بدأت الزيادات الصاروخية في أسعار المواد الغذائية، خلال شهر رمضان، تشعل نار الاحتجاجات في المدن المغربية، حيث نظم عدد من الوقفات الاحتجاجية وبرمجت أخرى، في الأسبوع الجاري، للتنديد بغول الغلاء الذي أنهك القدرة الشرائية للمواطنين. "" وتحركت تنسيقيات مناهضة غلاء الأسعار وتدهور الخدمات العمومية، بعدما قفزت أثمان مختلف المواد الغذائية إلى أرقام قياسية، تزامنًا مع الدخول المدرسي، الذي أدخلت مصاريفه شريحة مهمة من ذوي الدخل المحدود في دوامة الديون. ويعول على هذه الوقفات، التي أخرجت المئات من المحتجين إلى الشوارع، أن تعمل دور الحملات التحسيسية من أجل دفع الحكومة إلى التراجع عن تلك الزيادات، على الرغم من إلتزامها بالسيطرة على ارتفاعات الأسعار المتتالية وكبح جماحها. وكانت موجة الغلاء ابتدأت في الواقع مع بداية شهر غشت، على خلفية استعداد الأسر لشهر الصيام، ما رفع مستويات الأثمان، تدريجيًا، لتبلغ مداها مع بداية رمضان. وكان شهر يوليوز 2009، سجل ارتفاعًا طفيفًا في الأسعار، مقارنة مع الرقم المسجل، خلال الشهر السابق. وذلك راجع إلى زيادة قليلة في الرقم الاستدلالي للمواد غير الغذائية، واستقرار الرقم الاستدلالي للمواد الغذائية، على الرغم من ارتفاع أسعار السمك الطري واللحوم الحمراء. وحسب المندوبية السامية للتخطيط، سجل الرقم الاستدلالي لتكلفة المعيشة، في يوليو، ارتفاعًا طفيفًا يقدر ب 0.1 %، مقارنة مع شهر يونيو. ونتج هذا الارتفاع من استقرار الرقم الاستدلالي للمواد الغذائية وارتفاع الرقم الاستدلالي للمواد غير الغذائية ب 0.1. %. وقال محمد الغفري، المنسق الوطني ل "تنسيقيات مناهضة غلاء الأسعار وتدهور الخدمات العمومية"، إن هذه التحركات جاءت نتيجة الزيادات التي عرفتها مجموعة من المواد الغذائية والخدماتية، مشيرًا إلى أن "هذه الزيادات لا مبرر لها، خاصة أن الموسم الفلاحي في بلادنا كان جيدًا، والمنتوج متوافر". وذكر محمد الغفري، أن "هذه الزيادات ناتجة من المضاربات"، مضيفًا أن "مجموعة من التنسيقيات في عدد من المدن استجابت لدعوى تنظيم الوقفات على المستوى الوطني، في حين تتهيأ أخرى للنزول إلى الشارع قريبًا". وأوضح أن المحتجين، الذين شاركوا في الوقفة التي كان من المنتظر تنظمها في ساحة البريد في مدينة الرباط، تعرضوا للقمع بعد منع الوقفة، مبرزًا أن "عددًا منهم أصيبوا برضوض نتيجة التدخل العنيف للسلطات الأمنية". وأبرز المنسق الوطني ل "تنسيقيات مناهضة غلاء الأسعار وتدهور الخدمات العمومية" أن "هذه الاحتجاجات لن ترتبط زمنيًا برمضان فقط، لأن الزيادة لم تكن هذا الشهر فقط بل بدأت من غشت الماضي، مؤكدًا أن "التنسيقيات تتهيأ لمعركة وطنية ينتظر أن تكون في الشهر المقبل". وأشار إلى أن الحكومة للأسف لم تستعد للدخول الاجتماعي ورمضان، "واكتفت فقط بزجر غير المشهرين للأسعار، وليس الذين يقفون وراء الزيادة في الأثمان". وتحتل النفقات الغذائية في المغرب المرتبة الأولى في ميزانية الأسر، استنادًا إلى نتائج بحث منجز أخيرًا حول نفقات الأسر. وانتقلت نسبتها من 48.6 %، سنة 1985، تاريخ إجراء بحث مماثل، إلى 41.3 %، ثم إلى أقل من ذلك سنة 2007، ما يفيد أن أي ارتفاع في أسعار المواد الغذائية يؤثر طبيعيًا في الميزانية العامة للأسر. ويترتب عن تصاعد الطلب على المواد الغذائية في رمضان، ارتفاع تكلفة المعيشة في أوساط غالبية الأسر المغربية، إذ يسجل المؤشر أقوى ارتفاع ببلوغ نسبة 1.3 %، نتيجة ارتفاع أثمان المنتوجات الغذائية بنسبة 2.7 %، مقابل 0.2 %، بالنسبة إلى المواد غير الغذائية. يشار إلى أن وزارة الداخلية وعدت بأن يمر تموين الأسواق، خلال هذا الشهر، في ظروف جيدة، مع توافر المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع، وتراجع الأسعار مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2008. وذكرت الوزارة، في بلاغ لها، أنه جرت دعوة مصالح المراقبة إلى التحلي باليقظة اللازمة لضمان السير العادي للأسواق، ومواجهة أي خطر للمضاربة على أسعار المنتوجات ذات الاستهلاك الواسع. ويتوقع، بفضل وفرة المحصول الفلاحي للموسم الحالي، أن تكون الأسواق المحلية متوافرة على كل المواد الاستهلاكية، لتغطية الطلب، خلال شهر رمضان، مع مراعاة الجودة، كما يرتقب أن تبقى الأسعار في مستوى معقول، خاصة بعد انخفاض أسعار جل المواد الأكثر استهلاكًا في الأشهر الأخيرة، كما جاء في بلاغ سابق للوزارة الأولى. *( إيلاف)