لم تتوقف حناجر أعضاء وعضوات "تنسيقيات مناهضة غلاء الأسعار وتدهور الخدمات العمومية"، خلال سنة 2009، عن التنديد بما تسميه "الزيادات الحارقة والمتتالية" في أسعار عدد من المواد والمنتوجات والخدمات العمومية، التي تعتبر مكونا أساسيا في الاستهلاك اليومي للمواطن المغربي. ونظمت التنسيقيات المحلية، خلال سنة 2009، العديد من الوقفات الاحتجاجية في كثير من المدن المغربية، وارتفعت وتيرتها هذه الاحتجاجية مع الزيادات "الصاروخية" في أسعار المواد الغذائية، خلال شهر رمضان، إذ وجد المواطنون في هذه الوقفات السبيل الأوحد للتعبير عن مدى تضررهم من هذه الزيادات، من أجل دفع الحكومة إلى التراجع عنها، والتخفيف من حدتها. وقال محمد غفري، المنسق الوطني لتنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية، إن عمل التنسيقيات شهد ارتباكا تنظيميا وتعثرا، خاصة بعد الملتقى الوطني الرابع، في مارس 2008، ما جعل عملها، من بداية 2009، خاف وغير قوي. وأوضح غفري، في تصريح ل "المغربية"، أن مناضلي التنسيقيات حاولوا، في تلك الفترة، رأب الصدع في ما بينهم، وتقريب وجهات النظر في ما بينهم، ونجحوا فعلا في الاشتغال من جديد بشكل جماعي، والنزول بشكل موحد إلى الساحة. وذكر أن أول نزول جماعي للتنسيقيات خلال 2009، كان أواخر غشت المنصرم، تحت "ضغط الارتفاع المهول، الذي شهدته مجموعة من المواد الاستهلاكية الأساسية". وأضاف أن "الهجمة الشرسة، التي تعرضت لها القدرة الشرائية، جعلت المناضلين يذوبون خلافاتهم، وينزلون إلى الساحة بمجموعة من الوقفات، انطلقت منذ 28 غشت، إلى غاية الآن، وعرفت أوجها خلال شهري شتنبر وأكتوبر، اللذين تعرضت فيهما التنسيقيات، في مناطق عدة، لقمع شرس من طرف السلطات المحلية". وشدد المنسق الوطني على أن حضور التنسيقيات، من خلال الاحتجاجات، والنزول إلى الشارع، ساهم في دفع السلطات المختصة للتدخل، بهدف الحد ما أمكن من غلاء مجموعة من المواد، الذي يرجع سببه، أحيانا، إلى المضاربة والجشع، وأحيانا أخرى إلى السياسة الاقتصادية للبلاد. وأفاد غفري أن التنسيقيات "استوعبت أن قوتها تكمن في وحدة مناضليها، وهذا ما جعل المعارك القوية، التي خاضتها على مستوى الرباط – سلا- تمارة، بخصوص قطاع النقل، تكون ناجحة"، مشيرا إلى أن "هذه المعارك لقيت صدى طيبا بشكل كبير وسط السكان، الذين أحسوا أنه، تحت الضغط الذي فرضته التنسيقيات، تحركت السلطات من أجل التغلب على هذا المشكل، وتحسين جودة هذا القطاع". كما لم تفوت لجنة المتابعة الوطنية لتنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية مناسبة اليوم العالمي للفقر، الذي يصادف 17 أكتوبر من كل سنة، إذ جعلت منه يوما من أجل الاحتجاج ضد غلاء الأسعار. وكانت لجنة المتابعة دعت "جميع الفقراء، يوم 17 أكتوبر، للتحرر من كل التزاماتهم، والخروج إلى الشارع للاحتجاج ضد الغلاء، ورفع شعارات منددة بالزيادات". وأفادت لجنة المتابعة أن هذا اليوم الاحتجاجي جاء "استمرارا للمعارك النضالية لتنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية، ودفاعا عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ومن أجل تنمية مستدامة والحق في الشغل والسكن والأمن والصحة والتعليم". يذكر أن تنسيقيات مناهضة الغلاء تأسست إثر اجتماع عدد من الهيئات السياسية، والنقابية، والحقوقية، للتشاور حول موجة الزيادات في الأسعار والغلاء، التي عرفتها البلاد بشكل متصاعد في الآونة الأخيرة، وبحث السبل الكفيلة لمواجهة هذه الزيادات، على اعتبار أنها تنهك القدرة الشرائية للمواطنين، وتخرق حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية.