لم يكن استدعاء أسماء المهدي من «مختبر جامعة الأخوين للتكنولوجيا الرقمية في خدمة التنمية»، إلى خشبة الأممالمتحدة بفيينا، اعتباطيا أو مجرد حظ، بل اعترافا ضمنيا من الهيأة بكونها نموذج المرأة العربية المسلمة المساهمة في الحركة التنموية عبر مشاريع الإدارة الإلكترونية، وهي التي جالت عدة عواصم ودول لاستعراض التجربة المغربية في مجال التكنولوجيا الرقمية. هذا التشريف جاء نتيجة نجاحها والمختبر المذكور في خلق وتطوير نظام معلوماتي معزز بشباك أوتوماتيكي لتقديم خدمات الحالة المدنية بجودة عالية وجهد أقل، وبشكل فوري وفي وقت قياسي، مما يمكن المواطن من ربح الوقت والتكلفة والجهد، وبالتالي تفعيل مبدأ تقريب الإدارة من المواطنين. درست أسماء المهدي بمدينة وزان قبل الانتقال في أواخر التسعينات للدراسة بجامعة الأخوين بإفران بعد حصولها على شهادة الباكلوريا بتفوق، وأصبحت بذلك المرأة الوحيدة من وزان التي تابعت دراستها بهذه الجامعة. بعد أربع سنوات من الدراسة في كلية الآداب الإنسانية وعلوم الاجتماع، حصلت على الإجازة في الدراسات والعلاقات الدولية شعبة التنمية والتعاون الدولي في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وهي تجربة فتحت لها أبواب النجاح والعمل والكسب بعرق الجبين. وقد ساعدها في التألق طبيعة البحث الذي قامت بها بفضل الشراكة بين جامعة الأخوين والمركز الملكي للاستشعار الفضائي، حيث عملت على استعمال ومعالجة صور رقمية فضائية لتقييم الحالة الصحية لغابة شجر الأرز بأزرو، بهدف كشف تدهور وتراجع مساحة غابة هذا النوع من الشجر، وتحسيس القائمين علي قطاع المياه والغابات بأهمية تحديث أساليب تدبير الموارد الطبيعية للبلاد وذلك باستعمال معطيات وبيانات رقمية فضائية. كما ساعدها تفوقها الدراسي في قبولها بمختبر جامعة الأخوين للتكنولوجيا الرقمية في خدمة التنمية، الذي انضمت إليه في 2004 بعد تأسيسه بسنتين فقط بمبادرة من الدكتور إدريس الكتاني لحل مجموعة من الاختلالات ومواجهة الهوة الرقمية. كان هدفها في هذا المختبر تطوير حلول تكنولوجية تستجيب للحاجيات اليومية للمجتمع واستراتيجياته السوسيو-اقتصادية الهادفة إلى الدفع بمسيرة التنمية إلى الأمام. وهي تشتغل حاليا على تجارب المختبر التنموية للإدارة الإلكترونية، من أجل إدخال واستعمال وحسن توظيف التكنولوجيا بغية تحديث أساليب عمل الإدارة، وتحديدا مكاتب الحالة المدنية، وتحسين جودة الخدمات وعقلنة عاملي الزمن والجهد في تلقي الخدمات. وقد نجح المختبر في خلق وتطوير هذا النظام المعلوماتي لأنه جد متطور ويشمل مكونات تكنولوجية متكاملة تخدم الموظفين والمواطنين على حد سواء. هذا المشروع يعتبر سابقة في تاريخ المغرب، وقد شارك في مسابقات الإدارة الإلكترونية، وحصل على الجائزة الوطنية للإدارة الإلكترونية «امتياز 2006»، قبل أن يحصد الجائزة الإفريقية «TIGA 2007» وجائزة الأممالمتحدة «UNPSA 2007». وبفضل هذا المشروع استدعيت على خشبة الأممالمتحدة ضمن الفريق المغربي المكون من الدكتور كتاني مدير المختبر وعلوي تيتنا رئيس مقاطعة أكدال بفاس ونور الدين بوطيب والي الجماعات المحلية، إلى جانب فريقي كوريا الجنوبية والإمارات، اعترافا من الهيأة بكونها نموج المرأة المسلمة العربية الإفريقية المغربية المساهمة في الحركة التنموية عبر مشاريع الإدارة الإلكترونية. وبفضل ذلك مثلت المغرب في عدة منتديات ومؤتمرات لعرض وتقديم الإدارة الإلكترونية لفاس، باعتبارها تجربة مغربية رائدة في مجال التكنولوجيا، خاصة في كيبيك وأوتاوا بكندا ونيروبي بكينيا وميامي الولاياتالمتحدة وفونيز بإيطاليا وكاب بجنوب إفريقيا والجامعة الأمريكية ببيروت وفيينا بالنمسا ومؤتمر عولمة المعرفة بكوالامبور. وفي كل هذه المؤتمرات العالمية للإدارة الإلكترونية، كنت الباحثة والمشاركة الأصغر سنا والمرأة المغربية التي تمثل منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، بهدف استعراض مدى نجاحها في خلق وتطوير نظام معلوماتي معزز بشباك أوتوماتيكي لتقديم خدمات الحالة المدنية بجودة عالية وجهد أقل وبشكل فوري.