توقع الخبير الاقتصادي عمر الكتاني أن يكون للزيادات المرتقبة في أسعار المواد الأساسية، التي تنطوي عليها الموازنة المالية ل 2010، انعكاس مباشر على الفئات محدودة الدخل التي تمثل القاعدة الواسعة للهرم السكاني المغربي. وأوضح الكتاني في تصريح ل«المساء» أن الحكومة اختارت أن تحل الأزمة التي تعاني منها نتيجة الأزمة العالمية عبر فرض زيادات في المواد الأساسية التي يقبل عليها غالبية المواطنين، مقابل غض الطرف عن المواد الكمالية التي تستهلكها فئات قليلة. واعتبر الكتاني أن الزيادات المرتقبة في أسعار الماء والكهرباء وبعض المواد الغذائية الأساسية كالسكر نتيجة لتجميد العمل بصندوق المقاصة الذي كان يدعم هذه المواد. وأضاف الكتاني أن المغرب دخل بذلك مرحلة ثانية وهي ما بعد إزالة الدعم عن هذه المواد. وأبرز الخبير الاقتصادي أن من شأن هذه السياسة التي تعتزم تطبيقها حكومة عباس الفاسي أن تمارس ضغطا اجتماعيا على الفئات الواسعة للشعب المغربي، كما أنها تكشف بالملموس أنها لم تكن تعد أي مخطط لمواجهة انعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية على الواقع المغربي، مشيرا في السياق ذاته إلى أن الحكومة فشلت في إعداد مخطط يحافظ على مستوى معين للاستهلاك وعلى مستوى التشغيل والإنتاجية. وأوضح الكتاني أن الحكومة لم يكن بمقدورها مواجهة تداعيات هذه الزيادات حتى وإن قامت بضخ أموال إضافية في خزينة الدولة للزيادة في رواتب الموظفين لأن هؤلاء يمثلون فقط أقلية وسط المواطنين. وأمام المد المستمر لموجات الغلاء، صارت الوقفات التي تنظمها تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار تستوطن الأحياء الشعبية التي يكتوي قاطنوها بلهيب ارتفاع الأسعار. واختارت تنسيقية الدارالبيضاء لمناهضة غلاء المعيشة وتدهور الخدمات العمومية حي بوشنتوف الشعبي، الذي انطلقت منه شرارة الانتفاضة الشعبية لانتفاضة شهداء كوميرا سنة 1981، لتنظيم وقفة مناهضة لارتفاع الأسعار مساء غد الجمعة. وأوضح منظمو الوقفة أنهم قرروا الاحتجاج من أجل التعبير عن إدانتهم لما أسموه سياسات التجويع والتفقير الجماعي وضرب القدرة الشرائية للمواطنين. وأوضح عبد السلام أديب، الناشط الحقوقي وأحد مؤسسي تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار، أن موجة الغلاء الأخيرة طالت عددا من المواد الأساسية، من بينها فواتير الماء والكهرباء حيث اشتكى العديد من المواطنين من المبالغ الخيالية التي حملتها فواتيرهم التي توصلوا بها هذا الشهر. ومقابل ارتفاع الأسعار، يضيف أديب في تصريح ل«المساء»، هناك انكماش كبير في سوق الشغل بعد ارتفاع عدد التسريحات الجماعية للعمال، خاصة في قطاع النسيج. وعزا الناشط الحقوقي موجة الغلاء الأخيرة إلى السياسة المنتهجة من طرف الحكومة المتمثلة في تمكين الشركات للحصول على السيولة المالية على حساب القدرة الشرائية للكادحين. واعتبر أديب مسلسل ضرب القدرة الشرائية للمواطنين أحد تجليات هبوط اللوبي لقاع الأزمة التي يعيش على إيقاعها المغرب منذ سنوات وأن الدولة فسحت المجال للوبيات المال لتعويض خسارتها على حساب المواطنين. ولا يستبعد الناشط الحقوقي أن تتكرر أحداث صفرو وسيدي إيفني ما لم تتراجع الدولة عن مسلسل الزيادات في الأسعار.