. وقد أوضح خبراء البنك الدولي أن المغرب مدعو إلى تقليص استهلاك كمية المياه، خاصة في الفلاحة التي تستهلك لوحدها 85 في المائة من مجموع المياه، حيث أشار الخبير المغربي حسن العمراني إلى أن الدولة في المغرب تعتمد على الأراضي الفلاحية السقوية، مقترحا تدخل الدولة على الأقل للحد من المساحات السقوية الجديدة، لأنه سيكون من الصعب التدخل للحد من المساحات الموجودة أصلا. لكن أولئك الخبراء يؤكدون أن الخبرات والمعالجة التقنية متوفرة، لكنهم يراهنون في هاته المرحلة على القرار السياسي الذي يمكن أن يفضي إلى إرساء قواعد ترشيد استهلاك الماء، محيلين على قانون الماء الذي اعتمد في 1995 دون أن يجري تفعيله، ناهيك عن مجلس الماء والبيئة الذي يبدو حضوره باهتا في صياغة السياسة المائية بالمغرب. مصدر خبير عبر عن اندهاشه للاهتمام الذي يحظى به تقرير البنك العالمي، فهو يعتقد أن تشخيص الوضعية الحالية للموارد المائية في المغرب معروف لدى الجميع، بل إن الحوار الوطني حول الماء في السنة الفارطة أحاط بالموضوع، لكن ما هو مصير الدراسات والتوصيات التي تمخضت عن تلك اللقاءات التي همت جميع الأحواض المائية بالمغرب؟ ذات المصدر يؤكد أن نتائج الحوار الوطني تنتظر التفعيل، وقد لا تعير السلطات العمومية انتباها للخبرة المحلية، مادامت أسندت، حسب ذات المصدر، إنجاز دراسة حول الماء إلى مكتب دراسات دولي، على غرار ما دأبت عليه في السنوات الأخيرة في تعاطيها مع العديد من القطاعات الحساسة.