على بعد أيام من صدور تقرير الأممالمتحدة بخصوص الجولة الرابعة من المفاوضات بين المغرب والبوليساريو، كثفت هذه الأخيرة من حملتها الدعائية عن كونها قدمت تنازلات كبيرة خلال هذه الجولة، وأنها قامت، خلال هذه المفاوضات، «ببلورة اقتراح التوافق المتمثل في تنظيم استشارة شعبية تعطي الفرصة للاختيار بكل حرية بين الخيارات الثلاثة»، بما فيها مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب، كما روجت الجبهة أنها قدمت ضمانات ملموسة، بما فيها إشراف السلطات المغربية على رعاياها في الصحراء خلال مرحلة انتقالية يتم الاتفاق عليها. ويرى رشيد الدويهي، عضو الوفد المغربي الذي شارك في مفاوضات مانهاست الأخيرة، أن ما يروج له الطرف الآخر ليس بجديد، وأنهم دأبوا على استحضاره منذ بداية هذه المفاوضات، معتبرا، في تصريح ل«المساء»، أن ما يقومون به حاليا مجرد تحايل وتلاعب على قرار مجلس الأمن، وأنهم يبحثون عن أي مبرر لعرقلة المقترح المغربي، مبرزا في السياق ذاته أن «المشكل الآن لم يعد بين المغرب والبوليساريو وإنما مع الحكومة الجزائرية، وأن العالم كله أصبح يدرك أن هذا المشكل هو مشكل مغربي-جزائري». أما بالنسبة إلى سعد الركراكي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، فيرى في الموقف الأخير، المعبر عنه من طرف جبهة البوليساريو، نوعا من التطور مقارنة بالمواقف المصرح بها في السابق، والتي كانت تتسم بالتشدد إزاء مطلب حق تقرير المصير، مشيرا، في تصريح ل«المساء»، إلى أن ما تم الكشف عنه هو في حقيقة الأمر تطور في موقف الجزائر التي تقف وراء البوليساريو، حيث أدرك الساسة الجزائريون أنه في حالة تشبثهم بذلك الخيار فإن ذلك لن يؤدي إلا إلى الطريق المسدود. وأوضح الخبير في العلاقات الدولية أن ما تروج له الجبهة، بتقديمها لتنازلات، لا تعني القبول بالحل النهائي الذي يرضي المغرب، والمتمثل في مقترح الحكم الذاتي. واستحضر أستاذ العلاقات الدولية إمكانية أن يكون ما تم التعبير عنه من ليونة على مستوى مواقف الجبهة، نوعا من التكتيك التفاوضي، الهدف منه هو إحراج الجانب المغربي، كما لم يستبعد أن يكون هذا الأمر نوعا من المناورة لإحراج المغرب وإظهاره في موقف المتشنج، خاصة وأن تقرير الأممالمتحدة لم تعد تفصلنا عنه سوى أيام معدودة. من جهة أخرى، ذكرت مصادر عن جبهة البوليساريو أن ما تم التعبير عنه مؤخرا من مواقف، تتعلق بتقديم تنازلات كبيرة للمغرب خلال الجولة الرابعة من المفاوضات، لم يخرج عن طبيعة المبادئ والأشياء المتفق عليها داخل مكونات الجبهة. وحسب المصادر ذاتها، فإن عدم تحديد تاريخ محدد للجولة القادمة مرده إلى كونهم ينتظرون تقرير الأمين العام شهر أبريل الجاري وتوصية مجلس الأمن بخصوص تمديد مهمة المينورسو. وكشفت المصادر ذاتها أن الوفد المغربي تميز، في جولة مانهاست الرابعة، بما وصفته بالتطبيع مع خطاب الجبهة والاعتراف بثنائية النزاع، كما تحاشى، خلال هذه المحطة، التشكيك في تمثيلية البوليساريو وأهليتها كشريك في المفاوضات، وأنه جلس ندا للند مع خصمه عكس ما شاب الجولات الماضية.