أمام توالي الزيادات المهولة في أسعار المواد الأساسية وتنامي موجة الغلاء، تزداد، يوما بعد يوم، درجة حرارة الحراك الشعبي تجاه ضرب القدرة الشرائية للمواطنين الذي لم يعد في منأى عنه حتى الفئات المنتسبة إلى شريحة الطبقة الوسطى. وضعية حدت بكل من الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، المحسوب على حزب العدالة والتنمية، والتنسيقية المحلية لمناهضة ارتفاع الأسعار بالدارالبيضاء إلى اختيار نهاية الأسبوع الجاري يوما للاحتجاج على ضرب القدرة الشرائية للمواطنين وعلى مسلسل الزيادات في الأسعار. حيث قررت نقابة العدالة والتنمية تنظيم وقفة احتجاجية وطنية أمام مقر البرلمان بالرباط، في حين اختارت التنسيقية المحلية تنظيم وقفتها بساحة بوشنتوف بأحد الأحياء الشعبية بمدينة الدارالبيضاء. وحول دواعي تصعيد وتيرة الاحتجاج ضد موجة الغلاء، قبيل انعقاد الجولة الثانية من جلسات الحوار الاجتماعي بين الحكومة والمركزيات النقابية، أوضح عبد القادر طرفاي، نائب الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أن هذه الوقفة تم اتخاذها كرد على موجة الغلاء المتواصلة، والتي بلغت في الآونة الأخيرة حدا لا يطاق نتيجة الزيادات المهولة في أثمنة المواد الاستهلاكية الأساسية والخدمات الحيوية، وما نتج عن ذلك من تدهور غير مسبوق في القدرة الشرائية لعموم المواطنين المغاربة، مشيرا، في تصريح ل«المساء»، إلى أنه سبق لنقابته أن وجهت مذكرة في الموضوع إلى الحكومة لكنها لم تتلق، إلى حد الآن، أي رد إيجابي عنها، مضيفا أن تقييمهم للأداء الحكومي بخصوص هذه المسألة، وقف عند العجز «الفادح» لهذه الأخيرة في مواجهة ما سماه مافيات الاحتكار بالسوق الداخلية وضعف آليات مراقبة الأسعار، واستمرار نزيف صندوق المقاصة وعدم وصول مخصصاته إلى الفئات الأكثر حاجة. وأورد بيان داع إلى هذه الوقفة، توصلت «المساء» بنسخة منه، أن الهدف المتوخى من هذه الوقفة هو حمل الحكومة على الاستجابة لعدد من المطالب المتعلقة بتحسين القدرة الشرائية للمواطنين وعموم الشغيلة المغربية، والمتمثلة في إقرار زيادة عامة في الأجور والرفع من الحد الأدنى للأجر، وخاصة بالنسبة إلى العمال والمستخدمين، مع إصلاح منظومة الأجور ومراجعة شبكة الأرقام الاستدلالية وتنفيذ الالتزام الحكومي السابق بشأن تطبيق السلم المتحرك للأجور والزيادة في التعويضات العائلية. وفي الوقت الذي ستنظم فيه هذه الوقفات الاحتجاجية للمطالبة بوقف نزيف الزيادات في الأسعار، سطر تجمع اليسار، المكون من كل من حزب الطليعة والاشتراكي الموحد والمؤتمر الوطني الاتحادي والنهج الديمقراطي، برنامجا مماثلا يستهدف الدفاع عن المدرسة العمومية، حيث قررت لجنة المتابعة، التي تشكلت مؤخرا من قبل هذه المكونات، تنظيم سلسلة من الوقفات الاحتجاجية أمام الأكاديميات التعليمية يوم 27 مارس الجاري، وذلك من أجل المطالبة بتعليم عمومي جيد ومجاني للجميع. وأوضح عبد المجيد الراضي، عضو لجنة المتابعة عن النهج الديمقراطي، أن إقرار هذا البرنامج سبقه تنظيم ندوة وطنية حول الموضوع، حضرتها المكونات المشار إليها، حيث وقف المشاركون عند الاختلالات البنيوية التي يعاني منها التعليم العمومي ببلادنا، مضيفا أن مكونات تجمع اليسار سطرت، إثر ذلك، برنامجا متكاملا من أجل وقف ما وصفته بانهيار المنظومة التعليمية. وحول ما إذا كان هذا البرنامج نوعا من التجاوز لاختصاصات المركزيات النقابية الموجودة، أوضح الراضي أن النقابات مجالاتها مرتبطة بالمدرسة العمومية وبقضايا العاملين وشغيلة القطاع، أما تجمع اليسار فهو منشغل بالخدمات العمومية، مشيرا إلى أن هذه المبادرة لا تتعارض مع مطالب المركزيات النقابية بل تعززها وتدعمها، حسب تعبيره.