أثار الإعلان عن الزيادة في ارتفاع أسعار المحروقات أخيرا، من لدن الوزارة المكلفة بالشؤون العامة للحكومة، الكثير من المخاوف حول الآثار الاجتماعية والاقتصادية لهذه الزيادة على المستهلك المغربي، ولدى الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، ذلك أن ارتفاع أسعار المحروقات يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج والتسويق، ومن ثم ارتفاع المستوى العام للأسعار، الذي يؤدي بدوره إلى الحد من نسبة النمو الاقتصادي، وهي آثار يدفع فاتورتها المواطن المغربي في المقام الأول. وفي تصريح لالتجديد، أكد الدكتور عمر الكتاني، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس، أن المشكل الأساس الذي كشفته الزيادة في المحروقات بالنسبة للمغرب، كونه لم يهيئ نفسه للتقلبات العالمية في مجال الطاقة، وبالتالي لم يوفر بنية تحتية لاستيعاب النتائج المترتبة عن المشكل، عن طريق تعويض حاجياته بطاقات بديلة، بل إنه تخلى عن مشروعات استراتيجية أقبرت، منها مشروع إنشاء الطاقة الذرية والشمسية. وأضاف الكتاني أن المغرب مقبل على مواعيد التحرير النهائي مع الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة، دون استراتيجية واضحة في هذا الصدد، فضلا عن كونه لم يستثمر إمكاناته للاستفادة من الغاز الطبيعي، الذي يمكن توفيره بأقل تكلفة، والذي لا تتجاوز نسبة استغلاله من حصيلة الطاقة الوطنية 0٫36 في المائة. وأوضح الكتاني أن ارتفاع كلفة الطاقة، ستؤثر بشكل كبير على الإنتاج والتسويق الوطني، والتي سيكون لها ارتفاع مضاعف على المواد والمنتجات المستوردة، الأمر الذي سيجعل الإنتاجية مهددة في المستقبل، خاصة وأن المغرب يعتمد بشكل كبير على الطاقة. وحذر المتحدث نفسه من الكلفة الاجتماعية، التي يمكن أن يسببها تقلص الإنتاجية، وستتمثل في ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل. منبها على انعكاسات تكلفة ارتفاع الطاقة على المواطن المغربي، سواء من حيث القدرة الشرائية، أو توسيع دائرة الفئات الفقيرة، مشيرا إلى انخفاض الدعم الذي كان يقدمه صندوق المقاصة للمواد الأساسية، تحت ضغط البنك الدولي، وهو ما سيؤدي إلى ضعف الاستهلاك لدى فئات واسعة من المواطنين، خاصة من ذوي الدخل المتوسط التي ستدخل في عداد الفئات الفقيرة، وأبرز الخبير الاقتصادي، أن المستهلك ليست له أية حماية في السياسة الاقتصادية للمغرب، محذرا من أن يؤدي خفض قدرة الاستهلاك إلى خفض قيمة الدرهم، الذي يؤثر كثيرا على الواردات الصناعية، ومن شأنه أن يؤثر في منسوب الاستثمار، وينتج عنه انكماش الاقتصاد الوطني، الذي هو بحاجة للتأهيل في مواجهة تحديات رهانات الانفتاح الحر، ودعا الكتاني إلى ضرورة نهج سياسة التقشف وترشيد الاستهلاك، بالنسبة لكل الموارد الأساسية، وفي مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية. في الاتجاه نفسه، أكد الكاتب العام لجمعية منتجي ومصدري الخضر والفواكه، محمد الزاهيدي، أن ارتفاع أسعار المحروقات ستكون له آثار سلبية على الفلاحة المغربية، التي تعاني من صعوبات على مستوى تمويل السنة الفلاحية في ما يخص الأسمدة والجفاف والتقلبات المناخية وغياب الدعم من الدولة، مما يحد من تطور الفلاحة بالمغرب، وتأهيلها للتنافسية في الأسواق الخارجية، وأضاف الزاهيدي أن ارتفاع تكلفة الطاقة سيكون له تأثير على تكلفة نقل البضائع إلى الخارج، كما له نفس التأثير على البضائع المستوردة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتوجات، الذي له انعكاسات على الاستهلاك الوطني، ناهيك عن التأثير السلبي على القدرة التنافسية للفلاح المغربي خلال الشهور القادمة، وأكد المتحدث نفسه أن ارتفاع أسعار الطاقة سيؤدي إلى مشاكل اجتماعية، حيث من المنتظر أن يتم تسجيل انخفاض في اليد العاملة على المدى المتوسط. من جهة أخرى، كشفت مديرية الدراسات والتوقعات المالية بوزارة المالية والخوصصة، عن دراسة توضح الخيارات المستقبلية للمغرب في مجال الطاقة، انطلاقا من مخطط وطني يستهدف رفع نسبة الاستعمال للغاز الطبيعي إلى 23 في المائة، في أفق 2020، حيث يرتقب أن يكون قطاع الكهرباء أول مستفيد من استعمال الغاز الطبيعي، وتتوقع الدراسة أن يبلغ الاستهلاك الوطني من هذه المادة حوالي 51 مليون متر مكعب، وهو ما سيمكن المغرب من اقتصاد 100 مليون دولار من كل مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، أي ما يعادل 6 في المائة، من كلفة الطاقة الوطنية.